اندلعت احتجاجاً على الفساد والتبعية لروسيا وانتهت بعودة النظام القديم.. قصة ثورة أوكرانيا البرتقالية

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/01 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/04 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش
الثورة البرتقالية /Istock

في محاولة للقضاء على الفساد وتحكُّم الحكومة ورجال الأعمال بالبلاد والتبعية لروسيا، قامت سلسلة من الاحتجاجات والأحداث السياسية في أوكرانيا بين نوفمبر/تشرين الثاني 2004 ويناير/كانون الثاني 2005 والتي عرفت باسم الثورة البرتقالية.

أما شعلة انطلاق الاحتجاجات فقد كانت تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح المدعوم من روسيا فيكتور يانوكوفيتش ضد منافسه الإصلاحي، فيكتور يوشينكو الذي دعا الناس للخروج في مظاهرات واحتجاجات تطالب بإعادة الانتخابات.

الثورة البرتقالية
الثورة البرتقالية /istock

انتخابات مزورة تطلق شرارة الاحتجاجات

في يوم الأحد، الموافق 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، جرت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها بشدة في أوكرانيا. وفي اليوم التالي، أصبح من الواضح أنه قد زوّرت الانتخابات لصالح المرشح رئيس الوزراء، فيكتور يانوكوفيتش.

نتيجة لذلك، أعلن نده فيكتور يوشينكو أنه قد تم التلاعب بنتائج الانتخابات وحث المواطنين على التجمع في ميدان ساحة الاستقلال في كييف وسط المدينة.

اختارت حملة يوشينكو اللون البرتقالي واسم "ثورة البرتقال" لها والذي لم يكن له أي دلالة أيديولوجية. وقد كان من الممكن أن يكون البديل هو اللونان الأزرق والأصفر للعلم الأوكراني، لكن يوشينكو لم يرد أن يوصف بأنه قومي أو متطرف، فاختار لوناً مغايراً.

ثورة استطاعت إعادة الانتخابات من دون اللجوء للعنف 

حدث الاحتجاج الشعبي في عدد من المدن الرئيسية في جميع أنحاء أوكرانيا ولكن تركز في ميدان وسط مدينة كييف وأُنشِئت نحو 1500 خيمة، أقيمت بسرعة على طريق رئيسي مجاور لكييف ويوصل

إلى الميدان.

جابت حشود من الناس الشوارع في جميع الأوقات، وكان عددهم يتضخم ليصل إلى مئات الآلاف كل مساء وكانوا يستمعون لخطابات يوشينكو وقادة ثوريين آخرين، وكانت تلك الخطابات تذاع عبر منصة رئيسية في الميدان على القناة الخامسة الأوكرانية.

كانت المعضلة التي يواجهها المتظاهرون هي أنهم يفتقرون إلى استراتيجية واضحة للاستيلاء على السلطة. ورغم أن بعض المتظاهرين طالبوا بالاستيلاء على المباني الحكومية، فإن يوشينكو ومعظم مستشاريه المقربين رفضوا رفضاً قاطعاً أي عمل قد يثير العنف وطالبوا الشعب بالاستمرار في الاحتجاج السلمي حتى رضوخ الحكومة لمطالبهم بإعادة الانتخابات.

كما كان هناك إدانة شديدة من أمريكا والاتحاد الأوروبي لعملية الانتخابات، التي اعتبروها غير شرعية. وقد كان المعسكر الغربي مؤيداً للثورة، بينما أصرّت روسيا على موقفها بأنها لم تر أي دليل على تزوير الانتخابات.

وبعد أن عمّت الاحتجاجات البلاد، وزادت الضغوطات الدولية، ألغيت نتيجة الانتخابات، وأمرت المحكمة العليا الأوكرانية بإعادة التصويت.

الثورة البرتقالية
صورة تعبيرية /Istock

فوز ساحق ليوشينكو يؤزّر انتصار ثورة البرتقال

وأخيراً، في 23 يناير/كانون الثاني من عام 2005، صادقت المحكمة العليا على نتائج الانتخابات وأدى قائد الثورة، يوشينكو، اليمين الدستورية وانتهت الاحتجاجات التي استمرت في الفترة من 22 نوفمبر/ تشرين الثاني حتى 8 ديسمبر/كانون الأول.

