قد يكون البيت الأبيض هو المبنى الأكثر شهرة على طول شارع بنسلفانيا في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، ولكن هناك مقر إقامة حكومي أقل شهرة منه يقع في جواره تماماً ولعب دورًا مهماً في تاريخ الولايات المتحدة لعقود، إنه منزل " بلير هاوس".
فما قصة هذا المنزل، من أسسه، وما مواصفاته، وما هي أبرز الأحداث التي شهدها؟
بلير هاوس على بعد شارع فقط من البيت الأبيض
يقع منزل بلير على بُعد خطوات من الحديقة الشمالية للبيت الأبيض هو بيت الضيافة الرئاسي الرسمي، وكان هذا المنزل الضخم منذ الحرب العالمية بمثابة دار ضيافة رئاسي لذلك يطلق عليه "الفندق الأكثر تميزًا في العالم" حيث يستضيف رؤساء الدول والملوك والرؤساء المنتخبين، وفقاً لما ذكرته صحيفة Washington Post الأمريكية.
تم بناء منزل بلير في عشرينيات القرن التاسع عشر تحديداً في العام 1824 ليكون منزلاً لجوزيف لوفيل الجراح الثامن العام للجيش الأمريكي.
قبل أن يشتريه الصحفي فرانسيس بريستون بلير الذي كان صديقاً مقرباً وأحد مستشاري الرئيس أندرو جاكسون في العام 1836 مقابل 6500 دولار أمريكي.
بقي المنزل ملك لعائلة بلير حتى اشترته حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1942 بتوجيهات من الرئيس فرانكلين روزفلت ليصبح منذ ذلك الحين بمثابة دار الضيافة الرسمية لكبار الشخصيات الأجنبية ورؤساء الدول والوفود الزائرة إلى واشنطن.
ورغم تحوّل اسمه إلى دار الضيافة الرئاسي فإنّه بقي مشهوراً باسم صاحبه السابق بلير.
أكبر من البيت الأبيض ويحتوي على 110 غرف
سابقاً كان المنزل عبارة عن 4 منازل متصلة بسلالة فيما بينها، ولكن عند إجراء عمليات تعديل في خمسينات القرن الماضي تم وصل الأبنية الأربعة ببعضها البعض لتشكل منزلاً مساحته 6500 متر مربع أي بمساحة داخلية أكبر من البيت الأبيض التي تبلغ نحو 5 آلاف متر مربع، وفقاً لما ذكره موقعBusiness Insider الأمريكي.
يحتوي المنزل على 110 غرف موزعة على 14 جناحاً للضيوف، بحيث يحتوي كل منها على 3 غرف طعام رسمية وغرفتي اجتماعات كبيرتين وعدد من الحمامات ومطبخ يشرف عليه طاهٍ محترف وصالون تجميل مجهز بالكامل وغرفة تمارين رياضية ومرافق لغسيل وكي الملابس.
كما أنّ هناك أيضًا غرف اجتماعات مشتركة أخرى ومكتبة والعديد من مناطق الجلوس.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في أحد أعداد مجلتها في العام 2001: "نظراً لأنّ بلير هاوس ليس فندقاً عملنا من خلال تصميمه أن يشعر الضيوف وكأنهم في مساكنهم الشخصية".
وعادة لا يسمح لأحد بالنوم فيه من دون موافقة الرئيس، لكن هناك استثناء للرؤساء الذين ينتظرون أداء اليمين الدستورية خلال الفترة الانتقالية.
هذا وتتم إدارة الإقامة في المنزل رسميًا من قبل مكتب رئيس المراسم بوزارة الخارجية، أما الموظفون الذين يعملون فيه فهم متفرغون تماماً له؛ إذ يعملون على تنظيفه وإعداده للزوار.
منزلٌ للاجتماعات الثنائية والمحادثات رفيعة المستوى
منذ تجديده الأخير في ثمانينيات القرن الماضي لم يعد بلير هاوس مجرد مكان لاستضافة الضيوف وحسب بل أيضاً أصبح مكاناً لعقد الاجتماعات الثنائية والمحادثات رفيعة المستوى.
ومن بين الضيوف البارزين الملكة إليزابيث الثانية والملك خوان كارلوس ملك إسبانيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي مانويل ماكرون والرئيس الصيني شي جين بينغ.
كما التقى هناك وزير الخارجية جون كيري مع أونغ سان سو كي، الزعيمة المدنية لميانمار الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1991.
ومن الأمور البارزة أيضاً أنه يسمح للشخصيات البارزة التي تقيم هناك بأن ترفع أعلام دولها في مكان إقامتها.
شهد محاولة اغتيال الرئيس هاري ترومان
هاري ترومان
هاري ترومان هو الرئيس الـ33 للولايات المتحدة الأمريكية من 12 أبريل/نيسان 1945 حتى 20 يناير/كانون الثاني 1953.
قبل أن يصبح ترومان رئيساً للولايات المتحدة كان يشغل منصب نائب الرئيس فرانكلين روزفلت قبل أن يتوفى روزفلت وهو في منصبه ليتم تعيين ترومان بديلاً له.
وأشرف هاري ترومان على إنهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام كل من ألمانيا النازية واليابان، كما أنه صاحب قرار إطلاق القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي في أغسطس/آب 1945
فحاول جريزليو توريسولا وأوسكار كولازو الدخول إلى المنزل لكنّ الشرطة قامت بمنعهما وقتل توريسولا، وتسببت هذه الأصوات بفزع الرئيس خلال نومه فخرج إلى الشرفة ليرى ما الذي يحصل.
وكاد الهجوم أن يسفر عن مقتل ترومان لولا أن أحد المارة صرح له بالاحتماء.
انتهى الهجوم بعد إلقاء القبض على كولازو الذي حكم عليه بالإعدام بتهمة القتل إلا أنّ ترومان قرر تخفيف الحكم عليه إلى السجن مدى الحياة.
ويذكر أنّ ترومان بقي يعيش في بلير هاوس مدة 4 سنوات تقريباً خلال فترة رئاسته بسبب إجراء صيانة وتعديلات على البيت الأبيض.
يقضي فيه الرؤساء الجدد ليلتهم الأخيرة قبل مراسم التنصيب
إنّ أحد أبرز الأشياء التي يتميّز بها بلير هاوس هو أنّ هناك تقليداً يقوم على أن يقضي الرئيس المنتخب ليلته الأخيرة داخل المنزل قبل أن يتوجه صباحاً إلى البيت الأبيض من أجل أداء اليمين وإتمام مراسم تنصيبه رئيساً جديداً للولايات المتحدة.
وقد واظب الرؤساء المنتخبون على تطبيق هذا التقليد منذ عقود، والذي تم إقراره أولاً من قِبَل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، عام 1977.
هذا وقد أشارت صحيفة Washington Post إلى أنّ الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن سيقضي هو الآخَر ليلة التنصيب في بلير هاوس بناء على دعوة رسمية.