"أود أن أحكي قصتي"؛ هكذا بدأت رسالة مرسوم عليها وجه مبتسم نشرت في صحيفة The Oregonian الأمريكية عام 1994، ورغم أنها بداية توحي بأن محتوى الرسالة بريء، لكنها كانت اعترافاً من قاتل متسلسل يُدعى كيث هنتر جيسبرسون، عُرف لاحقاً باسم "القاتل ذو الوجه المبتسم"، ذلك لأنه اعتاد رسم وجه مبتسم في كل رسائله وخطاباته التي كان يصف فيها جرائمه بالتفصيل ويرسلها إلى الصحف.
كان جيسبرسون يعمل سائقاً لشاحنات النقل الضخمة، لكن في الجزء المظلم من حياته قتل ما لا يقل عن 8 نساء في 5 ولايات مختلفة في الفترة من 1990 و1995، رغم أنه يدعي أن جرائمه أنهت حياة 166 امرأة.
القاتل ذو الوجه المبتسم.. جرائم كيث هنتر جيسبرسون المبكرة!
بدأت حياة الإجرام لدى كيث هنتر جيسبرسون في طفولته، حيث كان يستمتع بتعذيب الحيوانات وقتلها. وأرجعت الصحف الأمريكية والبريطانية (ولد في مقاطعة بريطانية بالعام 1955) ميله إلى العنف منذ طفولته إلى إساءة المعاملة التي تعرض لها منذ صغره، إذ كان والده ليزي يضربه كما صعقه بالكهرباء في إحدى المرات.
لكن حتى الوالد لم يكن يعتقد أن عنفه تجاه ابنه مبرراً لأن يكون قاتلاً؛ إذ نقل موقع All That's Interesting الأمريكي قوله بعد الكشف عن جرائم ابنه:
"تعرّض جميع أطفالي للضرب. لقد تعرضت لما هو أسوأ من ذلك في طفولتي. ومع ذلك، لم أتحوّل إلى قاتل متسلسل عندما كبرت".
وتيرة عنف جيسبرسون كانت تزداد مع الوقت، إذ انتقل عنفه تجاه الحيوانات إلى عنف تجاه الأطفال، فعندما انتقل جيسبرسون مع عائلته إلى واشنطن في عمر 12 عاماً، وقعت حادثة حاول فيها قتل صبي بغمر رأسه تحت الماء، وفي حادثة أخرى انهال على زميل آخر بالضرب حتى أفقده وعيه، وأطلق عليه حينها لقب "إيغور"، نسبةً إلى مساعد الدكتور فرانكشتاين من الرواية الإنجليزية الشهيرة لماري شيلي.
جيسبرسون الذي لم يلتحق بالكلية بناءً على قرار والده، تزوج في عمر الـ 20 عاماً، ثم أنجب 3 أطفال، وعمل سائقاً لشاحنة نقل، وكانت حياته تبدو عادية حتى يناير/كانون الثاني 1990، عندما انفصل عن زوجته وهجرته حبيبته الجديدة، ويبدو أن هذا أشعره بنوع من السخط على جميع النساء، حسب توصيف صحيفة Daily Mail البريطانية.
التحول إلى قاتل متسلسل كارهٍ للنساء: الجريمة الأولى
ضحيته الأولى التقى بها في حانة (بالقرب من مدينة بورتلاند في ولاية أوريغون الأمريكية) كانت بعمر الـ 23 عاماً، وقد دعاها إلى منزله بغرض إقامة علاقة جنسية معها، لكنه انهال عليها بالضرب المبرح واللكمات حتى فقدت الوعي، ثم خنقها بحبل من مرآب منزله وألقى جسدها بالقرب من ضفاف نهر كولومبيا، وذلك لأنها قالت كلمة ذكرته بزوجته السابقة ما أثار جنونه كما قال.
الجريمة الأولى كانت مقلقة بالنسبة لجيسبرسون، لكن الإفلات من المساءلة عليها كانت دافعاً لارتكاب جرائم أخرى، حتى إنه قال: "بدأت أشعر بالخلود والحصانة منذ إفلاتي بجريمة قتل تونجا بينيت (ضحيته الأولى).
