في 19 فبراير/شباط من العام 1942، وقع الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت المرسوم الرئاسي رقم 9066، والذي انتهى بسجن 120 ألف شخص في معسكرات اعتقال بلا أي ذنب أو جريمة، والسبب أصولهم اليابانية.
عاش معظم الأمريكيين من أصل ياباني على ساحل المحيط الهادئ أو في هاواي، التي كانت تابعة للولايات المتحدة، حيث تم اعتقال الأمريكيين اليابانيين بأعداد هائلة، واحتجازهم في السجون المحلية بعد أقل من أسبوعين من عملية بيرل هاربور الشهيرة.
وبينما تطغى صدمة قنبلتي هيروشيما وناغازاكي اللتين ألقتهما أمريكا رداً على العملية، ضاعت في أوراق التاريخ قصص هؤلاء الذين كانوا يعيشون على أراضي الولايات المتحدة.
المرسوم الرئاسي 9066 يستهدف اليابانيين في أمريكا
المرسوم الرئاسي لم يذكر على وجه التحديد الأمريكيين اليابانيين أو أي مجموعة أخرى، لكنه أدى إلى السجن القسري لأكثر من 100 ألف ياباني، ثلثيهم من ولدوا في أمريكا. ورغم أنه شمل بجملة اعتقالاته أمريكيين من أصول ألمانية وإيطالية، لكن الأغلبية كانت من أصول يابانية، حسب ما نشر موقع Immigration History.
على مدى الأشهر التي تلت توقيعه، أُجبر الأمريكيون اليابانيون في ما سُمي "مناطق الحظر العسكري" داخل كاليفورنيا وأريزونا وأوريغون وواشنطن على مغادرة منازلهم إلى مستقبل لا يمكنهم تخيله.
كان لديهم خيارات قليلة، سواء كانوا من الجيل الأول من المهاجرين المعروفين باسم "إيسي" أو أبنائهم "نيسي"، الذين كانوا مواطنين أمريكيين؛ سمح لهم أن يأخذوا ما استطاعت أن تحمله أيديهم فقط.
بموجب ما يسمى خطة "الاعتقال"، استثني حوالي 20 ألف أمريكي ياباني فقط من هذا القرار؛ على الرغم من أنهم كانوا يشعرون بأنهم غير مرحب بهم.
ساعدت اللغة الرسمية الملطفة في طمس مظالم أفعال الحكومة من خلال تسمية الأمريكيين اليابانيين المسجونين بـ"الأشخاص الذين تم إجلاؤهم"، عن طريق تصنيف معسكرات الاعتقال على أنها "مراكز تجميع".
وقوضت المصطلحات الرسمية في المرسوم الرئاسي 9066 من خطورة انتهاكات الحكومة لعقود.
كما سجنت الحكومة الأمريكية 11500 من أصل 5 ملايين أمريكي ألماني و3 آلاف أمريكي إيطالي آخر هاجروا حديثاً أو ولدوا لآباء مهاجرين، حسب ما نشر موقع US History Scene.
أدى اعتقال الأمريكيين من أصول يابانية بهذه الطريقة التعسفية إلى تاريخ طويل من التحيز والخوف. تجاهل المسؤولون تقارير الخبراء الذين أشادوا بولاء الأمريكيين اليابانيين.
كان يكفي أن يكون الفرد يابانياً فقط لكي يُسجن فيما وصفته الحكومة بـ"مركز إعادة التوطين الحربي". ومع ذلك، بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية أو في السنوات التالية، لم تتم إدانة أي أمريكي ياباني بالتخريب أو التجسس، أو حتى توجيه تهمة ضده.
تجريد من الممتلكلت والثروات
خسر الأمريكيون اليابانيون منازلهم وأعمالهم، ووضع الطامعون أيديهم على شركاتهم واستفادوا من محنتهم، وقبل ترحيلهم، أُجبروا على بيع ممتلكاتهم بأسعار زهيدة جداً.
