خلال الحرب العالميّة الأولى أخذ ونستون تشرشل استراحة من عالم السياسة بقضاء عدة أشهر متمركزاً في فرنسا، برتبة مقدم في الجيش البريطاني، وذلك بعد تخفيض رتبته من منصب اللورد الأول للأميراليّة.
ورغم أنّه سرعان ما عاد إلى السياسة فإن فترة الاستراحة تلك أكسبته حباً مدى الحياة لهواية لم تكن متوقعة أبداً وهي: الرسم.
ونستون تشرشل.. كاتب ومؤرخ ورسام ورئيس وزراء
يعتبر ونستون تشرشل واحداً من تلك الشخصيات التي كان لها أثر كبير في تاريخ العالم، سيما أنه أول شخص حذّر من تهديدات هتلر قبل وقت طويل من اندلاع الحرب.
وأيضاً تمكن من خلال فطنته السياسية ومهاراته الخطابية الرائعة عندما كان رئيساً لوزراء بريطانيا من حشد قوات بلاده مرتين لمواجهة الجيش الألماني الضخم، الذي كان يبدو أنه لا يقهر.
علاوة على ذلك حصل تشرشل على جائزة نوبل في الآداب لعام 1953 عن سلسلة مؤلفاته الستة عن الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى كونه رساماً شغوفاً، رغم أنه بدأ بهوايته تلك وهو في سن الـ40.
أبرز رسومات وينستون تشرشل
رسم رئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل خلال حياته أكثر من 550 لوحة، أبرزها لوحة جامع الكتبية في مراكش.
ففي العام 1943 وبعد حضوره لمؤتمر الدار البيضاء رفقة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، من أجل وضع استراتيجية لهزيمة ألمانيا النازية، وجد وينستون تشرشل بعض الفراغ، من أجل رسم برج جامع الكتبية في مدينة مراكش المغربية.
وكانت هذه اللوحة هي الوحيدة التي رسمها تشرشل خلال فترة الحرب العالمية الثانية، التي امتدت من العام 1939 حتى 1945، وفقاً لما ذكرته شبكة CNN الأمريكية.
وبعد نهاية المؤتمر منح تشرشل تلك اللوحة إلى روزفلت، التي انتقلت بعد وفاته إلى عدة مالكين، بحيث وصلت أخيراً نجمة هوليوود أنجلينا جولي، التي عرضتها للبيع بسعر يتراوح بين 2 و3.4 مليون دولار.
أما الثانية فهي لوحة مشهد البحيرة الإيطالية Italian Lake Scene، التي رسمها رئيس الوزراء البريطاني خلال قضائه عطلة في إيطاليا من أجل الترويح على نفسه، بعد خسارة الانتخابات العامة بعيد نهاية العالمية الثانية.
ووفقاً لما ذكره موقع National Trust، فإن تشرشل رسم خلال تلك العطلة القصيرة 15 لوحة خلال 21 يوماً فقط، ومن بينها كانت لوحة مشهد البحيرة الإيطالية.
أما لوحة شاطئ ولمر Beach at Walmer فهي الأخرى من بين أبرز لوحات تشرشل، وقد بيعت في مزاد كريستي للفنون البريطانية والأيرلندية العلني، بقيمة تجاوزت 350 ألف دولار أمريكي.
وتعرض اللوحة شاطئاً قرب قلعة دوفر في بريطانيا، داخله مدفع قديم يحرس الشاطئ والقلعة.
ووفقاً لما ذكره موقع BBC، فإن تشرشل كان يكره التخلي عن أي من أعماله الفنية، لكنه أهدى هذه اللوحة إلى الجنرال إسماي، أحد أبرز مستشاريه العسكريين في الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد أن وعده مرات عديدة سابقة بإهدائه إحدى لوحاته.
ومن بين رسوماته المميزة أيضاً لوحة حوض سمك الزينة، التي بيعت في أحد المزادات بلندن بنحو 2.8 مليون دولار أمريكي، وتمثل اللوحة التي رسمها في العام 1932 حوض السمك الذي كان موجوداً في منزله بمقاطعة كنت جنوب شرقي البلاد.
ووصفت دار سوذبيز اللوحة التي تحمل عنوان "حوض سمك الزينة في تشارتويل" بأنها "بلا شك تحفة أعمال تشرشل من عقد الثلاثينيات" و"نموذج فذ لأعمال الفنان في ذروة تألقه".
ومن بين رسوماته الأخرى أيضاً لوحة الشاطئ بالقرب من مدينة كان، وقد بيعت بـ1.1 مليون دولار، ولوحة المفروشات في قصر بلينهايم، وبيعت أيضاً بـ1.8 مليون دولار.
الحكومة البريطانية توافق على أخذ جزء من لوحاته مقابل ضرائب الميراث
بعد وفاة ماري سوامس في العام 2014، وهي آخر الأبناء المتبقين على قيد الحياة لونستون تشرشل، أعلنت الحكومة البريطانية موافقتها على قبول مجموعة من رسومات رئيس الوزراء السابق بدلاً من ضريبة الميراث المستحقة على سوامس، التي تبلغ نحو 9.4 مليون جنيه أسترليني.
وبما أنّ وصية سواميس الأخيرة قبل وفاتها، فقد قررت الحكومة البريطانية ترك تلك اللوحات التي حصلت عليها، ويبلغ عددها 37 في منزل تشرشل وتركها متاحة للزوار، لكنها ستبقى ملكاً للصندوق الوطني البريطاني وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.
أما بالنسبة للوحات تشرشل الأخرى، فقد تم بيعها جميعاً من قبل أبنائه في مزادات علنية.