بعدما انتشرت مؤخراً تغريدة لمواطن إسرائيلي يطلب من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، السماح له بزيارة مسقط رأسه، وتحديداً في نجران، بحسب ما ادعاه الإسرائيلي داود بن يوسف شكر أنه من يهود نجران..
برغم أن الخبر لقي تفاعلات متباينة بين التكذيب والرفض، فقد تساءل البعض عن حقيقة جذور اليهود في السعودية، وتحديداً نجران القريبة من الحدود اليمنية.
نجران في نبذة تاريخية
هي منطقة تقع في جنوب غربي السعودية، وتبلغ مساحتها ما يقرب من 36 ألف كيلومتر مربع وتغطي الصحراء جزءاً كبيراً منها، وتحيط بها مجموعة جبال من الشمال والجنوب، ويشقها وادٍ يسمى بالاسم نفسه، نجران من الغرب إلى الشرق، وكانت محوراً للصراع عام 1934 بين اليمن والسعودية قبل أن تنضم رسمياً إلى السعودية بعد انتهاء الحرب.
من هم يهود نجران؟
تقول المصادر العربية إنه كانت لليهود قبل الإسلام تجمعات في شبه الجزيرة العربية واليمن، ومنهم ملوك حِمْيَر، ويقول البعض في روايات تاريخية أخرى، إن يهود اليمن هم أقدم يهود العالم.
وكانت يثرب (المدينة المنورة الآن) تضم واحداً من أكبر تجمعات اليهود بشبه الجزيرة، وتوزَّع في ثلاث قبائل هي: بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع. الأولى والثانية كانتا من الكهنة ويقال لهما بنو هارون.
وبحسب المصادر العربية، منها المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي، فإن يهود نجران كانوا مجموعة من القبائل تعود أصولهم إلى يهود بنو قريظة، قطنوا في مدينة نجران المتاخمة لحدود اليمن، وظلّوا على ديانتهم.
وحتى عام 1932م، كان عددهم ما يقرب من 7000 يهودي، كان لهم رجل دين (حاخام)، وعمِلوا في المجالات الحرفية، وبعض أعمال الرعي.
لكن عقب قيام المؤسسات الصهيونية بإعلان اعتزامها احتلال فلسطين وزعم إقامة وطن قومي لهم هناك، طالب بعضهم بالهجرة إلى اليمن؛ للانضمام إلى يهود اليمن، في سبيل تلبية نداء الأرض المزعومة. وبحسب المصدر ذاته، طردت السلطات السعودية أغلبية يهود نجران إلى اليمن ما بين عامي 1948م و 1949 م، في حين فضَّل بعض اليهود المتبقين التحول إلى الإسلام.
الرواية الغربية.. من يهود اليمن قبل الإسلام
أغلب المصادر الغربية، ومنها موقع Medium الأكاديمي، تذكر وجود جماعة من اليهود في منطقة نجران قبل ظهور الإسلام، والذين نجوا من حروب المسيحيين وملوك حِمْيَر اليهود -تحديداً ذو نواس ملك حِمْيَر- في اليمن، وأنهم ظلوا في نجران بعدما أصبحت سعودية. وبعد الصراع اليمني-السعودي عام 1934، بلغ عدد من لم يعتنق الإسلام منهم نحو 600 يهودي، تبقَّوا بعد أن هاجر أو أسلم أغلبهم بحلول عام 1949، وأن هؤلاء قد طردهم السعوديون إلى الحدود اليمنية في يوم واحد جميعاً؛ ومن بعدها إلى أرض فلسطين المحتلة.
الرواية الإسرائيلية.. تفاصيل غير موجودة في المصادر
يذكر التاريخ الصهيوني في أحد المواقع الهادفة إلى خلق تاريخ يختلف عن النسخ المتداولة عربياً وعالمياً، تفاصيل أخرى عن يهود نجران، من بينها أنهم كانوا ما يقرب من 10 قبائل -لم يذكر أعدادهم- تعمل بالزراعة والتجارة، وأنهم اليهود الوحيدون من يهود اليمن الذين عاشوا تحت حكم السعودية، كما ذكرت النسخة الإسرائيلية أنهم عمِلوا في صياغة الذهب وإصلاح السيوف والدروع.
ورغم أن أغلب المصادر لم تتناول الكثير عنهم؛ فإن الحقائق التي يمكن استخلاصها هي أن أعداد اليهود الذين عاشوا في نجران واختاروا الرحيل عنها أو طُردوا منها لم تكن كبيرة، وربما لهذا لم تُذكر بشكل موسع في البحث التاريخي عن العرب من اليهود.