اختفى ما يقدر بنحو 3.64 مليار دولار (في عام 2022) من ثرواتهم.
تم توزيعهم على 10 معسكرات كبيرة منتشرة في سبع ولايات. وما لم يكن الأب مسجوناً في مكان آخر كمشتبه به، عاشت العائلات معاً في ثكنات واهية من ورق القطران توفر القليل من الحماية من الطقس القاسي وفرصة أقل للخصوصية، فتم تفريق العائلات وتشريدهم.
في حين كافح العديد من الأمريكيين اليابانيين للتكيف مع السجن، رفع آخرون دعوى قضائية ضد الحكومة بسبب قرارها معاملتهم على أنهم "أجانب أعداء" وليسوا مواطنين أمريكيين، لكن المحكمة العليا أيدت سياسة الحكومة دون شك ورفضت شكواهم.
وبعدما تم تسريح الجنود الأمريكيين من أصل ياباني وتصنيفهم كأجانب أعداء واعتقالهم، طُلب منهم الالتحاق بالجيش في العام 1943 عندما احتاج الجيش جهود الجنود، أدى هذا المعيار المزدوج إلى مزيد من الإحباط والجدل في المعسكرات، فرفض 315 الخدمة، بينما قاتل حوالي 25000 أمريكي ياباني ضد ألمانيا وإيطاليا غامروا بالموت من أجل بلد "وضعهم في الاعتقال"، حسب رواية أحد شهود العيان لموقع مجلة Smithsonian.
وبحلول العام 1944، أطلق سراح معظم الرجال، منهم من توجه للجامعات ومنهم من عثر على وظيفة في الجانب الشرقي من أمريكا.
لم يبق في المعسكرات سوى الأمهات والأطفال والمسنين.
وأخيراً، في يونيو/حزيران 1946، أمر الرئيس هاري ترومان بتصفية هيئة نقل الحرب، وتحولت معسكرات الاعتقال إلى مراكز تحت رعاية هيئة خدمة الحدائق الوطنية، لتقديم جولات زيارة تروي آثار تاريخ وقصص العائلات التي أُجبرت على العيش في المعسكرات.
اعتذار رسمي بعد 46 عاماً
تذكر إليانور روزفلت في مذكراتها أنها تأثرت تماماً بفعل زوجها، من منطلق دفاعها عن الحقوق المدنية، وكانت تأمل في تغيير رأيه، ولكنها تروي في كتابها كيف قاطعها ومنعها من فتح الموضوع معه مجدداً، حسب ما نشر موقع History.
في 19 فبراير/شباط 1976، وبعد عقود من الحرب، وقع الرئيس آنذاك جيرالد فورد أمراً يمنع السلطة التنفيذية من إعادة فرض النظام العنصري، وفي عام 1988، أصدر الرئيس رونالد ريغان اعتذاراً علنياً نيابة عن الحكومة وسمح بتعويضات للمعتقلين الأمريكيين اليابانيين السابقين أو ذريتهم.
بدوره، قال أمين متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الأمريكي نوريكو سانيفوجي، إن العائلات "جُردت من هويتها".
لم تكن أسماء السجناء مهمة، بدلاً من ذلك، حصلت كل عائلة على رقم مكون من 5 أرقام ليتم ارتداؤه على بطاقة حول أعناقهم.
تركت هذه المعاملة العنصرية صدمة مستمرة انتقلت إلى الجيلين الثالث والرابع.
بمناسبة الذكرى الـ80 للأمر التنفيذي، نظم متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الأمريكي يوماً وطنياً لإلقاء الضوء على القرار بسلسلة من الأحداث الافتراضية وحلقات النقاش التي تضم أعضاء المجتمع والنشطاء والعلماء من جميع أنحاء البلاد، وبمشاركة سفير اليابان ومسؤولين أمريكيين.