على الرغم من تشخيص العالم الفيزيائي الشهير بمرض خطير سيؤدي إلى شلله وربما إلى موته شاباً، لم تتردد حبيبته جين بالزواج به، وحتى بعدما تمكن المرض منه وأصبح على كرسي متحرك بقيت جين هوكينغ واقفة إلى جانب زوجها 30 عاماً، إلى أن انهار الزواج أخيراً لأسباب مباشرة (وقوع ستيفن في حب ممرضته وارتباط جين بآخر أيضاً)، ومنها أسباب غير مباشرة رافقتهما منذ بداية زواجهما وهي مرض ستيفن المنهك وعشقه المجنون للفيزياء.
ستيفن وجين هوكينغ.. شهر عسل في مؤتمر للفيزياء
كانت جين طالبة جامعية تدرس في لندن عندما قابلت طالب أوكسفورد العبقري، ستيفن هوكينغ، عام 1962. وقع الزوجان في الحب، لكن بعد ارتباطهما بعام واحد تم تشخيص هوكينغ بمرض مروع: كان مصاباً بمرض العصبون الحركي الذي سيُدمر أعصابه ببطء ويؤدي إلى شلله. وقد تنبأ له الأطباء بالموت قبل بلوغ سن الـ25.
مع ذلك لم تتخل جين عن حبيبها، وتزوج الثنائي بالفعل عام 1965، وقد آمنت جين بأن ستيفن سيتغلب على المرض، إذ قالت: "كل شيء سيكون ممكناً. سيستعين ستيفن بالفيزياء، وسنحظى بعائلة رائعة ونسكن بيتاً جميلاً ونعيش في سعادة إلى الأبد".
مع ذلك، ومنذ بداية علاقتهما، شكلت طموحات هوكينغ الأكاديمية عقبة واضحة، لدرجة أنهما قضيا شهر العسل في مؤتمر للفيزياء عُقد شمال مدينة نيويورك.
الحياة الزوجية مع مرض العصبون الحركي
بحلول عام 1970 كان ستيفن قد بدأ مساره المهني كعالم في الفيزياء النظرية، أما جين فوجدت نفسها غير قادرة على التركيز في مهنتها، إذ كان يتوجب عليها رعاية ستيفن المريض، إضافةً إلى الاعتناء بطفليهما، وفقاً لما ورد في موقع All That's Interesting الأمريكي.
قالت جين لاحقاً عن تلك الفترة: "كان لدي رضيعان صغيران، وكنت أدبر أمر المنزل وأعتني بستيفن طيلة الوقت: ألبسه الملابس وأحمّمه، وكان يرفض تلقي المساعدة من أي شخص آخر غيري".
رفض ستيفن، لأعوام، استخدام كرسي متحرك. قالت جين: "كنت أخرج وستيفن متكئ على ذراع، والرضيع على ذراعي الأخرى، والطفل يسير إلى جانبنا. كان ذلك مأساوياً، لأن الطفل الصغير كان يجري أحياناً وأعجز عن ملاحقته. مثل هذه الأسباب جعلت الحياة مستحيلة".
الأسوأ أن العالِم رفض مناقشة حالته الطبية، قالت جين: "لم يكن يتحدث مُطلقاً عما يشعر به، أو يذكر مرضه، كما لو كان غير موجود".
لكن وعلى الرغم من كل تلك الصعوبات أفنت جين هوكينغ نفسها لأجل هذا الزواج، ويرجع جزء من السبب إلى البحث الرائد الذي أجراه زوجها.
تابعت جين: "لم يكن لدي بديل سوى مواصلة ما أفعله. شعرتُ بالتزام كبير تجاه ستيفن، وفكرتُ في أنه لم يكن ليبلي حسناً بدوني. أردتُه أن يواصل عمله الرائع، وأن يعيش أطفالنا في عائلة مستقرة. لذلك واصلنا".
انهيار الزواج
بحلول عام 1979، كانت جين قد أنجبت 3 أطفال ونالت درجة الدكتوراه في الشعر الإسباني في العصور الوسطى. وقد أعطتها درجة الدكتوراه هوية منفصلة عن زواجها بستيفن، مع ذلك لم يكن الحصول على الدكتوراه سهلاً بالنسبة لها، استغرق الأمر 12 عاماً، بسبب انشغالها برعاية زوجها.
أوضحت جين أن درجة الدكتوراه كانت بمثابة درعٍ لها: "سررتُ بأنني حصلت عليها، لأنها عنت أنني لم أكن مجرد زوجة، وأن لدي ما أفتخر به بعد كل تلك السنوات. بالطبع كان لدي أولادي أفتخر بهم، لكن كامبريدج لا تعترف بذلك هذه الأيام".
هذا المسار الخاص الذي سلكته جين في حياتها جعلها تشعر بالحيرة في زواجها.
ووفقاً لما ورد في صحيفة The Guardian، فقد قالت جين: "الحقيقة أن زواجنا اشتمل على أربعة شركاء: أنا وستيفن، ومرض العصبون الحركي والفيزياء".
لكن سرعان ما انضم مزيد من الشركاء إلى زواجهما. في الثمانينيات، عندما كان ستيفن يكتب كتابه "تاريخ موجز للزمن"، وقع في حب إحدى ممرضاته، وفي الوقت نفسه دخلت جين علاقة مقرّبة مع أرمل يُدعى جوناثان هيلير جونز.
وفي عام 1995 تطلق الزوجان ستيفن وجين هوكينغ، وفي غضون عامين كان كل منهما قد تزوج مرة أخرى؛ ستيفن وممرضته وجين وجوناثان.
الحياة بعد انتهاء زواجها بستيفن هوكينغ
قالت جين هوكينغ في مذكراتها عن حياتها مع عالم الفيزياء النظرية، إن إحدى أهم مهماتها كانت "إخباره بأنه ليس إلهاً".
لكن الثنائي حافظ على علاقة وثيقة حتى بعد الطلاق، وعاش أحدهما على مقربة من الآخر وكانا يلتقيان باستمرار.
في عام 1999، كتبت جين في مذكراتها عن علاقتها بستيفن: "اعتقدت أن توثيق الحياة مع ستيفن أمر بالغ الأهمية. لا أريد أن يأتي شخص ما بعد 50 أو 100 عام ويلفق حياتنا".