ربما تكون قد سمعت بقصة الملك ميداس الأسطورية، وكيف أن كل ما يلمسه يتحول إلى ذهب، وأنه عاش على مدار 3 آلاف عام.
يُعتقد أن مَيْداس حكم شعب فريجيا القديم قبل الميلاد بحوالي 700 سنة، ومنطقة فريجيا عبارة عن إقليم قديم في الوسط الغربي من الأناضول استوطنه اليونانيون الفريجي، وهم الذين حكموا آسيا الصغرى بعد انهيار الإمبراطورية الحيثية، وسيطروا على جزء كبير من الأراضي التي أصبحت تركيا اليوم.
أثناء اشتغال فريق دولي من الباحثين على حفرٍ أثري كبير في أنقرة، وصل بلاغ من مزارع محلي يفيد بأنه عثر على قطعةٍ صخرية كبيرة وغير عادية، أثناء أعمال جرف في حفرة تصريف مياه في أرضه القريبة من موقع الحفر الأثري في موقع يُطلق عليه اسم "تركمان كاراهويوك"، ويُمثّل مستوطنة كبيرة تعود إلى عصرين استخدم فيهما الإنسان البرونز ثم الحديد، وكان مأهولاً بالسكّان بين عامَي 3500 و100 قبل الميلاد.
وجد على النقش كتابة غريبة، باللغة اللوفية، التي كانت مستخدمة في العصر البرونزي والعصر الحديدي، ومزيج من خط آخر وبعض الرموز الهيروغليفية.
تشير الكتابة الهيروغليفية المحفورة على أحد أحجارها إلى أن حكّام تلك الحضارة ربما غزوا المملكة التي كان على رأسها الملك ميداس، الحاكم القديم الأسطوري الذي قيل إنه يحب الذهب ووُهِبَ أن يتحوّل كل ما يلمس ذهباً.
لوحة تاريخية لنصر عسكري..
ووجد الباحثون أن الكتابة المحفورة بهذه الكتلة الحجرية القديمة تؤرخ لنصر عسكري، وكان النصر يتمثل في هزيمة فيرجيا، المملكة القديمة الموجودة في الأناضول منذ 3 آلاف عام، والتي كان يحكمها ميداس.
حكم "فيرجيا" بضعة رجال مختلفين يُدعون ميداس، لكن نظراً للتاريخ الذي يعود له اللوح التذكاري، بناء على التحليل اللغوي، فإن الرموز على الصخرة ربما تشير إلى الملك ميداس، الشهير بأسطورة "اللمسة الذهبية".
تضمنت النقوش على الحجر أيضاً رموزاً هيروغليفية خاصة ترمز إلى أن رسالة النصر جاءت من ملك آخر اسمه هارتابو، وتشير الكتابة إلى أن قوات هارتابو أسرت ميداس.
حضارة لا يعلم عنها أحد شيئاً..
اللافت في هذا الأمر هو أننا لا نعرف شيئاً مطلقاً عن الملك هارتابو، أو عن المملكة التي حكمها
ولم يتم التعرف بعد على اسم الحضارة أو عاصمتها، والتي يعتقد أنها امتدت لأكثر من 300 فدان في بدايتها.
ويعتقد أنها كانت موجودة ما بين 1400 قبل الميلاد إلى حوالي 600 قبل الميلاد .
ولكن اللوح الذي عثر عليه يشير إلى أن تل تركمان كارهيوك الضخم كان عاصمة هارتابو، التي امتدت على 300 فدان وكانت مركز الغزو القديم لميداس و "فيرجيا".
يقول عالم الحفريات أوبورن المسؤول عن عملية تحليل الحجر الأثري "لم يكن لدينا أي فكرة عن هذه المملكة" وفي لمح البصر، أصبح لدينا معلومات جديدة مفصلة عن العصر الحديدي في الشرق الأوسط".
هناك عمليات حفر كثيرة يجب إتمامها في هذا المشروع الأثري الجاري، وتلك الاكتشافات يجب اعتبارها مبدئياً اكتشافات أولية والفريق الدولي متحمس لزيارة الموقع مرة أخرى هذا العام، ليكتشفوا المزيد مما يمكن معرفته عن هذه المملكة التي يبدو أنها مفقودة في التاريخ.
ويضيف أوسبورن: "داخل هذا التل يجب أن نجد قصوراً، وآثاراً، ومنازل"، هذا اللوح التذكاري كان اكتشافاً موفقاً ومذهلاً، لكنه مجرد بداية".
وخلال الحفريات في غورديوم (عاصمة مملكة فريجيا القديمة) في عام 1957، فاجأ علماء آثار متحف بنسلفانيا العالم باكتشافهم قبر والد الملك ميداس، غورديوس.
كان القبر سليماً تماماً، وكان الهيكل العظمي للملك لا يزال ممدداً فيما تبقى من تابوت مصنوع من خشب الأَرز، تحيط به بقايا الوليمة الكبيرة التي أقيمت في جنازته.