مات الكبار لكن الصغار لم ينسوا.. كيف تنبأ إبراهيم نصر الله بما نعيشه اليوم؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/18 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/18 الساعة 09:20 بتوقيت غرينتش

نسب إلى رئيس الوزراء السابق للاحتلال بن غوريون أنه يرى أن الأمل في بناء دولة آمنة ومستقرة للإسرائيلين أمل قوي للغاية، وأكمل حديثه قائلاً عن الفلسطينيين بأنه بمرور السنوات سوف يموت كبارهم وينسى صغارهم ويعيش طرفا النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سوياً في سلام.

فكان لتلك العبارة على الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله وقع شديد، حيث إن تلك الجملة لا تعني سوى أن يتم نسيان الحق الفلسطيني، وشعبه، وتاريخه، وأرضه، وتراثه، وأن تُطوى القضية الفلسطينية طي النسيان في الملفات القديمة للدول المنهوب أرضها والشعوب المنتهكة حقوقها.

وإيماناً منه بأن هناك حجارة إن لم يرفعها المرء بنفسه عن صدره ستتهشم أضلاعه حين يرفعها غيره، لم يجد إبراهيم نصرالله حلاً سوى أن يؤرخ 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث في 11 رواية درامية وتاريخية سميت الملهاة الفلسطينية.

وتتكون الملهاة الفلسطينية من 11 رواية،  أولاها في التسلسل الزمني رواية قناديل ملك الجليل التي تقص كيف كانت فلسطين في القرن الثامن عشر في ظل الخلافة العثمانية، وكيف كان حلم القائد ظاهر العمر الزيداني أن يحرر الأرض متحدياً أوامر الخلفاء العثمانيين الذين طلبوا قتله أكثر من مرة، ولكنه ظل متحدياً لهم متمسكاً بأرض فلسطين رافعاً راية الحرية والصمود.

وتنتهي سلسلة الملهاة الفلسطينية برواية مجرد 2 فقط التي تقص فترة آخر القرن التاسع عشر وما بعد نكبة فلسطين، وبعد ما حدث لأهل فلسطين من هجوم وحصار وتهجير ومجازر وقتل جماعي على لسان لاجئ فلسطيني قضى عمره في المخيم حتى هاجر من بلده ليعيش في بلد غير بلده محروماً من حق العودة لفلسطين.

وما بين رواية قناديل ملك الجليل ورواية مجرد 2 فقط، العديد من الروايات التي يروي فيها إبراهيم نصرالله ما حدث لفلسطين منذ أن أصبحت دولة حرة حتى نهبت وسرقت واحتلت من الصهاينة، ففي رواية زمن الخيول البيضاء تدور أحداث الرواية في الربع الأخير للقرن التاسع عشر، حينما تكونت العصابات الصهيونية لتفزيع المواطنين الفلسطينيين في بيوتهم، وصولاً إلى عام النكبة حينما تم رسمياً طرد الشعب الفلسطيني من أرضه لصالح إقامة دولة يهودية صهيونية مزعومة، وتهجير الفلسطينيين وتحويلهم إلى مشردين ولاجئين يعيشون أفظع معاناة لشعب قد سُرقت أرضه.

وها هي فلسطين الآن، وقد مات بالفعل الكثير من كبارها ولكن لم ولن ينسى أبداً أي من صغارها، فكيف ينسى الصغير أمه التي رآها مقتولة غدراً بأيدي الصهاينة المحتلين؟ كيف ينسى الصغير داره التي سرقت منه؟ كيف ينسى الصغير أرضه التي طرد منها وأحلامه التي تفتتت؟ كيف ينسى المرء حقه في أن يعيش آمناً في أرضه؟ نعم يموت المرء، لكنه يورث كره الصهاينة المغتصبين للأرض، لأولاده ولأحفاده، لقد نجح الصهاينة في استيطان الكثير من الأراضي على مرأى ومسمع العالم كله ولم يحرك أي من بلاد العالم ساكناً، لكن سيظل الفلسطينيون بصغارهم ونسائهم ومناضليهم ومرابطيهم شوكة في حلق مغتصبي الأرض، فلن ينعم الصهاينة أبداً بنوم هادئ ولن يحلموا أبداً بأحلام سعيدة، ولن ينالوا ذلك الأمان المزعوم، فلن ينسى الفلسطينيون تاريخهم، ولن يفرط الشعب الفلسطيني في  تلك الأرض الساحرة فلسطين، وستظل الدماء العربية تروي أرض فلسطين حتى تصبح حرة مرة أخرى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ندى ضياء
مدونة ومُعلمة للأدب الإنجليزي
تحميل المزيد