توفي الدبلوماسي الألماني والعالم والمفكر الإسلامي مراد ويلفريد هوفمان عن عمر يناهز 88 عاماً في مدينة بون في 13 يناير/كانون الثاني 2020 بعد صراع طويل مع المرض.
أعلن نبأ وفاته المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، والذي كان عضواً فخرياً فيه، إذ تحول هوفمان إلى الإسلام في عام 1980، ولفت انتباه العالم إليه نتيجة كتبه التي تحدث فيها عن الفكر الإسلامي.
حياته المهنية وإرثه الفكري
عمل هوفمان سفيراً لألمانيا من عام 1987 إلى عام 1994، أولاً لدى الجزائر ثم المغرب.
ألف العديد من الكتب عن الإسلام، بما في ذلك "رحلة إلى مكة المكرمة" و"الإسلام: البديل".
كما ألقى محاضرات متكررة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة والعالم الإسلامي. وبحلول عام 2008، قدم حوالي 350 محاضرة حول مواضيع إسلامية في 31 دولة.
تركز العديد من كتبه ومقالاته على مكانة الإسلام في الغرب، وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 على وجه الخصوص في الولايات المتحدة.
كما كان أحد الموقعين على رسالة "كلمة مشتركة بيننا وبينكم"، وهي رسالة مفتوحة من علماء الإسلام إلى الزعماء المسيحيين، تدعو إلى السلام.
من هو مراد ويلفريد هوفمان؟
ولد هوفمان العام 1931 كاثوليكياً، لكنه اعتنق الإسلام في عام 1980.
درس في جامعة نيويورك ثم حصل على درجة ماجستير في القانون من جامعة هارفارد، العريقة لكن تحوله للإسلام قوبل ببعض الجدل بسبب مكانته الرفيعة في الحكومة الألمانية.
وقال في كتبه إنه اعتنق الإسلام نتيجة لما شاهده في حرب الاستقلال الجزائرية، وولعه بالفن الإسلامي، وما اعتبره "تناقضات في العقيدة المسيحية" على حد تعبيره.
خدم هوفمان في وزارة الخارجية الألمانية من عام 1961 إلى عام 1994.
عمل أولاً في الجزائر كمتخصص في القضايا المتعلقة بالدفاع النووي. وواصل عمله كمدير للمعلومات في منظمة حلف شمال الأطلسي NATO في بروكسل في الفترة من 1983 إلى 1987، وسفير لدى الجزائر من 1987 إلى 1990، وسفير في المغرب من 1990 إلى 1994.
كان هوفمان عضواً فخرياً ومستشاراً للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا.
كان عضوا في مؤسسة "أهل البيت للفكر الإسلامي" في الأردن وعضواً في المجلس الشرعي لبنك البوسنة الإسلامي في سراييفو.
كرمه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد عام 2009، باعتباره "شخصية العام الإسلامية".
كما تم إدراجه أيضاً في قائمة أهم 500 شخصية مسلمة في العالم من مركز التفاهم الإسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون ومركز الدراسات الاستراتيجية الإسلامية في الأردن.
"مفكر بارع ومصدر إلهام"
نشر هوفمان كتبه باللغة العربية والبوسنية والإنجليزية والفرنسية والمالايالامية والروسية والتركية والمجرية.
ونعى المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا هوفمان في بيان قائلاً إن وفاته كانت خسارة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
وقال أيمن مزيك، رئيس مجلس إدارة المجلس: "بوفاة مراد ويلفريد هوفمان، نفقد مفكراً بارعاً وعالماً وشخصية عالمية المستوى ونموذجاً رائعاً ومصدراً للإلهام لكثير من الناس وعبر الأجيال".
حاز هوفمان على وسام الاستحقاق الفدرالي وأعلى الميداليات الممنوحة للأجانب من المغرب ومصر والأردن.
في لقاء صحفي عندما سئل عن تعريفه لمفاهيم العقلانية والسبب والإيمان، قال إن المسلم لا يستطيع أن يعيش بلا إيمانه، وبأنه بمجرد نطقه للشهادتين مع فهم عميق لمعناها، يمكن تطبيق الإيمان.
واعتبر أن العقلانية ضرورية لفهم محورين: الطبيعة أو الكون والقرآن الذي يحتوي كلمات الله.
ويعتبر هوفمان الإسلام أكثر الديانات عقلانية والتي تدعو للتعقل والتفكير بحكم ورودها 15 مرة في القرآن ضمن آيات تدعو الناس للقراءة والتحليل وتحكيم العقل.
ويعتبر هوفمان أن من أبرز إنجازات الدين الإسلامي مدنياً وتزاوج المعتقدات الدينية بالعقلانية هو أول دستور نصه الرسول محمد عندما كان يعيش في المدينة المنورة حيث تواجدت عدة ديانات، والذي نص على أن يعيش في المدينة المنورة معتنقو جميع الأديان بسلام.
وفي أحد كتبه، قال المفكر الألماني: "أعتقد أن تجديد الإسلام في القرن الحادي والعشرين يأتي من أوروبا".