عهد يوشينكو.. خيبات أمل وإخفاق في تلبية الوعود

في ظل حكم يوشينكو أصبحت أوكرانيا أكثر مدنية وانفتاحاً على أوروبا. وأصبح المشهد الإعلامي خالياً من سيطرة الحكومة، وأصبحت الانتخابات النزيهة هي القاعدة، وبدا أن أوكرانيا تميل بشكل متزايد إلى التحرُّر من ماضيها السوفييتي. 

إلا أن الاضطرابات السياسية سيطرت على السنوات الأولى من رئاسة يوشينكو. واستمرت حكومته الأولى لنحو ثمانية أشهر فقط، حتى سبتمبر/كانون الأول 2005.

كما أقال يوشينكو جميع وزرائه، بمن فيهم رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، ورئيس الوزراء يوري يخانوروف اللذين كانا إلى جانبه في أحداث الثورة البرتقالية. 

وبعد خمس سنوات من الثورة، لم يستطع يوشينكو الوفاء بالعهود التي قطعها بتوفير ملايين فرص العمل، وزيادة الرواتب والمعاشات، وخفض الضرائب، ومحاربة الفساد، ومضاعفة الناتج الزراعي.

وزادت معدلات الفقر والبطالة، كما تفاقم عجز الميزانية واستشرى الفساد. وأصبحت الدولة مسرحاً لرجال الأعمال الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض للمعسكرين المتنافسين، وهما القسم الغربي المؤيد لزعيم الثورة يوشينكو، والشرقي الذي يدين بولائه لحزب المناطق بزعامة الرئيس السابق يانوكوفيتش.

ميدان العاصمة كييف /Istock

انتخابات برلمانية جديدة في 2007 وتعديلات دستورية

بعد فشل يوشينكو، الرئيس الذي جلبته الثورة، في تحقيق التوازن بين فروع السلطة اضطر إلى الدعوة لانتخابات برلمانية أخرى عام 2007، وفيها تراجع حزبه إلى المركز الثالث، خلف "حزب المناطق" بزعامة الرئيس السابق يانوكوفيتش، وكتلة يوليا تيموشينكو.

اضطر يوشينكو نتيجة ذلك إلى قبول منافسه يانوكوفيتش رئيساً للوزراء. ما أدى إلى خلق صراع على السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء، اللذين تعزز دورهما السياسي من خلال الإصلاح الدستوري الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2006، والذي نقل بعض صلاحيات الرئيس للبرلمان، خاصة ما يتعلق منها بتشكيل الحكومة، فأصبحت أوكرانيا دولة برلمانية رئاسية يتصارع فيها الرئيس والبرلمان والحكومة.

عودة "النظام القديم" للسلطة

أكدت الانتخابات الرئاسية اللاحقة، التي أجريت في 17 يناير/ كانون الثاني 2010 هزيمة الرئيس يوشينكو، الذي حصل على نحو 5% فقط من الأصوات. مقابل حصول المرشحين الآخرين، يانوكوفيتش وتيموشينكو، على نحو 35 و25% على التوالي.

ونظراً لأن أياً منهما لم يفز بأغلبية الأصوات، فقد أجريت الانتخابات مرة أخرى في 7 فبراير/شباط.

قُسّمت نتائج جولة الإعادة إلى حد كبير على طول الخطوط الإقليمية، حيث دعم معظم غرب أوكرانيا تيموشينكو، بينما فضّل معظم الشرق يانوكوفيتش. 

تولى يانوكوفيتش الرئاسة بحصوله على 48.95% من الأصوات، بفارق ضئيل عن تيموشينكو بنسبة 45.47%.وقد وصف أنصار يانوكوفيتش عودته للسلطة ونجاحه في الانتخابات بأنه "نهاية للكابوس البرتقالي"، وفقاً لموقع BBC. و"إزالة حطام سوء التفاهم والمشاكل القديمة التي ظهرت خلال سنوات السلطة البرتقالية".

تحميل المزيد