لا شكّ أن بإمكان الأشياء التي نرتديها أن تخبر العالم الكثير من الأشياء عنا سيما القبعات التقليدية التي يمكن من خلالها استنتاج من أين نحن وما هي خلفيتنا الثقافية.
القبعات التقليدية حول العالم
بعض هذه القبعات أصبحت جزءاً لا يتجزأ في ثقافات الشعوب مثل الشماغ والعقال العربي والباباخا الشركسية التي لا تزال مستخدمة إلى الآن، وبعضها الآخر بقي لفترة طويلة مستخدماً قبل أن يتم حظره مثل الطربوش لدى العثمانيين.
من قبعات الصوف إلى قبعات لحى الماعز والخيزران، تعرفوا على أبرز القبعات التقليدية حول العالم، وفقاً لما ذكره موقع Matador الإسباني.
القبعة المكسيكية سمبريرو
بعض القبعات التقليدية يكون الهدف منها جمالياً لا أكثر وبعض القبعات الأخرى مثل السمبريرو يكون هدفها نفعياً، إذ تم تصميم هذه القبعة المكسيكية ذات الحواف العريضة والمميزة من أجل حماية مرتديها من أشعة الشمس الحارقة التي تسطع في المكسيك خلال أشهر الصيف، كما أنّ اسمها هو اشتقاق من الإسبانيّة بمعنى "الظل".
شعب المستيزو
شعب المستيزو أو كما يطلق عليهم أيضاً الميستيثو هم مجموعة عرقية تعيش في أمريكا اللاتينية والمكسيك والولايات المتحدة وبعض دول البحر الكاريبي وهم نتاج تزاوج مستعمرين أوروبيين سيما الإسبان مع السكان الأصليين لأمريكا الجنوبية.
وفي الآونة الأخيرة أصبح هذا المصطلح يطلق على كل من الهنود الحمر والأفارقة المختلطين بالأوروبيين وأيضاً الأشخاص من الأصول الأوروبية الذين يعيشون في الفلبين.
وعادة ما تكون قبعات سمبريرو التي يرتديها الفلاحون مصنوعة من القش، في حين يرتدي الأغنياء سمبريرو مصنوعة من الشعر يتم تزيينها بألوان ومواد مختلفة.
أما في الوقت الحالي فقد أصبحت القبعة رمزاً وطنياً وثقافياً للمكسيك، إذ غالباً ما يتم ارتداؤها خلال الاحتفالات.
قبعة الأدغال الأسترالية
في قارة أستراليا تمتلك قبعة الأدغال أكوبرا شعبية كبيرة إذ يرتديها كثيرون ممن يعيشون في الأرياف.
تم استخدام قبعة الأدغال الأسترالية لأول مرة من قبل الأفراد العسكريين في عام 1885 وهي عنصر أساسي في زي الجيش الأسترالي منذ عام 1903.
القبعة ليست مخصصة للجنود فقط، بل أصبحت من أوائل القرن العشرين من أهم قطع الأزياء التي يرتديها الشعب قبل أن تقل شعبيتها في المدن بعض الشيء.
أكوبرا عبارة عن قبعة واسعة الحواف ومصنوعة من فرو الأرانب، وقد اكتسبت اسمها من شركة أكوبرا المصنعة لها، تماماً كما اكتسبت المناديل المعطرة اسم كلينيكس.
الطربوش
إذا سبق لك أن شاهدت مسلسلات شامية تاريخية أو حتى تركية أيضاً فستجد أن غالبية الرجال كانوا يرتدون الطربوش فقد كان جزءاً لا يتجزأ من ملابس الرجال في كل من تركيا وبلاد الشام وشمال إفريقيا خلال القرنين الـ 18 والـ 19، حتى إنه وصل إلى قبرص وصربياً أيضاً.
السلطان محمود الثاني
ولد السلطان محمود الثاني في العام 1785، و تقلد مقاليد الخلافة العثمانية سنة 1808 وهو في الـ 23 فقط ليصبح السلطان رقم 30 للدولة العثمانية.
استقر عزم السلطان الشاب على أن يمضي في طريق الإصلاح الذي سلكه بعض أسلافه من الخلفاء العثمانيين مثل تنظيم الانكشارية وإصلاح أحوالهم، وإجبارهم على اتباع التنظيمات القديمة الموضوعة منذ عهد السلطان سليمان القانوني.
تعرض السلطان للإصابة بعدوى السل، ولما اشتد به المرض نُقل إلى إحدى ضواحي إسطنبول للاستشفاء بهوائها النقي، ثم لم يلبث أن عاجلته المنية وتوفي في 1839 وهو في الـ 54 من العمر وخلفه ابنه السلطان عبد المجيد.
في العام 1925 وبعد إلغاء الخلافة العثمانية وتأسيس الدولة التركية من قبل مصطفى كمال أتاتورك تم إلغاء ارتداء الطربوش.
والطربوش هو عبارة عن قبعة على شكل مخروطي لونها من مشتقات اللون الأحمر ويتدلى من طرفها الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء.
الشماغ والعقال
يعتبر الشماغ ومن فوقه العقال من أكثر القبعات العربية شهرة سيما في دول الخليج والعراق وأيضاً في بعض مناطق بلاد الشام ومصر والأحواز، إذ إنّ غالبية الرجال هناك يرتدونه في حياتهم اليومية.
