بينما تعتبر ألغاز إنجازات قدماء المصريين كثيرة لا تعد ولا تحصى، إلا أنّ حيل طقوس اعتناء المصريات ببشرتهن ليست خفية. قد يبدو المكياج كأنه ظاهرة حديثة وصناعة تقدر بمليارات الدولارات، ولكن مستحضرات التجميل كانت حاضرة في الحياة اليومية بالعالم القديم وبالأهمية نفسها. منذ العصور الأولى للممالك المصرية الفرعونية المتعاقبة، كان استخدام مكياج العيون وظلال العيون وأحمر الشفاه معتمداً من قبل الرجال والنساء من جميع الطبقات الاجتماعية.
ولعل أشهر من استخدم مستحضرات التجميل قديماً أكثر ملكات مصر شهرة: كليوباترا ونفرتيتي. ومع ذلك، لم يقم المصريون القدماء بوضع الماكياج لتحسين مظهرهم فحسب، بل كانت لمستحضرات التجميل أيضاً استخدامات عملية أو وظائف دينية أو معانٍ رمزية.
وتثبت الآثار والسجلات أنهم أخذوا روتين الجمال على محمل الجد: المصطلح الهيروغليفي لفنان التجميل مشتق من الجذر "sesh"، الذي يترجم إلى الكتابة أو النقش، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى كثير من المهارة لتطبيق "الكحل" أو أحمر الشفاه.
لذا، تم تنفيذ أرقى طقوس الجمال في مراحيض النساء المصريات الثريات، وبالطبع قبل وضع أي مكياج، كانت تقوم أولاً بإعداد بشرتها.
طقوس اعتناء المصريات ببشرتهن
قدمت الصور المرسومة على جدران الآثار المصرية لمحة لروتين الجمال، فقد تبدأ المرأة بتقشير بشرتها بأملاح البحر الميت أو تستمتع بحمام من الحليب.
وتبين أن أقنعة الوجه المصنوعة من الحليب والعسل كانت علاجات شائعة، حسب ما نشره موقع CNN.
كما وُضعت حبيبات البخور على منطقة الإبط كمزيل للعرق، وزيوت معطرة بالزهور أو التوابل لتنعيم البشرة.
كما ابتكر المصريون طريقة طبيعية لإزالة الشعر بمزيج من العسل والسكر، بالفعل، أعادت شركات التجميل إحياء "السكر"، كما يطلق عليه اليوم، كبديل أقل إيلاماً للشمع الساخن.
بعد كل هذا، تجلب الخادمة العديد من المكونات والأدوات اللازمة لإنشاء وتطبيق مكياجها. كانت هذه الأجهزة والحاويات وأدوات التطبيق في حد ذاتها من الأشياء الفنية الفخمة التي تعكس الوضع الاجتماعي.
تحتوي عبوات الكالسيت على مكياج أو أدوات تجميل وعطور وحاويات لطلاء العيون والزيوت المصنوعة من مواد باهظة الثمن مثل الزجاج أو الذهب أو الأحجار شبه الكريمة.
كانت مهمة الخدم صناعة ظل جفون بخلط مسحوق الملكيت مع الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية. وبينما تجلس السيدة في مرحاضها، أمام "مرآة" برونزية مصقولة، كانت الخادمة تستخدم عصا طويلة من العاج- ربما تكون منحوتة بصورة للإلهة حتحور- لتزيين العين بالصبغة الخضراء الغنية، وتماماً كما تفعل النساء اليوم، يتبع هذا التحضير تظليل العيون بخط سميك من الكحل الأسود حول عينيها.
كانت لهذا الجزء من الروتين أغراض عملية تتجاوز تجميل من يرتديه. تم استخدام الكحل من قِبل الجنسين وجميع الطبقات الاجتماعية لحماية العين من وهج الشمس الشديد.
والكلمة المصرية لـ"لوحة المكياج" مشتقة من كلمتهم التي تعني "حماية"، في إشارة إلى قدراتها الدفاعية ضد أشعة الشمس القاسية أو "العين الشريرة".
إضافة إلى ذلك، فإن المعدن السام الذي يتكون من الرصاص له خصائص مضادة للجراثيم عندما يقترن برطوبة العين.
الطين وزيت الزيتون
بدورها قالت طبيبة الأمراض الجلدية المعتمدة من ولاية كونيتيكت، منى جوهرة، لمجلة Allure الأمريكية، إن المصريين القدماء كانوا يستخدمون ملح البحر كمُقشر لتنعيم البشرة، وتطور منه عدد لا يحصى من مقشرات الجسم الموجودة اليوم.
وقالت إن المصريين القدماء كان لهم أثر كبير في صناعة الجمال؛ لمهارتهم في استخدام المواد الطبيعية لإنشاء تركيبات ومساحيق للعناية بالبشرة لا يزال الناس يستخدمونها حتى يومنا هذا.
وفي العصور القديمة، كانت الملكات الإفريقيات يصنعن عجينة من الطين وزيت الزيتون لتنظيف وجوههن. وثبت أن استخدام هاتين المادتين الطبيعيتين مفيد جداً.
وقالت منى موضحة: "صنعن منتجاً متعدد المهام: فالطين يرطب والزيت يُنعّم".
وهذه التركيبة لا تزال مستخدمة في منظفات وجه يمكنك شراؤها اليوم، مثل غسول Skinfix Barrier + Foaming Clay Cleanser، الذي يشبه العجينة التي كان المصريون القدماء يستخدمونها.
وهذا الغسول الرغوي غني بزيت الجوجوبا والكاولين والطين الجليدي لترطيب البشرة وتنقيتها.