منذ نحو 80 عاماً بدأت دولٌ عدة إرسال رحلات فضائية إلى المريخ من أجل استكشافه والإجابة عن السؤالين الرئيسيين: هل توجد حياة سابقة على المريخ؟ وهل يمكن للإنسان أن يعيش في "الكوكب الأحمر" مستقبلاً؟
فيما يلي نستعرض أهم الرحلات الفضائية التي أُطلقت من الأرض نحو المريخ، وهدف كل رحلة، ونتعرف على المسابير التي لا تزال تعمل حتى الآن على سطح المريخ.
رحلات فضائية إلى المريخ
كان الاتحاد السوفييتي أول مَن أطلق مركبةً فضائيةً باتجاه المريخ، حينما أطلق مركبة Mars1M No.1 في العام 1960. هدف الرحلة كان يكمن في إجراء اختبار نظام الطيران ودراسة البيئة على "الكوكب الأحمر" والفرق بينه وبين الأرض، لكن المهمة فشلت في المرحلة الثالثة من إطلاقها، إذ انفجرت المركبة على ارتفاع 120 كم وسقط حطامها فوق سيبيريا.
لم ييأس السوفييت وتابعوا إرسال المركبات الواحدة تلو الأخرى، ففشلوا في أول 9 رحلات، فسبقتهم منافستهم أمريكا في محاولتها الثانية، ونجحت حينها في إطلاق مسبار "مارينر" 4 في العام 1964.
فيما لم ينجح الاتحاد السوفييتي في إطلاق أول مهمة ناجحة سوى إلى العام 1971، عندما أطلقوا رحلتهم العاشرة عبر مسبار Mars 2، والهدف منه كان تصوير سطح المريخ والغيوم المحيطة به وتحديد درجة حرارة الكوكب ودراسة تضاريسه وتكوينه الفيزيائي، إضافة لقياس خصائص الغلاف الجوي ومراقبة الرياح، وبالفعل أكمل المسبار مهامه بنجاح.
صراع أمريكي-سوفييتي فوق الكوكب الأحمر
خلال كل الفترة الممتدة من 1960 وحتى 2020، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية 21 رحلة ناجحة إلى المريخ، بينها 5 رحلات لا تزال قيد العمل حتى الآن، في حين فشِلت في إطلاق 6 رحلات.
أمّا الاتحاد السوفييتي فقد أرسل 17 رحلة فاشلة، مقابل 4 رحلات ناجحة بينها رحلة مشتركة مع الاتحاد الأوروبي، ولا تزال قيد التشغيل حتى الآن.
إليكم الآن قائمة بأبرز الرحلات الفضائيّة التي أطلقها العالم باتجاه جارنا الأحمر وأهدافها، من بينها مسابير لا تزال تعمل حتى الآن وأخرى في طريقها نحوه:
مارينر 4 (1964)
كان المسبار مارينر 4 أول مسبار ينجح في الوصول إلى مدار المريخ، حيث تم إطلاقه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1964، ووصل في 15 يوليو/تموز 1965.
الهدف من هذه الرحلة كان التقاط صور لـ"الكوكب الأحمر"، والتعرف على الإمكانات التكنولوجية للسفر عبر الفضاء لمدة زمنية طويلة، إضافة لقياس الجسيمات والمجال المغناطيسي للمريخ، إلا أنّ نصف أدوات القياسات تعطلت خلال اقتراب المسبار من مدار الكوكب.
لكن خلال الرحلة، أرسل المسبار 22 صورة التقطها عبر كاميرا تلفزيونية، واستغرقت كل صورة نحو 8 ساعات للوصول إلى الأرض.
مارس أوديسي (2001)
"مارس أوديسي" هي أقدم مركبة فضائية لا تزال حتى الآن تعمل فوق المريخ، إذا أطلقتها وكالة "ناسا" الأمريكية، في 7 أبريل/نيسان 2001، ووصلت إلى مدار المريخ في 24 أكتوبر/تشرين الأول في العام ذاته، ومن المتوقع أن يستمر على رأس عمله حتى 2025.
والهدف من هذه المركبة هو دراسة رابع كواكب المجموعة الشمسية والبحث عن المياه أو آثار وجودها باستخدام التصوير الحراري ومعدلات الإشعاعية الموجودة على سطحه، تمهيداً لإرسال البشر إلى الكوكب.
أبرز إنجازات المركبة كانت تمكنها في العام 2008 من تأكيد وجود المياه تحت سطح الكوكب، عبر رسم خرائط التوزيع الأساسي للمياه.
كما اكتشفت "مارس أوديسي" رواسب شاسعة من ثلج الماء قرب المناطق الاستوائية.
