طورت لغات البرمجة وحاسوباً استخدم في الحرب العالمية الثانية! قصّة أول امرأة نالت درجة الشرف في التكنولوجيا

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/04 الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/04 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
جريس هوبر /gettyimages

نسمع كثيراً اليوم عن لغات البرمجة والترميز، خاصة أن تعلمها أصبح متاحاً في بعض المدارس. كما أن الكثير من الناس يحاولون تعلم هذه اللغات وإتقانها لتصبح مصدر رزق لهم عن طريق تصميم مواقع الويب وأنظمة الكمبيوتر والتطبيقات.

وإن عدنا في التاريخ إلى الوراء سنجد أن هناك اسماً بارزاً في عالم اختراع لغات البرمجة والترميز، جريس موراي هوبر، التي اخترعت أول مترجم للغة برمجة الكمبيوتر وكانت أميرالاً في البحرية الأمريكية.

جريس هوبر، من طفلة مليئة بالفضول إلى دكتوراه في الرياضيات

جريس هوبر / Gettyimages

وُلدت جريس موراي في مدينة نيويورك في 9 ديسمبر/كانون الأول 1906، كانت الأكبر في عائلة مكونة من ثلاثة أطفال. ويشير أكثر من مصدر إلى أنها كانت فضولية عندما كانت طفلة، وكانت تهوى تفكي الأشياء وإعادة تركيبها.

ويشير موقع Scientific Women إلى أنه عندما كانت في سن السابعة قررت تحديد كيفية عمل المنبه، وفككت سبع ساعات منبه. 

تم رفض قبولها مبكراً في كلية فاسار في سن 16 عاماً؛ لأن درجات اختبارها باللغة اللاتينية كانت منخفضة جداً، لكن تم قبولها في العام التالي.

درست هوبر الرياضيات والفيزياء في كلية فاسار. وبعد تخرجها في عام 1928، انتقلت إلى جامعة ييل، حيث حصلت على درجة الماجستير في الرياضيات في عام 1930.

وفي نفس العام، تزوجت من فنسنت فوستر هوبر، لتصبح غريس هوبر (اسم احتفظت به حتى بعد طلاق الزوجين عام 1945).

ابتداءً من عام 1931، بدأت هوبر التدريس في فاسار بينما تابعت دراستها في جامعة ييل، حيث حصلت على درجة الدكتوراه في الرياضيات عام 1934- وكانت واحدة من أوائل النساء القلائل اللائي حصلن على مثل هذه الدرجة في زمنها.

انضمامها للبحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية وعملها في تصميم أولى لغات البرمجة

واصلت هوبر، التي أصبحت أستاذة مشاركة ومساعدة بروفيسور في فاسار، تدريس الرياضيات حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية حين قررت هوبر الانضمام إلى احتياطي البحرية الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول 1943، وفقاً لما ذكره موقع Yale News.

خلقت الحرب العالمية الثانية فرصاً للنساء لدخول القوى العاملة بأعداد أكثر من المعتاد. ومع ذلك، كان نجاح هوبر في مجال ومنظمات يسيطر عليه الذكور، بما في ذلك البحرية الأمريكية، استثنائياً.

بسبب وزنها الذي لم يتجاوز الـ54 وعمرها الذي كان 37 سنة، لم تقبل هوبر في السلاح البحري ولم تتمكن من المشاركة في المعارك ولكن تم تعيينها ملازماً بحرياً في مكتب مشروع حساب الذخائر في جامعة هارفارد، حيث تعلمت برمجة كمبيوتر Mark I في يونيو/حزيران عام 1944 بسبب خلفيتها الرياضية. 

عملت هوبر في فريق برمجة الكمبيوتر Mark I برئاسة المخترع والرياضي الأمريكي هوارد ايكن وقد ألفوا سوية ثلاث أوراق بحثية عن Mark I، وهو حاسوب الكتروميكانيكي عام الأغراض كان يستخدم في المجهود الحربي في المرحلة النهائية من الحرب العالمية الثانية.

