من بين مئات القادة العسكريين استطاع أدولف هتلر خلق حالة استثنائية من الجدل حوله، ليس فقط لأنه أقام الهولوكوست وأحرق فيها اليهود، لكنه كان شخصية جدلية حتى في قراراته السياسية، لكن، كيف مات هتلر.
إذا كان سبق لك أن شاهدت فيلم Valkyrie لتوم كروز، ذاك الفيلم الذي كلّف إنتاجه وتوزيعه 135 مليون دولار، فأنت مهتم بتفاصيل اغتيال الأدولف.
بحسب رواية موقع قناة موقع Historyالأمريكية، فقد أسس نحو 200 "مقاوم" ألماني شبكة تهدف لتنفيذ عملية "فالكيري"، التي كان من المفترض أن تقتل الزعيم الألماني أدولف هتلر، في 20 يوليو/تموز 1944، والإطاحة بالنظام النازي.
وحتى اليوم لا يزال المؤرخون يدرسون، ما الذي حفز رجال المؤامرة لتنفيذها؟ إذ لم يُحركهم، في بادئ الأمر على الأقل، الحكم الاستبدادي لهتلر، ومعاداته للسامية وميوله للقتل الجماعي.
لكن بدخوله الحرب العالمية الثانية صار هناك إيمان جماعي منهم، وربما لدى آخرين أيضاً، بأن الفوهرر يُلحق العار بألمانيا ويقودها إلى الدمار، فقرروا الخلاص منه.
بدايات الصعود
صعد هتلر إلى السلطة من خلال عملية ديمقراطية، لكنه سرعان ما رسّخ لديكتاتورية لم تكن فيها المعارضة أمراً مقبولاً، ووجد مئات الآلاف، ممن كانوا معارِضين، أنفسهم بين قتلى ومعتقلين.
ويوضح بيتر هوفمان، أستاذ التاريخ في جامعة مكغيل، المتخصص في حركة المقاومة الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، أن المناخ العدائي في ألمانيا دفع معظم الناس، بعيداً عن السياسة، إلى اعتقاد أن هناك قلة ظل همها الأكبر اغتيال هتلر، لتجد أنه كان هناك أكثر من 40 مؤامرة لاغتياله.
وقعت أشهر هذه المؤامرات -وأقربها إلى النجاح- يوم 20 يوليو/تموز 1944، عندما هرّب كلاوس فون شتاوفنبرج (الذي أدى دوره توم كروز في فيلم Valkyrie) حقيبة متفجرات داخل اجتماعٍ مع الفوهرر لقتله.
الرجال الذين خططوا لمؤامرة يوليو/تموز
كان كثيرون ممن شاركوا في مؤامرة يوليو/تموز على شاكلة شتاوفنبرج، ضباطاً عسكريين ذوي رتب عالية من أصولٍ أرستقراطية، تجدهم من بين الأفضل تعليماً، ولديهم شعور كبير بالقومية والانتماء إلى المانيا.
ارتكب شتاوفنبرج جرائم ربما لا تقل فظاعة من الجانب الأخلاقي عن تلك التي ارتكبها الأدولف الألماني، إذ كان قائد شرطة برلين، وقام بالتحرش باليهود وابتزازهم، وأمر بقتل عشرات الآلاف من اليهود في مناطق انتُزعت من الاتحاد السوفييتي، وبالرغم من ذلك كان يسعى للتخلص من هتلر.
سعوا للحفاظ على مصالح ألمانيا وهويتها
وبالرغم من تجاوز بعض هؤلاء الذين أرادوا التخلص من هتلر، فإنهم رأوا في موته حفاظاً على هوية ألمانيا، وإنهاءً للحرب، وتجنباً للحكم العسكري، مفضلين تولي الساسة والمدنيين الآخرين زمام الأمور في الحكومة في أعقاب أي انقلاب.
وفي منتصف عام 1944، مع اقتراب الأمريكيين والبريطانيين من الجهة الغربية واقتراب السوفييت من الجهة الشرقية، ظهر حافز جديد، وهو إنقاذ الوطن من الدمار التام.
لماذا فشلت مؤامرة يوليو
في 20 يوليو/تموز 1944، وضع شتاوفنبرج حقيبة المتفجرات قريبةً من هتلر خلال اجتماعٍ في مقر Wolf's Lair العسكري في بولندا الحالية، ثم غادر الغرفة بادعاء تلقي مكالمة هاتفية. أصاب الانفجار لاحقاً كاتب الاجتماع و3 ضباط آخرين بجراح مميتة.
لكن هتلر خرج سالماً، ويُقال إن ذلك لأن أحد الضباط المقتولين نقل الحقيبة بعيداً عنه ليرى بوضوح خريطة على المنضدة، ما أدى لنجاته، بينما تمزق بنطاله نتيجة للانفجار، وأُصيب بثقبٍ في طبلة الأذن.
أُعدم شتاوفنبرج، الذي تعرض لخيانة من جانب أحد المخططين الآخرين معه، الذين وشوا به، ورغم أن فريق العملية قالوا إن شتاوفنبرج لم يكن الشخص المناسب، إلا أن أحداً غيره لم يمتلك الشجاعة الكافية لتنفيذ العملية.
وأعدم الرجل لتكون آخر كلماته صياح هتف فيه "تحيا ألمانيا العظيمة"
النازيون يعدمون المخططين بوحشية
وفي الأسابيع التالية للعملية، قتل النازيون جميع المخططين الباقين الـ200 تقريباً، وكانوا في بعض الحالات يعلقونهم بوحشية كالمصلوبين فيما يشبه خطافات اللحم.
أثارت محاولة الاغتيال حملة قمعية على آلاف المعارضين، وكان من بين الواقعين في شباك حملة التفتيش، إرفين رومل، الجنرال المعروف الذي أُجبر على الانتحار بالرغم من شح الأدلة التي تثبت مشاركته في المؤامرة.
نجا بعض المخططين المحظوظين، إلى أن مات آخرهم في عام 2013، وتحول "رجال 20 يوليو/تموز" مع الوقت من خونة إلى أبطال في نظر الشعب. ومنذ عام 2002، صار مجندو الجيش الألماني يُقسمون قَسَمهم في يوم 20 يوليو/تموز، تشريفاً لشتاوفنبرج وجماعته.
كيف مات هتلر في النهاية
ولاحقاً، وفي أواخر عام 1944م، قام الجيش الأحمر بدفع الجيش الألماني إلى وسط أوروبا ، في حين
قام الحلفاء الغربيون بالتوغل والتقدم نحو ألمانيا.
ولما كان هتلر على دراية تامة بهزيمة بلاده واقتراب نهاية الحرب، واستمرت المجازر بحق المدنيين، وقُتل الكثير من الأبرياء بسبب عناد هتلر، واستمرت الظروف والمجريات باللعب ضد هتلر، قرر إنهاء حياته.
في 30 أبريل/نيسان من العام 1945، انتحرت زوجته إيفا براون بابتلاع كبسولة تحتوي على سم السيانيد القاتل، بينما قام هتلر بإطلاق عيار ناري من قياس 7.65مم على نفسه، باستخدام مسدس من نوع والثر، وأنهى حياته بنفسه، بعد محاولات المئات اغتياله.