كشفت خرائط جوجل بالصدفة موقع زعيم مافيا إيطالي يدعى جيواكينو غامينو الذي ظل هارباً لمدة عقدين من الزمن.
الرجل البالغ من العمر 61 عاماً ظهر في لقطة على تطبيق جوجل ستريت بينما كان واقفاً أما متجر بقالة في الشارع في مدينة غالاباغار في إسبانيا، حيث كان يعيش تحت اسم مانويل.
وكان غامينو فاراً من حكم بالسجن المؤبد في روما بتهمة القتل. كان عضواً في مجموعة مافيا صقلية تُعرف باسم Stidda وكان أحد أكثر رجال العصابات المطلوبين في إيطاليا، حسب ما نشرت شبكة BBC.
تم تأكيد هويته عندما عثرت الشرطة على صفحة على Facebook لمطعم تم إغلاقه لاحقاً في مكان قريب، وكانت الصفحة نشرت صوراً لجامينو وهو يرتدي ملابس الطاهي وتم التعرف عليه من خلال ندبة على ذقنه.
قصة اكتشاف زعيم هذه المافيا عبر جوجل وفيسبوك تعيد للأذهان الطرق الغريبة التي تم من خلالها إلقاء القبض تاريخياً على زعماء مافيا.
أغرب قصص اعتقال زعماء المافيا
آل كابوني.. التهرب من الضرائب
تم اعتقال آل كابوني ليس بتهمة القتل ولا لتنظيمه مذبحة عيد القديس فالنتين. في عام 1931، حُكم على كابوني بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التهرب الضريبي.
لم يقدم كابوني أبداً إقراراً بضريبة الدخل، ووجد المحققون دليلاً على أنه حصل على ملايين من الدخل من أنشطة غير قانونية، حسب موقع CS Monitor.
بدأ كابوني محكوميته في سجن أتلانتا بالولايات المتحدة في عام 1932. وكان يُعرف بأنه أحد أقسى السجون في البلاد، وقضى كابوني وقته في صنع الأحذية. في عام 1934 تم نقله إلى الكاتراز، حيث تم قطع اتصاله بالعالم الخارجي.
هناك، تدهورت صحة كابوني بسبب مضاعفات مرض الزهري، الذي أصيب به عندما كان شاباً. أمضى عامه الأخير في ألكتراز في مستشفى السجن، قبل أن يتم نقله إلى سجن فيدرالي آخر.
عندما تم إطلاق سراحه في عام 1939، خسر كابوني سلطته داخل منظمات الجريمة المنظمة، استمرت صحته الجسدية والعقلية في التدهور حتى وفاته عام 1947.
تشارلي لوشيانو "لاكي" (1896-1962)
أعاد تشارلي لوتشيانو، زعيم المافيا الشهير، تعريف طريقة عمل الجريمة المنظمة في مدينة نيويورك في ثلاثينيات القرن الماضي، متسللاً إلى الشركات المشروعة من أجل تسلسل قيادي أكثر تنظيماً وبنى علاقاته مع الأثرياء وصناع القرار في المدينة.
على الرغم من أنه كان قاتلاً، فقد كان سقوطه بيد العدالة نتيجة شبكة الدعارة التي كان يديرها في عام 1935.
بعد حملة اعتقالات شاسعة في البيوت المشبوهة، اعترفت النساء على أنهن يعملن لصالح لوشيانو.
شنت حملة الاعتقالات المحامية من أصول إفريقية يونيس كارتر، والتي اكتسبت سمعة "القابضة على العصابات" بسبب شنها أكثر من 200 حملة اعتقال على بيوت الدعارة والمواخير.
حُكم على لوتشيانو بالسجن 30 إلى 50 عاماً، لكن تخفف الحكم لمساعدته الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية.
استخدم لوتشيانو علاقاته مع العالم السفلي لمساعدة عملاء المخابرات الأمريكية في تحديد الجواسيس الألمان. استخدم فيما بعد صلاته الإيطالية لمساعدة البحرية الأمريكية في التخطيط لغزوها للبلاد.
في عام 1946، أصدر حاكم نيويورك توماس إي ديوي عفواً عن لوشيانو، بموجب شرط أنه سيتم ترحيله إلى إيطاليا، حيث توفي عام 1962.
فرانك لوكاس (1930 – 2019)
لعب فرانك لوكاس دوراً كبيراً في تدفق الهيروين في نيويورك في السبعينيات. باستخدام علاقاته في فيتنام من ضباط الجيش الأمريكي الفاسدين، شحن المخدرات إلى أمريكا في أكياس جثث الجنود الأمريكيين.
كان القتل والابتزاز والرشوة أسلوب عمله، وعندما قُبض عليه عام 1975، كان يملك الملايين من الأموال النقدية والممتلكات في عدة مدن.
في أوج ذروته في أوائل السبعينيات، عندما كان يكسب مليون دولار يومياً من بيع هيروين "السحر الأزرق"، أنفق لوكاس أرباحه بحرية، واستثمر في عقارات في جميع أنحاء البلاد.