جريس هوبر
صورة تعبيرية /istock

مهنة جديدة في الحوسبة

بعد الحرب، بقيت هوبر مع البحرية كضابط احتياطي. وبصفتها زميلة أبحاث في جامعة هارفارد، عملت على تطوير أجهزة الكمبيوتر Mark II و Mark III.

ويُنسب إليها ظهور مصطلح "تصحيح الأخطاء" أو "Debugging" لإصلاح مواطن الخلل في الكمبيوتر واختراع مصطلح "Computer Bug" الذي يشير لوجود خطأ في الكمبيوتر.

وفي رغبة منها في مواصلة العمل على أجهزة الكمبيوتر، انتقلت هوبر إلى العمل مع الشركات الخاصة في عام 1949، أولاً مع شركة Eckert-Mauchly Computer Corporation، ثم مع Remington Rand، حيث أشرفت على البرمجة لجهاز كمبيوتر UNIVAC.

وفي عام 1952، أنشأ فريقها أول مترجم للغات الكمبيوتر (المترجم يحول التعليمات المصاغة إلى كود يمكن قراءته بواسطة أجهزة الكمبيوتر).

وقد كان هذا المترجم مقدمة للغة الحوسبة الشهيرة COBOL، وهي لغة يتم استخدامها في جميع أنحاء العالم اليوم.

وعلى الرغم من أن هوبر لم تخترع COBOL، لكن المترجم الذي اخترعته كان حجر الأساس لهذه اللغة.

التقاعد لم يوقف هوبر عن العمل

تقاعدت هوبر من البحرية في عام 1966، ولكن بسبب عملها الرائد في مجال الكمبيوتر كان يتم استدعاؤها إلى الخدمة الفعلية في سن الستين للتعامل مع توحيد الاتصالات بين لغات الكمبيوتر المختلفة.

وفي عمر يناهز 79 عاماً، كانت بمثابة أميرال خلفي بالإضافة إلى الضابط الأكبر سناً في الخدمة.

وقد حصلت هوبر على الميدالية الوطنية للتكنولوجيا في عام 1991 – لتصبح أول امرأة تحصل على هذا الشرف، وفقاً لموقع Biography.

خلال فترة الحرب الباردة التي استمرت حتى عام 1991، استمر الاستثمار العسكري والتجاري في تكنولوجيا الكمبيوتر في النمو. ومع ذلك، ظل الكثير من الناس متشككين فيما يمكن أن تفعله أجهزة الكمبيوتر أو كيف يمكنها خلق مجالات وتطبيقات جديدة.

لكن هوبر كانت تعتقد أن التقدم في علوم الكمبيوتر سيستمر في التسارع وكانت تريد أن تعيش حتى عام 2000، من أجل رؤية التطورات غير المتوقعة التي حققتها أجهزة الكمبيوتر بحلول ذلك الوقت، لكنها فارقت الحياة قبل حلول ذلك التاريخ.

وفاتها وتخليد ذكراها

توفيت هوبر في فيرجينيا في الولايات المتحدة، في عام 1992 عن عمر يناهز 85 عاماً. ودُفنت في مقبرة أرلينغتون الوطنية في الولاية نفسها.

في عام 2004، كرمت جامعة ميسوري هوبر بمتحف كمبيوتر في حرمها الجامعي، أطلق عليه اسم "Grace's Place" تيمناً باسمها الأول غريس؛ حيث يتم عرض أجهزة الكمبيوتر ومكونات الكمبيوتر القديمة لتثقيف الزوار حول تطور التكنولوجيا.

كما يتم عقد مؤتمر Grace Hopper سنوياً وهو أكبر مؤتمر يجمع النساء في مجال الحوسبة. بالإضافة إلى وجود جائزة Grace Murray Hopper في مجال الحوسبة.

وفي عام 2016، تم تكريم هوبر بعد وفاتها بميدالية الحرية الرئاسية من قبل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

تحميل المزيد