حين يفكر معظمنا في "المخترعين" فإنَّنا في الغالب نفكر في أشخاص مثل الأخوين رايت أو ألكسندر غراهام بيل أو توماس إديسون، نفكر في أشخاص غيَّروا العالم بابتكار شيء ما جديد وعاشوا ليخبرونا القصة.
مخترعون قُتلوا بسبب اختراعاتهم
لكن مَن يجري الحديث عنهم بصورة أقل هم الأشخاص الذين لم يكونوا بنفس القدر من الحظ، الأشخاص الذين حاولوا ابتكار آلات مستقبلية وانتهى بهم المطاف بأن أصبحوا ضحايا لتلك الاختراعات.
إليكم نظرة على بعضٍ من الأمثلة الأكثر فظاعة عبر التاريخ.
1- فرانز رايشلت
كان فرانز رايشلت، أو "الخياط الطائر"، خياطاً نمساوي المولد، يعيش في فرنسا، في مطلع العقد الأول من القرن العشرين، ويُنسَب الفضل إليه في ريادته في صنع بدلة مظليّة يمكن ارتداؤها بالكامل، والتي كانت تبدو شبيهة قليلاً بالمظلة (باراشوت)، وأكثر شبهاً بملاءة مرفوعة بأسلاك.
كان المخترع فرانز رايشلت واثقاً جداً من مظلته المصنوعة منزلياً، لدرجة أنه اختبرها أمام حشد من الناس في برج إيفل.
وفقاً لموقع All That's Interesting الأمريكي قام رايشلت في 4 فبراير/شباط 1912، باستدعاء الأصدقاء والصحفيين والمصورين لمشاهدته وهو يقفز منتصراً من أول منصة لبرج إيفل، لكن الأمور لم تسِر حسب الخطة.
فبينما كان الحشد يراقب، شقَّ رايشلت طريقه إلى أول منصة في برج إيفل، على بعد حوالي 200 قدم من الأرض.
حذّره أصدقاؤه مرة أخرى قائلين إن الطقس شديد البرودة والرياح قوية للغاية، لكنه لم يُعرهم أي اهتمام.
تردّد المخترع المُنهك لفترة طويلة قبل أن يقفز في الهواء، أخيراً دفع رايشلت نفسه بعيداً عن حافة برج إيفل، وما هي سوى ثانيتين حتى انقلبت مظلته على الفور حوله، وانخفض إلى أسفل إلى العشب المتجمد ليُتوفى في مكانه.
2- وليام بولوك
الشخص الثاني في القائمة هو وليام بولوك، وهو مخترع أمريكي كان يعيش في منتصف القرن التاسع عشر، ويُنسَب إليه الفضل على نطاق واسع باعتباره أحد الآباء المبكرين للطباعة الحديثة.
ووفقاً لموقع Gizmodo الأمريكي، وفي عام 1863، ابتكر بولوك نوعاً جديداً من آلات الطباعة، قلَّصت بشكل كبير الوقت والعمالة المستخدمة في المطبعة الدوّارة، التي كانت مُستخدَمة على نطاق واسع وطُرِحَت للجمهور قبل عشرين عاماً تقريباً من ابتكاره.
كانت المشكلة الوحيدة في هذه الآلة –كما هو الحال مع كل آلة تقريباً صُنِعَت في تلك الفترة- أنَّها لم تكن "آمنة".
وعرف بولوك كم أنَّ آلته غير آمنة، في 3 أبريل/نيسان 1867، حين سحبت إحدى المطابع ساقه حين كان يُركِّبها لصحيفة محلية في فيلادلفيا.
سُحِقَت ساقه وأُصِيبَت بالغرغرينا في غضون أسبوع، وبعد 9 أيام فقط من الحادث الأول توفي بولوك خلال عملية لبتر طرفه الذي سُحِق.
3- فاليريان أباكوفسكي
أما المهندس السوفييتي فاليريان أباكوفسكي فقام في عام 1917 بفكرة تركيب أفضل أجزاء الطائرات بدلاً من الأجزاء المقابلة لها في عربات القطار، ومن ثم استخدام هذا الاختراع الجديد من أجل نقل المسؤولين السوفييت في البلاد، لكن بالكاد استمرت "العربة الطائرة" 4 سنوات قبل أن يتم الاستغناء عنها للأبد.
ووفقاً لما ذكره موقع Edubilla فإنه بإحدى رحلات هذا القطار الطائر، في 24 يوليو/تموز 1921، كان المهندس أباكوفسكي يقوم برحلة مع موفدين دوليين من موسكو باتجاه مناجم تولا، ولكن سرعة القطار الزائدة تسببت في انحرافه عن مساره، فقتل 7 أشخص من بين 22 راكباً، وكان أباكوفسكي نفسه من بين المتوفين.
4- توماس ميدغلي جونيور
كان توماس ميدغلي جونيور مهندساً ميكانيكياً مقيماً في ولاية بنسلفانيا، أكثر ما يشتهر به هو كونه الرجل الذي طوَّر "الرصاص" المستخدم في البنزين المحتوي على الرصاص.
