في 24 سبتمبر/أيلول 2020، توفي في الولايات المتحدة الأمريكية الزعيم الفخري لجماعة "ميلجون" برنت كينيدي، ، وذلك بعد صراع طويل مع مرض الشلل النصفي.
وتدَّعي جماعة "ميلجون" أن أصولها تعود إلى جنود عثمانيين أُسروا سنة 1571 خلال إحدى المعارك البحرية التي خاضها العثمانيون ضد تحالف صليبي نشأ ضدهم. فما هي هذه الجماعة؟ وكيف تم أسر أجدادهم خلال هذه المعركة؟
كيف اكتشف زعيم جماعة ميلجون في أمريكا أن أصله تركي؟
قبل نحو عقدين من الزمن وقبل إصابته بمرض الشلل النصفي، أصيب زعيم جماعة "ميلجون" برنت كيندي، بمرض حمى البحر المتوسط، والذي لا يمكن أن يصيب أحداً بالأمريكتين في الأحوال العادية.
فدفعه ذلك إلى إجراء فحوصات الحمض النووي التي أظهرت أن أجداده أتراك، وفق ما ذكرته وكالة أنباء "الأناضول" التركية.
ما هي جماعة ميلجون التركية؟
بحسب البروفيسور التركي توركر أوزدوغان، تعود جذور جماعة "ميلجون" إلى نحو 10 آلاف جندي عثماني وقعوا أسرى في معركة "ليبانت" البحرية عام 1571، ويبلغ عدد أبنائهم المنحدرين من نسلهم حالياً نحو مليوني شخص.
ووفقاً لكينيدي، فإن الحمض النووي لجماعة "ميلجون" يشبه إلى حد كبير، الأحماض النووية لأتراك منطقة الأناضول وسط تركيا.
متى وقعت معركة "ليبانت"؟
بعد وفاة السلطان سليمان القانوني في عام 1566 وتربُّع ابنه سليم الثاني على العرش، بدأ الأخير يركز اهتمامه على المشاريع التي يمكن أن تدرَّ الأرباح على العثمانيين.
وكان أحد هذه المشاريع هو فتح جزيرة قبرص التي كان يسيطر عليها البنادقة ويمارسون فيها أعمال القرصنة؛ ما كان يسبب لهم عقبة أمام حركة التجارة الكبيرة بين مصر وإسطنبول.
ورغم معرفة سليم الثاني أنّ فتح قبرص سيؤدي في نهايته إلى قيام تحالف صليبي جديد ضدهم، فإنه تجاهل ذلك وشرع في أمر السفن بالتجهز؛ من أجل فتح الجزيرة في العام 1571.
ما إن سمِع البابا بيوس الخامس بالأمر حتى تحرّك هو الآخر؛ لعقد اتفاقية سريعة مع ملك إسبانيا والبندقية وبعض الدويلات المسيحية الأخرى، من أجل التصدي للأسطول العثماني.
فأصبح هذا التحالف الجديد الذي سمّوه "العصبة المقدسة"، هو الثالث عشر الذي تعقده أوروبا ضد الدولة العثمانية منذ بدء تأسيسها.
وتألف التحالف الجديد من جمهورية البندقية، والإمبراطورية الإسبانية، والدولة البابوية في روما، ومملكة نابولي، ومملكة صقلية، وجمهورية جنوى، وفرسان مالطا.
عندما علِم العثمانيين بالحلف الجديد غيَّروا وجهتهم باتجاهه
عندما علِم العثمانيون أن هناك حلفاً جديداً أقامه الصليبيون ضدهم أمر سليم الثاني أسطوله بالتحرك نحوه وتدميره قبل التحرك باتجاه قبرص.
وبالفعل لم تمضِ شهور قليلة حتى التقى الأسطولان عند ميناء ليبانت الذي كان ميناءً عثمانياً يقع على الشواطئ اليونانية.
كان الأسطول الصليبي للتحالف مكوناً من نحو 300 سفينة تحمل أكثر من 30 ألف جندي و15 ألف جداف، إضافة إلى نحو 200 سفينة حربية.
وترأس الأسطول دون خوان، وهو ابن غير شرعي للإمبراطور الإسباني كارلوس الثاني، وهو من كبار القادة البحريين الإسبان.
أمّا الأسطول العثماني فتألف من نحو 400 سفينة وأكثر من 30 ألف مقاتل، وترأسه الوزير مؤذن زاده علي باشا الذي كان سابقاً والياً على مصر، إضافة إلى أولوج علي باشا الذي كان إيطالي الأصل ولكنه اعتنق الإسلام وبات واحداً من أهم رجال البحرية العثمانية.
مشكلة بسيطة تسببت بخسارة العثمانيين
قبل بدء المعركة اقترح أولوج الذي كان قائداً لأحد الأساطيل الصغيرة، أن يتم تجنب دخول المعركة مع الصليبيين إلى بعد أن تقصف مدافع القلاع العثمانية سفن الصليبيين وتدمرها،لأن ذلك سيعطي فرصة كبيرة لسفن الأسطول العثماني لإنهاك الأسطول الصليبي قبل بدء المعركة. لكن مؤذن زاده علي باشا الذي كان صاحب القرار الأخير، اعترض على ذلك وقرر الدخول في المعركة بأسرع وقت.
لم تكد تمضي ساعات على بدء المعركة حتى قُتل مؤذن زاده رفقة ابنه، فيما تعرَّض ابنه الثاني للأسر.
أمّا أولوج الذي كان على رأس أسطول آخر، فتمكن من الحفاظ على جميع سفنه وهزم فرسان مالطا الذين كانوا في مواجهته.
وعندما رأى أولوج أنّ لا شيء يمكن فعله قرر الانسحاب والعودة باتجاه إسطنبول، فكافأه سليم الثاني على شجاعته ورقّاه، ليصبح قائداً للبحرية العثمانية وهو المنصب الذي احتفظ به حتى وفاته بعد 16 عاماً.
أمّا المعركة فانتهت بانتصار التحالف الصليبي، بعد تكبُّد العثمانيين خسارة أكثر من 130 سفينة والسيطرة على 60 سفينة أخرى، إضافة إلى مقتل نحو 20 ألف جندي وأسر نحو 10 آلاف آخرين.
ولكن كيف وصل الأسرى إلى أمريكا؟
بحسب وكالة "الأناضول"، فقد أجبر التحالف الصليبي الذي انتصر في المعركة الجنود العثمانيين الأسرى حينها على التجديف في سفنهم لسنوات طويلة، قبل أن يتركهم لمصيرهم لاحقاً في القارة الأمريكية.
وقد استقر الجنود العثمانيون حينها بجبال الأبالاش الواقعة في موازاة المحيط الأطلسي شمال قارة أمريكا الشمالية، وتقاربوا مع قبائل الهنود الحُمر فيها.