ظهرت شخصية "المرأة المعجزة" لأول مرة في 1942، وتعد أشهر الشخصيات النسائية في عالم الأبطال الخارقين، وربما الأشهر في عالم الشخصيات الخيالية، وتعتبر البداية الحقيقية للمساواة بين الرجل والمرأة في "الكوميكس" أو القصص المصورة، لكن مؤلفها ومخترع الشخصية ظل لغزاً في البداية، حتى تم الإعلان عنه فيما بعد.
ولم يكن فقط كاتب قصص مصورة، بل كان عالماً وأستاذاً في الجامعة، فهو عالم النفس الشهير بذاك الوقت "وليام مارستون"، الذي يدين له العالم بالفضل لاختراعه جهاز كشف الكذب.
البداية
بحلول 1933 كانت القصص المصورة قد بدأت في الظهور، وفي 1938 جاء أول بطل خارق للوجود؛ سوبرمان، وتبعه باتمان في العام التالي، لكن سرعان ما تبع النجاح الكبير انتقادات، ودعوات لحرق هذه القصص، بسبب كمية العنف الكبيرة والقتال المستمر، وبعض المحتوى الجنسي في القصص، الذي رآه البعض غير مناسب للأطفال، واعتبروا سوبرمان فاشياً، خصوصاً في وقت الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والخوف من تعاطف الأطفال مع الفاشية وعنف ألمانيا النازية، وهدد الأمر بنهاية القصص المصورة تماماً.
حتى قرر ماكس جاينز، رائد صناعة الكوميكس، أن يستعين بوليام مارستون، الحاصل على 3 درجات علمية من جامعة هارفارد العريقة، منها دكتوراه في علم النفس، وعمل مستشاراً لعدد من أفلام هوليوود، وكتب مقالات وقصصاً قصيرة من قبل، فأراد الاستفادة من خبراته في الخروج بحل، والدفاع عن نفسه ضد الهجمات المتكررة والانتقادات.
فقرر مارتسون أن المشكلة في سيطرة الرجال على الأبطال الخارقين، وقال: "إذا كانت لديك بطلة خارقة يمكن أن تكون قواها كلها حول الحب والحقيقة والجمال، ويمكنك أيضاً بيع قصصك المصورة بشكل أفضل للفتيات، وسيكون ذلك مهماً ورائعاً حقاً لأنها يمكن أن تُظهر للفتيات أنهن بإمكانهن فعل أي شيء".
وطُلب منه تنفيذ المشروع، وابتكار شخصية نسائية، فقام بالاعتماد على عدد من السيدات البارزين وقتها، منهم مارغريت سانجر، التي نادت وروجت لأساليب منع الحمل، ولعبت دوراً كبيراً في نشر الوعي عن تحديد النسل، وصمم الشخصية على أساس ان تكون المرأة المتحررة التي تستطيع قيادة المجتمع، فخرج بـ"المرأة المعجزة" في عام 1941، وحققت نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة.
المرأة الخارقة
كانت قصتها كالتالي، إحدى محاربات الأمازون الأسطوريات من جزيرة النساء اللواتي غادرن اليونان القديمة هرباً من استعباد الرجال، وعشن في جزيرة منعزلة أطلقن عليها الفردوس، وبقين بها في حياة أبدية، ثم في عام 1941 تحطمت طائرة على الجزيرة وكانت تحمل رجلاً، وقررت والدة Wonder Woman أنه يجب إعادته من حيث أتى فوراً، لأنه لا يمكن أن يكون لديهن رجال في جزيرة الفردوس.
لذلك قامت بخياطة هذا الزي الممتلئ بالنجوم من أجل Wonder Woman، كي تتوجه في طائرتها غير المرئية مع أسيرها الذي يسمي نفسه "ستيف تريفور"، وهو ضابط استخبارات عسكري أمريكي، إلى الولايات المتحدة.
وأطلقت على نفسها اسم "المرأة المعجزة" لأنها تمتلك قوى خارقة لا يتمتع بها سوى محاربات الأمازون، لديها أساور يمكنها إيقاف الرصاص، وسوط أو حبل ذهبي يجبر أي شخص أن يقول الحقيقة، يشبه جهاز كشف الكذب، وتبدأ مغامراتها مع البشر ومواجهة الشر.
تأثرت الشخصية بشكل كبير بالحركات النسائية، والمناضَلة من أجل حقوق المرأة والمساواة، فكانت الأسورة الحديدية من فترة شباب المؤلف، حيث بدايته في جامعة هارفارد عندما كان طالباً يحضر فعاليات وندوات لناشطات من النساء، تم منعهن من إلقاء الخطب داخل الجامعة.
فكانت سيدات أمريكا يخرجن في مظاهرات ضد التفرقة وسيطرة الرجال، ويرتدين سلاسل حديدية تمثل عبوديتهن للرجال، والمعاناة مثل العبيد الذين لا يملكون أنفسهم، ولا يستطعن تقرير مستقبلهن، فكانت إحدى أهم سمات المرأة المعجزة أنها تفقد كل قوتها إذا نجح أحد الرجال في تقييدها بالسلاسل، فلزاماً عليها أن تكسر تلك السلاسل وتستعيد قوتها، وتواجه مصيرها، للخروج من سطوة الرجال وكسر سيطرتهم على المرأة.
لكنه تعرض لانتقادات لاذعة بسبب هذا الأمر، وظهور الشخصية مقيدة باستمرار، مع بعض الإيحاءات الجنسية، التي دافع عنها مارتسون علناً، وقال إنه على الناس الاستمتاع بمثل تلك الانحرافات، لا الهروب منها.
كذلك حاول مارستون التأكيد على ولع المرأة المعجزة بالرياضة كلما أمكن ذلك، في إحدى الحلقات كانت تلعب البيسبول؛ في حلقات أخرى تلعب هوكي الجليد والتنس، حتى أنشأت سلسلة من نوادي اللياقة البدنية، رياضات كانت في وقتها حكراً على الرجال، ولا سبيل للمرأة للدخول إلى عالمها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.