الشماغ هو عبارة عن قطعة قماشية بيضاء أو حمراء وبيضاء تصنع عادة من القطن أو الكتان، يوضع فوقها العقال وهو عبارة عن حبل أسود يتم لفه فوق الشماغ مرتين لتثبيته.
كان العقال سابقاً يصنع بشكل أساسي من صوف الماعز، أما في الوقت الحالي فيمكن استخدام القطن والحرير في صناعته، وهو يعطي الرأس البرودة خلال فصل الصيف.
لا يعرف تحديداً تاريخ بدء استخدام الشماغ والعقال، ففي الوقت الذي تقول بعض المصادر إنه نشأ في الجزيرة العربية في بداية القرن الثامن عشر، تقول مصادر أخرى إنه يعود إلى العصور القديمة إذ يوجد بعض الآثار القديمة من عملات ورسومات تظهر ارتداء البابليين للشماغ والعقال وإن كان شكله يختلف بعض الشيء عن الشكل الحالي.
قبعة جبال الألب البافارية
قبعة جبال الألب البافارية أو كما تسمى أيضاً بالقبعة التيرولية هي نوع من أغطية الرأس التي في الأصل جاءت من مقاطعة تيرول الرومانية التاريخية في جبال الألب والتي تشكل جزءاً الآن من دول ألمانيا، النمسا، إيطاليا، سويسرا.
واشتهرت القبعة بشكل كبير بفضل ملك المملكة المتحدة إدوارد الثامن الذي تنازل عن العرش، إذ كان يقضي أوقاتاً طويلة في ستيريا النمساوية حيث كان يتجول في شوارعها وهو يرتدي قبعة من الطراز التيرولي.
تصنع القبعة من اللباد الأخضر وتتميز بزينتها المصنوعة من لحى الماعز والريش والزهور.
بقيت القبعة عنصراً أساسياً في موضة تلك المناطق طوال القرن العشرين قبل أن تفقد شعبيتها، وبقي ارتداؤها الآن مقتصراً على الحفلات والمهرجانات.
قبعة أوشانكا الروسيّة
من المنطقي أن تكون قبعة أوشانكا أو كما تسمى أيضاً يوشانكا مرتبطة بروسيا أرض البرودة الشديدة أكثر من أي دولة أخرى، إذ تشتهر أوشانكا بغطاء أذن مميز وتستمد اسمها من الكلمة الروسية "أوشي" التي تعني "آذان".
وتم اختراع قبعة يوشانكا في القرن الثامن عشر وتحديداً من أجل جنود أوروبا الشرقية سيما روسيا الذين يقضون أوقاتاً طويلة في البرد القارس، في حين تم تحديث القبعة كجزء من إعادة تصميم الزي الشتوي للجيش الأحمر.
القبعة عبارة عن كتلة من الفرو ذات أجزاء يمكن أن تنسدل فوق الأذنين أو يمكن أيضاً ربطهما فوق القبعة.
في الوقت الحالي باتت القبعة تعتبر رمزاً ثقافياً وسياسياً للاتحاد السوفييتي.
قبعة الباباخا الشركسية
إذا سبق لكم وشاهدتم إحدى نزالات المقاتل الروسي حبيب نورمحمدوف فلا شكّ أن أكثر ما لفت انتباهكم- عدا حركات الخنق التي يقوم بها ضد منافسيه- هي القبعة الغريبة التي يرتديها قبل وبعد نزالاته.
تعتبر الباباخا هي القبعة التقليدية منذ القدم لشعوب القوقاز (الشركس) سيما الأديغية وداغستان والشيشان، إذ إنها تعطي الرأس الدفء في الشتاء والبرودة في الصيف.
وتصنع عادة من أجود أنواع صوف وفراء الحيوانات وقد تصل أسعارها أحياناً إلى آلاف الدولارات.
وتعتبر الباباخا حتى الآن جزءاً لا يتجزأ من تقاليد وحياة الشركس في القوقاز وبلاد المهجر ويتم ارتداؤها بشكل كبير.
القبعة الآسيوية المخروطية
القبعة الآسيوية المخروطية ليست خاصة بدولة واحدة أو حتى منطقة بل هي منتشرة بكثرة في غالبية دول شرق وجنوب آسيا ولها عدة أسماء منها: (قبعة البردي، قبعة الأرز، قبعة الخيزران، قبعة الكولي، قبعة الجينجاسا، قبعة السالاكوت).
وقد صممت هذه القبعات المخروطية لحماية مرتديها من الشمس والمطر مما يجعلها خياراً ممتازاً للمزارعين في كل مكان من فيتنام إلى اليابان.
وتصنع القبعة بشكل أساسي من الخيزران وأوراق الشجر وأحياناً الحرير ويتم تزيينها باللباد وخيوط القصدير.
في الماضي كان النبلاء يرتدون القبعات الآسيوية المخروطية المرصعة بالجواهر أو المزخرفة.
أما في الوقت الحالي فيرتديها الجميع من مزارعين وعمال حتى إنها أصبحت رمزاً للبوذية في شرق آسيا وعلى الأخص اليابان إذ يرتديها الحجاج والرهبان البوذيون الذين يبحثون عن صدقات، كما أنّ مقاتلي الساموراي يرتدونها وتعرف لديهم باسم جينجاسا أو كاسا.