شكل سكان الأرض على مر التاريخ حضارات سكانيّة انقسمت فيما بعد مشكلة مجموعة من الدول التي تتبع شعوبها قوميات ومذاهب مختلفة، من بينها كانت هناك شعوب ليس لها دولة خاصة بها بل تشتت بين بلدان عدّة مثل شعب الولوف الذي لا يعرف عنه شيئاً الكثيرُ من الناس.
من هو شعب الولوف وما تاريخه؟ أين يعيش؟ وما الأشياء المميزة في حضارتهم؟
شعب الولوف.. من مصر أم من مملكة مالي؟
يعيش شعب الولوف منقسماً بين 3 دول إفريقيّة، وهي السنغال التي تجمع أكبر عدد من سكانهم، وفي غامبيا، وأيضاً في الدولة العربية موريتانيا.
ويعتبر الولوف المجموعة العرقيّة الرئيسية في السنغال، ويعتبرون من أهم الشعوب التي تمثل الأصالة الزنجية في غرب إفريقيا.
وفي ظل افتقار شعب الولوف إلى أثر مكتوب يقتفي تطورهم عبر التاريخ، فإنّ هناك العديد من الروايات التي تتحدث عن أصلهم، إحدى هذه الروايات من وزارة الثقافة الموريتانية، التي ترجع أصول الولوف إلى المناطق المجاورة لنهر النيل بمصر، وتقول إنّ الأبحاث أظهرت أن لغتهم قريبة من اللغة المصرية القديمة.
في حين يقول موقع Uiowa إنّ أول من اكتشف شعب الولوف كان المستكشفين البرتغاليين وذلك في القرن الـ 15 عندما كانوا يعيشون على طول الساحل السنغالي في ذلك الوقت.
وأضاف الموقع أنّ أصل شعب الولوف يعود إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر إلى منطقة كانت تدعى بافور تابعة لإمبراطورية مالي الإسلامية وتقع تحديداً على الجهة المقابلة لجنوب شرق موريتانيا، لكنهم هاجروا فيما بعد من مالي غرباً باتجاه الساحل بعد هزيمة إمبراطورية غانا.
وهناك أنشأ ملكهم الذي يدعى "نديان ديان ندياي" مملكة الولوف التي باتت مملكة مترامية الأطراف وقد بلغت أوج مجدها مطلع القرن السادس عشر عندما بسطت سيطرتها على كامل المنطقة الممتدة بين نهر السنغال وغامبيا.
هذا وتشير التواريخ العائلية الشفوية إلى أن بعض المستوطنين الأوائل على الأقل في المنطقة كانوا من أصل فولبي، وقد تم الحفاظ على الكثير من تاريخ الولوف في أغاني المدح الشفوية التي يتلوها لديهم شخص يدعى Griots أي "المطرب المحترف".
الولوف كانوا من أكبر مصدري العبيد إلى العالم
بعد وصول البرتغاليين إلى بلاد الولوف أنشأوا هناك حصناً في جزيرة جوريه قبالة ساحل داكار الحديثة والتي كانت بمثابة نقطة انطلاق رئيسية لسفن العبيد المتجهة إلى الأمريكتين.
وكانت مملكة الولوف وفقاً لما ذكره موقع World History مشاركة أساسية في تجارة الرقيق وقد صدرت ما يصل ثلث جميع العبيد الأفارقة قبل العام 1600 الميلادي قبل أن تتراجع تجارة الرق هناك في القرن السابع عشر لتصبح مجرد طريق للعبيد من المناطق الداخلية لوسط إفريقيا بدلاً من أن تكون مصدراً أساسياً لهم.
تجارة شعب الولوف
بفضل نهر السنغال العظيم، الذي يمتد مئات الكيلومترات إلى داخل إفريقيا، كان الولوف في وضع يسمح لهم بتجارة جميع أنواع البضائع إلى جانب العبيد، بما في ذلك الجلود، والمنسوجات القطنية، والصمغ، والعاج، والجوز، والملح، والخيول، وشمع العسل.
كما كان لدى الولوف أيضاً مصنعون خاصون بهم لتحويل المواد الخام إلى سلع أكثر قيمة، إذ تمتع صاغة الذهب بسمعة عالية بشكل خاص في جميع أنحاء غرب إفريقيا.
