شخصية حقيقية وأصله تركي.. كيف غزا «سانتا كلوز» العالم وتحول لأيقونة أمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/18 الساعة 12:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/18 الساعة 12:13 بتوقيت غرينتش

تُعَدُّ شخصية بابا نويل (سانتا كلوز) من الأيقونات الأبرز لعيد الميلاد، وبداية العام الجديد، لكن من أين أتت شخصية سانتا كلوز، ويعتقد الكثيرون أن شخصية بابا نويل ما هي إلا شخصية خرافية، ما هي قصة سانتا كلوز الحقيقية؟ 

سانتا هو القديس نيكولاس، أو كما كان يطلق عليه "نيقولا"، وهو من أشهر القديسين الذين عاشوا في العصور الوسطى، ووالده كان من العائلات المسيحية الثرية، إلا أنه مات بسبب الطاعون فتم إيداع نيكولاس في ملجأ للأطفال الأيتام.

عاش نيكولاس في مدينة ميرا التركية، أنطاليا حالياً، في العام 270، وعقب وفاة والده ورث ثروة كبيرة لكنه كان زاهداً بها وقرر أن يوزع ثروته بطريقة مختلفة جعلته رمزاً وأيقونة خلدها التاريخ حتى اليوم.

يقول المؤرخون إنه كان يعيش في المدينة التركية، وكان  يتنكر في كل ليلة، ويخرج ليوزع الهدايا على الفقراء، فضلاً عن خروجه إلى البحارة في المدينة ليعطيهم الأموال، إذ كانت تعيش ميرا في هذه الأثناء ظروفاً اقتصادية قاسية.

عرف سانتا بقضاء حوائج الناس وجالب السعادة، وظلت روايته حاضرة يتناقلها الأجيال ليس فقط في تركيا بل في هولندا، وكافة أنحاء أوروبا.

من سانتا كلوز إلى بابا نويل، تحولت الشخصية إلى شكلها المعروف حالياً، حين قرر الشاعر الأمريكي كلارك موريس في العام 1823 وصف نيكولاس بأبيات شعر، فكتب قصيدة "الليلة التي قبل عيد الميلاد"، وفي العام 1881 قام الرسام الأمريكي توماس نسيت بإنتاج أول رسم كاريكاتيري لشخصية بابا نويل، تيمناً بشخصية نيكولاس، فجسده ببدلته الحمراء وذقنه البيضاء وحذائه الأسود اللامع.

القديس نيكولاس المرح لواشنطن إيرفينغ

استخدمت شخصية نيكولاس أيضاً في مناحي أخرى، فقد كتب واشنطن إيرفينغ، للسخرية من 

بعض أعضاء متحف جمعية نيويورك التاريخية، الذين سعوا إلى إنتاج سجلٍ تراكمي من التراث للمدينة؛ ولكنهم فشلوا على حد وصفه.

وفي كتابه "تاريخُ نيويورك A History of New York" الذي نُشِرَ للمرة الأولى عام 1809، نسب واشنطن للقديس نيكولاس -جالب الهدايا الأوروبي التقليدي- الفضل في توجيه المُستعمرين الهولنديين الأوائل إلى الاستقرار في مانهاتن حين كان يوجههم وينقل بعضهم في نفس العربة التي يُحضر داخلها الهدايا السنوية للأطفال.

ثم وصف إيرفينغ كيف أن المُستعمرين شكروا حاميهم باحتفالٍ في ليلة رأس السنة، تقليلاً من جهود المسؤولين عن حماية الهولنديين.

سنتركلاس يحصل على شخصية

كتبت الكثير من القصائد لاحقاً تمجد شخصية نيكولاس، تصفه بأنه حبيب الأطفال، وتطورت الشخصية من مجرد شكل الرجل العجوز إلى الألعاب التي يحملها، والعربة التي تجرها الحيوانات، وتزامن ظهوره مع رأس السنة الميلادية لإكمال البهجة التي يحملها للأطفال، والكبار في آن معاً.

تباينت شخصية بابا نويل في القصائد، تارة يوصف بأنه سانتا كلوز، وهو تحوير لاسم نيكولاس، وتارة يوصف باسمه صراحة، لكن الرابط بينهما البهجة التي يجلبانها للناس.

كيف تطورت شخصية سانتا كلوز..

جسد فنان الرسوم الكاريكاتيرية توماس ناست، سانتا كلوز بشخصيته التي باتت معروفةً على نطاقٍ واسع في ما بعد.