وقد وُصِفَ بأنَّه "أكثر المخترعين ضرراً في التاريخ"، وأحد الآباء الأوائل للتغيُّر المناخي الجحيمي، وأنَّه ليس رجلاً رائعاً حين نتحدث من منظور بيئي.
وفي حين سيمثل البنزين المحتوي على الرصاص خطراً على الصحة العامة إلى حين حظر استخدامه على الطرق رسمياً في عام 1996، لم يكن هذا البنزين هو ما قتل ميدغ العجوز.
بل وفقاً لنعي نشرته مجلة Time Magazine الأمريكية، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1944، انتهى المطاف بميدغلي بخنق نفسه عن طريق الخطأ بحزام كان قد ابتكره للنهوض من الفراش بعدما أُصيب بشلل الأطفال قبل سنوات.
5- هنري سمولينسكي
لم تمنع كل تلك المحاولات الفاشلة في مجال السيارات الطائرة المخترع المقيم في ولاية أوهايو الأمريكية من القيام بمحاولته الخاصة من خلال سيارة طائرة هجينه، مؤلفة في جزء منها من سيارة وجزء من طائرة في مطلع السبعينيات.
كان هنري سمولينسكي مخترعاً يحلم بأخذ سيارة فورد بينتو، ودمجها مع طائرة صغيرة، والطيران بين الغيوم، لكن سرعان ما أصبح هذا الحلم كابوساً، حيث سقط بينتو الخطير خلال رحلة تجريبية وفقاً لما ذكره موقع Hotcars.
وبدأت تجربة السيارة الطائرة، في 11 سبتمبر/أيلول 1973، في مدينة كاماريلو في كاليفورنيا، وبينما كانت السيارة في الجو انفصلت إحدى دعامات الجناح عنها فهوت إلى الأرض، وتوفي سمولينسكي على الفور.
6 – ماكس فالير
في ثلاثينيات القرن الماضي، كان العالم الألماني ماكس فالير يعمل على ابتكار صواريخ تعمل بالوقود السائل، فخطرت بباله فكرة إنشاء أول سيارة صاروخية تعمل بوقود سائل في التاريخ، تصل سرعتها إلى 250 ميلاً في الساعة.
وأثناء تطويره لتلك السيارة للحصول على نتائج أفضل خطرت بباله فكرة تجربة الكحول، باعتباره قابلاً للاحتراق كوقود للسيارة حتى يرفع من سرعتها أكثر.
وفي مايو/أيار عام 1930، أثناء عمل فالير على تعديل أحد المحركات الصاروخية في معمله ببرلين، انفجر المحرك مؤدياً إلى تطاير شظايا معدنية، أدت إلى قطع الشريان الرئوي ووفاته في الحال.
7 – ألكسندر بوغدانوف
كان ألكسندر بوغدانوف طبيباً روسياً ومتعدد المواهب، وأحد مؤسسي البلشفية، الذي تم استبعاده لاحقاً من الحزب، لأنه لم يكن راغباً في رؤية الشيوعية تتحجر في عقيدة.
أما من الناحية الطبية فكان لها مواقف قوية مشابهة مثل رؤيته أن نقل الدم لا يجب أن يستخدم فقط كعلاج بديل، وإنما كمنشط للجسم أيضاً.
وشرع بوغدانوف وفقاً لما ذكره موقع Science Direct في إظهار آلياته علمياً، من خلال إنشاء معهد لنقل الدم في عام 1926.
منذ عام 1924 بدأ بوغدانوف تجريب بعض عمليات نقل الدم تلك على نفسه، وبعد 4 سنوات، في 7 أبريل/نيسان 1928، أكمل تجربته الأخيرة، حين حاول استبدال دمه بدم طالب طب يعاني من الملاريا والسل. وانتهى المطاف بتعافي الطالب بصورة كاملة من عملية نقل الدم، لكنَّ بوغدانوف توفي بسرعة للغاية بعد ذلك.
8 – ماري كوري
في حين تعتبر قصة ماري كوري القصة الأكثر تأثيراً ليس بسبب وفاتها وحسب، بل بسبب ما أنقذته من أرواح بسبب اختراعها العظيم.
اكتشفت الكيميائية والمخترعة المذكورة عنصري الراديوم والبولونيوم مع زوجها بيير في أواخر القرن الـ19، لكنَّها أحدثت تحولاً في مجال الطب القتالي إلى الأبد، حين أنشأت أول آلة أشعة متنقلة، وهي بحجم سيارة، تم استخدامها في ساحة المعارك، من أجل إجراء تصوير بالأشعة لأي رصاصات أو شظايا عالقة داخل الجسم بسرعة مذهلة.
وصحيح أنها أنقذت عدداً لا يُحصى من المرضى فإنها توفيت في نهاية المطار بسبب إصابتها بفقر الدم اللاتنسجي، الذي يعتقد أنه بسبب تعرضها المفرط للأشعة السينية خلال حياتها، وفقاً لموقع Science Focus.
يذكر أن ماري كوري هي أول امرأة تفوز بجائزتي نوبل، كما كانت أول امرأة في فرنسا تحصل على درجة الدكتوراه، وأول مرة تُعيّن كأستاذة في جامعة السوربون.