“يُعرف الدين بالسمع والعقل” وأتباعها ينتشرون في جنوب آسيا.. ماذا تعرف عن الطائفة الماتريدية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/07 الساعة 18:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/07 الساعة 18:48 بتوقيت غرينتش
لم تختلف عن جماعة أهل الحديث والسنة، لكنها طالبت بتعديل يجمع بين الحديث والبرهان، أي بمعنى استخدام الأدلة العقلية والكلامية والبراهين عند مناقشة التيارات الأخرى/ Istock

تعد طائفة الماتريدية من الطوائف الإسلامية السنية وفرقة كلامية مرت بعدة مراحل حتى اتخذت شكلها الحالي واسمها تيمناً بمؤسسها أبي منصور الماتريدي، فما معتقدات هذه الطائفة؟

تنسب طائفة الماتريدية إلى إمامها ومؤسسها أبي منصور الماتريدي الذي يعود نسبه إلى الصحابي أبي أيوب الأنصاري.

اسمه الكامل أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، كان يلقب بإمام الهدى وإمام المتكلمين، ورئيس أهل السنة والإمام الزاهد. وكلمة الماتريدي نسبة إلى ماتريد ويقال لها ماتريت، وهي محلة قرب سمرقند.

يحتل الماتريدي منزلة كبيرة في تاريخ الفكر الإسلامي، حيث إنه مؤسس لإحدى المدارس الكلامية التي ذاع وانتشر فكرها في العالم الإسلامي وهي المدرسة الماتريدية، التي أصبحت هي والأشعرية تتقاسم العالم الإسلامي.

وأهم آراء الماتريدي إجمالاً تتلخص في: أنه لا يرى مسوغاً للتقليد، بل ذمه، وأورد الأدلة العقلية والشرعية على فساده وعلى وجوب النظر والاستدلال. 

ويذهب في نظرية المعرفة إلى لزوم النظر والاستدلال وأنه لا سبيل إلى العلم إلا بالنظر.

ظهرت هذه الطائفة بالقرن الرابع الهجري في سمرقند، أو ما يعرف ببلاد ما وراء النهر.

لم تختلف عن جماعة أهل الحديث والسنة، لكنها طالبت بتعديل يجمع بين الحديث والبرهان، أي بمعنى استخدام الأدلة العقلية والكلامية والبراهين عند مناقشة التيارات الأخرى، وتحديداً المعتزلة والجهمية والملحدين.

ومن كنف عاصمة الخلافة العباسية ببغداد، خرجت الطائفة في ظل الصراع الكلامي وتشعب الآراء والمذاهب واحتدام النقاش في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وتحديداً في ما يتعلق بتغليب العقل وتوسيع دائرة التفكير والاستنتاج.

وتنادي الماتريدية كما المعتزلة والأشعرية بوجوب معرفة الله بالعقل قبل ورود السمع، واعتبروه أول واجب على المكلف، ولا يعذر بتركه ذلك، بل يعاقب عليه، ولو تم الأمر قبل بعثة الأنبياء والرسل، الأمر الذي توافق مع قول المعتزلة، عكس أهل السنة الذين يستندون إلى الآية: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء/15.

وتسمي الماتريدية المسائل المتعلقة باليوم الآخر بالسمعيات، وذلك بناءً على أن هذه المسائل لا تعلم إلا بالسمع، أي إن مصدرهم في التلقي فيها هو السمع فقط، لذلك وافقوا أهل السنة والجماعة في هذا الباب.

كيف تختلف طائفة الماتريدية مع أهل السنة؟

بنما يعتبر أهل السنة أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هي مصادر التلقي والمقارنة والسند، فإن الماتريدية قسمت أصول الدين كما يلي:

  • الإلهيات [العقليات] : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.
  • الشرعيات [السمعيات] : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها، لكن لا طريق للعقل إلى الحكم بثبوتها أو امتناعها؛ مثل: النبوات وعذاب القبر وأمور الآخرة، علماً بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات.
  • مفهوم التوحيد: إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته، لا قسيم له، ولا جزء له، واحد في صفاته، لا شبيه له، واحد في أفعاله، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد، باعتبار أن الإله عندهم هو: القادر على الاختراع، مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية.
  • صفات الله: اعتبروا أن هناك 8 صفات الله تعالى هي: الحياة، القدرة، العلم، الإرادة، السمع، البصر، الكلام، التكوين. أما ما عدا ذلك من الصفات فهي صفات ذاتية أو صفات فعلية ولا تدخل في نطاق العقل.
  •  اعتبروا أن الإسلام والإيمان مترادفان، مخالفين بذلك أهل السنة.
  •  يؤمنون بإمكانية رؤية البشر لله في الآخرة مع نفي الجهة والمقابلة.

مرت الماتريدية بـ4 مراحل رئيسية:

  1. مرحلة التأسيس (333 هـ) والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة، رجل هذه المرحلة أبو منصور الماتريدي، وكانت له جولات كثيرة ضد المعتزلة وغيرهم. شهدت هذه المرحلة ظهور أبي الحسن الأشعري مؤسس فكر الأشاعرة.
  2. مرحلة التكوين (333 هـ – 500 هـ): وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيها أصبحت فرقة كلامية.
  3. مرحلة التأليف والتأصيل (500 هـ – 700 هـ): وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية.
  4. مرحلة التوسع والانتشار (700 هـ – 1300 هـ): تعد من أهم مراحل الماتريدية، حيث بلغت أوج توسعها وانتشارها وذلك بسبب مناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت في شرق الأرض وغربها، وبلاد العرب والعجم والهند والترك وفارس والروم.

لذا فإن الماتريدية يعتمدون في التلقي على العقل، وهو ما قاله الماتريدي في كتاب التوحيد: "أصل ما يعرف به الدين وجهان: أحدهما السمع والآخر العقل، أما السمع فما لا يخلو بشر من انتحاله مذهباً يعتمد عليه ويدعوه غيره إليه… والأصل أن الله تعالى إذ لا سبيل إلى العلم به إلا من طريق دلالة العالم عليه، بانقطاع وجوه الوصل إلى معرفته من طريق الحواس عليه أو شهادة السمع".

في المقابل، لا تعتقد الماتريدية بالقدرة المطلقة للعقل، إذ إن العقل عندهم يدرك ظواهر الأشياء ولا يدرك ماهيتها وحقائقها، ويقول الماتريدي إن "العقول أنشئت متناهية تقصر عن الإحاطة بكلية الأشياء والأفهام قاصرة عن بلوغ غاية الأمر".

أعلام وأتباع الطائفة

ومن أعلام الطائفة الماتريدية السلطان محمد الفاتح وجلال الدين الرومي ومحمد عبده وإسماعيل حقي وغيرهم الكثير.

هذا وانتشرت أفكار الماتريدية انتشاراً كبيراً ما بين أعوام 700ـ1300هـ، وكثر أتباعها فى بلاد الهند والصين، وبنغلادش، وباكستان، وأفغانستان وتركيا، وفارس، وبلاد ما وراء النهر، والمغرب.

وفي مصر، صرح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في تصريحات سابقة، بأن "عقيدة الأزهر الشريف هي عقيدة الأشعري والماتريدي وفقه الأئمة الأربعة وتصوف الإمام الجنيد".

تحميل المزيد