ووُصِف ناست بأنّه أبو رسوم الكاريكاتير السياسية المُعاصرة في الولايات المتحدة، كان تصويره الأول لسانتا كلوز في مجلة Harper's Weekly الأمريكية سياسياً بشكلٍ مُبالغٍ فيه، إذ أظهره بوجهٍ جاد يُوزّع الهدايا على جنود الاتحاد إبان الحرب الأهلية الأمريكية. 

حوّل ناست كلوز الذي كان يصور دائماً على أنه ضئيل الحجم إلى شخص بالحجم الطبيعي، وبدأ في عملية التعديل التي ستصل في النهاية إلى الرجل البدين الذي صرنا نعرفه اليوم.

وبحلول عيد الميلاد عام 1866، كان ناست يُصوّر سانتا كلوز بملامح أكثر وداً، وأظهر ناست الألعاب التي يحملها سانتا، وأضاف الكثير من التفاصيل إلى الشخصية.

وقدّم ناست بابا نويل بوصفه شخصيةً مُعاصرة تُلامس العالم العصري، وتسعد باستخدام الاختراعات الجديدة مثل الهاتف وغيره من الأشياء الحديثة.

توحيد الرموز البريطانية والأمريكية

بحلول عام 1890، أُعيد تصميم بابا نويل الإنكليزي، وصار هو وبابا نويل الأمريكي الجديد نفس الشخصية، فبابا نويل الإنكليزي كان أقل وضوحاً من نظيره الأمريكي

وكان التغيير الذي طرأ على طريقة الاحتفال بأعياد الميلاد هو الذي دفع بسانتا كلوز/بابا نويل إلى صدارة المشهد في أعياد عيد الميلاد 

بالنسبة لـواشنطن إيرفينغ وكليمنت كلارك مور وتشارلز ديكنز، رغم بروزهم، لكنهم مجرد ثلاثة من بين الكثير من الكُتّاب الذين وصفوا عُنصر عيد الميلاد الجديد الذي اكتسب شعبيةً كبيرة إبان القرن الـ19 وربطوه بسانتا كلوز.

وصار سانتا كلوز الذي رسمه توماس ناست، نموذج بابا نويل الذي باتت تصدره الولايات المتحدة الأمريكية كأكثر دولة تتخذه أيقونة بداية العام الجديد، رغم كونه تركي الأصل، وعاش في ربوع مدينة أنطاليا التركية.

ظهور سانتا كلوز المُتزايد في أعياد الميلاد

جرى استغلال عيد الميلاد بشكلٍ مُتزايد تدريجياً من عشرينيات القرن الـ19 وحتى ستينيات القرن نفسه، وازدادت سرعة ذلك الاستغلال بشكلٍ مطرد منذ ذلك الحين.

 وفي غضون سنوات قليلة من تصوير ناست الأولي، بدأ سانتا كلوز يصير وجهاً للنزعة الاستهلاكية في عيد الميلاد، ووقع عليه الاختيار للترويج لقائمة مُتنوعة من مُنتجات الأطفال والبالغين على مدار القرن ونصف الماضيين. 

وبحلول سبعينيات القرن الـ19، أدّى التبادل الثقافي بين بريطانيا وأمريكا إلى إدخاله في بريطانيا وإمبراطوريتها، حيث روجت له المملكة المتحدة باسم بابا نويل مع الحفاظ على شخصية سانتا كلوز.

وبنهاية القرن، صار بابا نويل أساساً لموسم الأعياد الإنكليزي، وصار يُستخدم بكثافةٍ في الإعلانات ويظهر "بشخصه" في المتاجر الجديدة.

وصل سانتا إلى اليابان عام 1914، وتحوّل إلى ظاهرةٍ عالمية وكان مفتاح نجاحه في بريطانيا هو ميزة اللغة المُشتركة، وانتشار الإنكليزية على المستوى العالمي كان سبباً آخر لشعبيته المُتزايدة.

لكن الأكثر أهميةً كان الهيمنة العالمية لوسائل الإعلام الأمريكية. إذ صار سانتا كلوز نظير جالبي الهدايا الوطنيين الآخرين، مثل بير نويل في فرنسا وويناشتسمان في ألمانيا، كما استولى على شخصية بابا نويل. وحلّ أيضاً محل شخصياتٍ مثل لا بيفانا الحزينة في إيطاليا، التي تضاءل ظهورها الآن في ظل ظهور بابو ناتالي (بابا نويل).

وعلى مرّ السنين، امتد نفوذ سانتا ليتقدّم على جالبي الهدايا، ولا يزال يحتفى به في دول العالم على أنه جالب المرح والهدايا. 

علامات:
تحميل المزيد