كيف أصبح الولوف مسلمين؟
لم يكن الولوف مسلمين في السابق، ولكنهم رحبوا بالمسلمين في مجتمعاتهم ووظفوهم كمستشارين قانونيين وكتاب ومعلمين ووطدوا علاقاتهم مع رجال الدين بمنحهم الأراضي الزراعية"، وفقاً لما ذكر في كتاب تاريخ المجتمعات الإسلامية للباحث، إيرا لابيدوس، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والتاريخ الإسلامي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي.
ويضيف موقع Uiowa أنّ المعلمين من موريتانيا هم من جلبوا الإسلام إلى الولوف في القرن الـ 15 وعلموهم الشعائر الإسلامية من الصلوات إلى الصيام وتوزيع الأموال على المحتاجين، والحج لمن استطاع.
وأنّ قادة الولوف هم من اعتنقوا الإسلام أولاً ومن ثم نشروه إلى عامة الشعب، وكانوا في البداية يتبعون طرقاً صوفية مثل التيجانية نسبة إلى أبو العباس أحمد التيجاني والقادرية نسبة إلى عبد القادر الجيلاني.
وفي ثمانينيات القرن الـ 19 أسس الشيخ أمادو بامبا جماعة الإخوان المريدية التي تبشر بالعمل الجاد والحياة النظيفة كوسيلة للخلاص وأصبح لديها الآن أكثر من مليون عضو، يعيش العديد منهم في المناطق الحضرية في السنغال وغامبيا.
تعدد الزوجات دليل على الثراء عند شعب الولوف
لا تختلف مُعظم عادات شعب الولوف عن الشعوب المسلمة كثيراً مثل اعتبار النظر إلى المرأة أمراً غير مهذب، والانحناء لكبار السن واستخدام اليد اليمنى للمصافحة، لكن هناك عادات أخرى قد تعتبر غريبة بعض الشيء.
إذ إنهم يعتبرون تعدد الزوجات علامة على الثروة ومصدراً للفخر، كما يدل على مكانة اجتماعية مرموقة للشخص، وفقاً لما ذكره موقع أصوات مغربية.
أما بالنسبة لعدد أفراد الأسرة فإن الأسرة الولوفية النموذجية تكون مؤلفة من 10 إلى 11 طفلاً على الأقل وفقاً لـ Everyculture.
اللغة الولوفية
لشعب الولوف لغة خاصة، لكنّ شعب السنغال هم أكثر من يتحدث بها بنسبة 40%، فيما يستخدمها السنغاليون غير الولوف كلغة ثانية.
أما في موريتانيا التي يشكل الولوف نسبة 9% من سكانها، فيتحدث حوالي 7% من السكان تقريبا 185 ألف شخص هذه اللغة.
فيما تمتد الحدود الجغرافية لمنطقة الولوف بموريتانيا من ولاية اترارزة إلى حدود كرمسين، كما أن لغة الولوف هي الأكثر استخداماً في العاصمة الموريتانية نواكشوط ومدينة نواذيبو، بعد اللغة الحسّانيّة.
عدد سكان الولوف وتوزعهم الجغرافي
يُقدَّر عدد سكان وولوف بـ 6 ملايين نسمة بكونهم المجموعة العرقية السائدة في منطقة سافانا بين جنوب غرب موريتانيا وغامبيا أما تعدادهم السكاني بحسب الدول فهو كما يلي:
السنغال: 719 ألف نسمة
غامبيا: 258 ألف نسمة
موريتانيا: 230 ألف نسمة
في حين يعيش ثلاثة أرباع الولوف الذين يغلب عليهم الطابع الريفي، في قرى صغيرة تضم حوالي 50-150 شخصاً بقيادة زعيم قرية أو كما يسمى أيضاً بـ "مرابوط"، أما منازلهم فمعظمها مصنوعة من القصب والبيوت الطينية، ويعتمدون على الزراعة سيما القطن والفول السوداني.
أما نسبة المسلمين من الولوف فتقدر الآن بنحو 90% منهم، فيما 9% هم من الروم الكاثوليك و1% من البروتستانت.