مارس إكسبريس (2003)
تعد رحلة "مارس إكسبريس" أول رحلة تطلقها وكالة الفضاء الأوروبيّة، إذ انطلقت في 2 يونيو/حزيران 2003، ووصلت إلى مدار المريخ في 25 ديسمبر/كانون الأول في العام نفسه.
وحملت هذه المركبة على متنها مركبةً أخرى، اسمها "بيجل 2″، كانت مهمتها الهبوط على سطح المريخ، ولكنها فُقدت خلال محاولتها الهبوط، ويعتقد أنها تحطّمت.
أما "مارس إكسبريس" فلا تزال مستمرة في عملها بمدار المريخ منذ ذلك الحين وحتى الآن، ومهمتها هي إرسال الصور والبيانات والبحث عن آثار المياه ودراسة الغلاف الجوي.
وأسفرت هذه الرحلة حتى الآن عن إنشاء خريطة طبوغرافية وصور عالية الدقة للمريخ وأحد أقماره فوبوس، ويقول العلماء إن البيانات التي أرسلتها المركبة ذات قيمة لا تُصدق، ومن المتوقع أن ينتهي عملها في 2026.
مركبة اكتشاف المريخ (2005)
أطلقت وكالة ناسا" الأمريكية، في 12 أغسطس/آب 2005، مركبة اكتشاف المريخ MRO، ووصلت إلى مدارها في 10 مارس/آذار 2006.
الهدف من المركبة كان رصد التضاريس الطبيعية للكوكب، ومراقبة مناخه، وخاصة دورانه الجوي والتغيرات الموسمية التي تطرأ عليه، والبحث عن المياه المالحة على سطحه وتحته، بالإضافة إلى توفير مواقع هبوط لرحلات أخرى مستقبلية.
ومن المتوقع أن تستمر المركبة بعملها حتى نهاية 2020.
بعثة المريخ المدارية (2013)
تعدُّ بعثة المريخ المدارية أول بعثة فضائية هندية ناجحة تصل إلى المريخ تابعة للدول الآسيوية، وذلك بعد محاولتين فاشلتين أرسلتهما اليابان والصين.
أطلقت الهند مركبتها Mangalyaan، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، ووصلت إلى مدار المريخ، في 24 سبتمبر/أيلول 2014.
وللمركبة العديد من الأهداف المهمة، منها استكشاف ملامح سطح المريخ ومعادنه ومناخه، من خلال دراسة المورفولوجيا (علم تشكل الأحياء)، ودراسة مكونات الغلاف الجوي وغاز الميثان وأول أوكسيد الكربون وآثار الرياح والإشعاع الشمسي.
إضافة إلى إجراء العديد من التجارب، منها مناورة حول مدار كوكب الأرض إلى مدار مركزية الشمس، ومنها إلى مدار المريخ، وأيضاً تطوير نماذج خوارزميات لحساب المدار، إضافة إلى الحفاظ على المركبة الفضائية في جميع مراحل المهمة وتلبية متطلباتها من الطاقة واتصالات طيلة الوقت.
المفاجئ في الأمر كان أن مدة البعثة محددة بستة أشهر فقط، ولكنها لا تزال مستمرة حتى الآن.
رحلات لا تزال في طريقها نحو المريخ
شهد العام 2020 إطلاق 3 رحلات إلى المريخ، اثنتان منها صينيتان والثالثة إماراتية، في حين ستُطلق وكالة "ناسا" الأمريكية الرحلة الرابعة نهاية يوليو/تموز.
مسبار الأمل: أطلقته الإمارات، في 20 يوليو/تموز 2020، ومهمته الأساسية دراسة طبقات الغلاف الجوي لـ"الكوكب الأحمر"، وتكوين فهم أعمق للتغيرات المناخية، ومن المتوقع أن يصل إلى مداره المحدد بعد سنتين أرضيتين.
"تيانوين 1″ و"تيانوين لاندر/روفر": أطلقتهما الصين في 23 يوليو/تموز 2020، وتشملان مركبتين في رحلة واحدة، الأولى للدوران حول المريخ والثانية للتجول عليه ودراسة تربته، ومن المتوقع أن تصل الأولى إلى مدارها في فبراير/شباط 2021، أي بعد رحلة تستمر 7 أشهر فقط، بينما يتوقع أن تهبط الثانية على سطح المريخ في 23 أبريل/نيسان 2021.
بيرسيفيرانس: من المتوقع أن تطلق وكالة "ناسا" الأمريكية مسبار "بيرسيفيرانس"، وهو بحجم سيارة صغيرة نحو المريخ، نهاية يوليو/تموز 2020، في حين يتوقع وصوله في فبراير/شباط 2021.
ومهمة هذا المسبار هي الهبوط على سطح المريخ والبحث عن آثار الحياة، وتخزين العينات لدراستها على كوب الأرض عند عودته.