لكن إفلاته من الجريمة الأولى كان غريباً للغاية؛ إذ ادعت سيدة تبلغ من العمر 58 عاماً أنها ارتكبت هذه الجريمة بالتعاون مع صديقها، وقالت لاحقاً إنها كذبت فقط لتهرب من اعتداءات صديقها.
جيسبرسون أيضاً اعترف بالجريمة دون نسبها لاسمه، بطريقته الغريبة في كتابة رسائل اعتراف بوجه مبتسم ونشرها للعامة. في أول جريمة كتب رسالة: "قتلت تونجا بينيت، ضربتها حتى الموت واغتصبتها وأحببت فعل ذلك. نعم، أنا مريض، لكنني مستمتع بنفسي. لقد تحمَّل أشخاص آخرون المسؤولية وأنا حر طليق"، وألصق الرسالة على جدار محطة شاحنات.
سلسلة جرائم ورسائل اعتراف بوجه مبتسم
بعد عامين من الجريمة الأولى، بدأ جيسبرسون ارتكاب سلسلة من جرائم القتل البشعة، بدأت بالتقاط امرأة مسافرة تريد توصيلة مجانية، ادعى مساعدتها حتى تركب معه، ثم كبَّل يديها ووضع شريط لاصق على فمها واغتصبها وقتلها.
بعد شهر لاحق، قتل واحدة من المشتغلات بالجنس، وزعم أنها قفزت إلى داخل شاحنته من تلقاء نفسها وأغضبه مبادرتها الجريئة لممارسة الجنس، بعدها قتل سيدة أخرى تعمل بالجنس في مدينة وولاية أخرى، وكانت حجته أنها حاولت زيادة التكلفة المتفق عليها.
ترك جيسبرسون القتل لأشهر، ثم عاد لقتل سيدات أخريات من ولايات أخرى، كما بدأ في إرسال خطابات الاعتراف إلى مختلف المنافذ الإخبارية.
في رسالته التي نشرتها صحيفة The Oregonian ووصف فيها جرائم القتل بالتفصيل، كتب: "أردت دائماً أن يُلتفت إليّ"، وأنه شعر بالقوة وهو يقوم بخنق إحدى ضحاياه بينما يخبرها بأنها ستموت، ورغم نشر اعترافاته لم تكن تعلم الشرطة أي فكرة عن هويته، وهو ما دفعه لارتكاب المزيد من الجرائم، كما أشار الموقع المهتم بأخبار الجريمة Murderpedia.
ففي العام التالي لنشر هذه الرسالة، قابل امرأة أخرى وقضى معها عدة أيام على الطريق، ثم قتلها وربط جثتها بشاحنته وقاد بها نحو 20 كيلومتراً حتى بات من الصعب التعرف على هويتها، ثم ألقى بما تبقى من الجثة في حفرة، ثم قتل حبيبته جولي آن ويننغهام، وكانت هذه الجريمة هي النقطة التي عُرفت عندها هوية القاتل ذي الوجه المبتسم.
فعندما كانت الشرطة تستجوبه بخصوص الجريمة، في مارس/آذار 1995، أعترف بأنه القاتل، وأنها ليست جريمته الأولى، واعترف بقتل 8 نساء في واشنطن وفلوريدا وكاليفورنيا وأوريغون ووايومنغ، وحُكم عليه بستة أحكام متعاقبة ومتزامنة.
بعدها اعترف بارتكاب 166 جريمة قتل، لكن لم يكن هناك أدلة دامغة تؤكد ذلك، فقط كانت 8 عمليات قتل أكيدة. ويقضي جيسبرسون حالياً عقوبته في سجن ولاية أوريغون، وأصبح مهتماً بالرسم، حتى أنه رسم صورة ضحيته في فلوريدا لمساعدة الشرطة في تحديد هويتها!
قد يهمك أيضاً: يهاجم منازل معارفه، يقتل الرجال ثم يغتصب زوجاتهم.. القاتل المتسلسل الذي أرعب ولاية مونتانا الأمريكية