ولعل أشهر لقطة له هي في المعطف المصنوع من الفرو والمتجانس مع قبعته في مباراة البطولة بين الملاكمين محمد علي كلاي وجو فريزر عام 1971.
ساهمت شهرته البارزة في ذلك الحدث إلى توجه عيون السلطات على نشاطاته المالية، حسب موقع Biography.
وبينما كانت الشرطة في نيويورك غارقة في الرشاوى والفساد، تم تعيين شرطي كان جندياً سابقاً ولم يكن ليقبل أي رشوة. وبعد سنوات من التحقيق نفذ حملة اعتقال على منزل سوكاس حيث رمت زوجته من النافذة حقائب من المال النقدي قُدّرت بنصف مليون دولار.
ورغم عدم العثور على دليل حاسم، اعترف ابن أخ لوكاس بكل التعاملات والصفقات التي كانت كفيلة بمحاكمته.
حُكم على لوكاس بالسجن 70 عاماً في عام 1976، ولكن بعد أن أمضى 5 سنوات أصبح مخبراً وقدم معلومات أدت إلى إدانة أكثر من 100 شخص بتهمة الإتجار بالمخدرات.
مقابل هذه المعلومات، أصدر قرار بإطلاق سراح لوكاس المشروط مدى الحياة. تم تصوير صعود وسقوط لوكاس في فيلم العصابات الأمريكية، والذي مثل فيه دينزل واشنطن.
فيتو جينوفيس.. وليمة من اللحم
مع شهية لا تشبع للمال والسلطة، يشتهر فيتو جينوفيز بتمكين المافيا الأمريكية وكذلك المساومة عليها بحلول نهاية عهده.
ولد جينوفيز في عام 1897 في مقاطعة في نابولي بإيطاليا، وانتقل إلى مانهاتن في سن المراهقة. وصل إلى السلطة خلال فترة الحظر وكانت له علاقات وثيقة مع لوتشيانو، مما ساعده على بناء عصابته.
في محاولة لتجنب تهمة القتل، فرَّ جينوفيز إلى إيطاليا وأدار عمليات هيروين في الولايات المتحدة من هناك.
خلال الحرب العالمية الثانية، دعم جهود بينيتو موسوليني الفاشية ولكن تم القبض عليه في النهاية وترحيله إلى الولايات المتحدة. بعد مقتل شاهد رئيسي في المحاكمة، أطلق سراح جينوفيز الذي قتل عدداً من أعدائه دون تقدير – وأعاد سلطته بين عائلات الجريمة في مدينة نيويورك.
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1957، اجتمعت عناصر المافيا في قصر زعيم المافيا جوزيف باربرا في نيويورك. تضمن جدول أعمال الاجتماع حل الأسئلة المفتوحة حول المقامرة غير المشروعة وتجارة المخدرات، لا سيما في منطقة مدينة نيويورك.
علمت الشرطة أن ابن باربرا كان يحجز غرفاً في الفنادق المحلية إلى جانب تسليم كمية كبيرة من اللحوم من الجزارين إلى منزل باربرا لإعداد وليمة.
قررت الشرطة مراقبة منزل باربرا، وعندما وجدت العديد من السيارات الفاخرة متوقفة أمام المنزل، تبين أن العديد من هذه السيارات كانت مسجلة لمجرمين معروفين، فأقاموا ححجزاً واعتقلوا بعضاً منهم.
أدت الخلافات الكبير بين الأعداء إلى أن دفع لوشيانو مبلغ 100 ألف دولار كي يشهد أحدهم ضد جينوفيز. صدر الحكم بسجنه لمدة 15 عاماً، حيث استكمل إدارة عملياته من السجن وأمر بتقطيع أوصال الرجل الذي أوشى به مقابل 100 ألف دولار، إلى أن توفي في مستشفى السجن العام 1969.
هل ما زالت المافيا فعالة حتى يومنا هذا؟
بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، كانت المافيا الأمريكية أضعف بكثير مما كانت عليه في السابق، وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي في تقليص الموارد المخصصة للتحقيق في الجريمة المنظمة.
وفي حين أن عائلات الجريمة في نيويورك وشيكاغو، المراكز القديمة لنشاط المافيا، تعرضت لضربات كبيرة عبر اعتقال زعمائها ولكنها ما زالت تعمل في الظل حتى يومنا هذا.
بينما توشك العديد من العشائر الإجرامية في جميع أنحاء الولايات المتحدة على الانقراض، حسب ما قال الصحفي وباحث الجريمة المنظمة في صحيفة نيويورك تايمز سلوين.
في إيطاليا، تواصل الشرطة إحراز تقدم في مكافحة الجريمة المنظمة. ومع ذلك، لا تزال المافيا نشطة هناك وفي الولايات المتحدة، حيث تستمر في المشاركة في بعض أنشطتها التقليدية، بما في ذلك القروض والمقامرة غير القانونية.
في الوقت نفسه، ضعفت قبضتها على النقابات العمالية والصناعات ولكن لم يتم القضاء عليها.