قريباً ما سيظهر فنّ تقليديّ، أحياناً ما كان يتعرض للرفض باعتباره تخليداً لصورة نمطية كسولة عن الشرق، بصورة جديدة، بفضل معرض مهم يستكشف كيف ألهم العالم الإسلامي الفنانين الغربيين، ذلك حسبما يأمل المتحف البريطاني.
وحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 16 يوليو/تموز 2019، فقد أعلن المتحف عن تفاصيل المعرض الذي يتمحور بالأساس حول تقليد الاستشراق.
ويُعدُّ مصطلح الاستشراق مُحمَّلاً بكثير من الإيحاءات لعديد من الناس، إذ إنه يأتي إلى الذهن بالطابع السلطوي للوحات الزيتية في القرن التاسع عشر، على أيدي الفنانين الاستعماريين الذين صوَّروا نسخة لم تكن موجودة في كثير من الأحيان للحياة في الشرق الأوسط.
حقيقة "واقعية" أعمال الفنانين المستشرقين
لكن، تضيف الصحيفة البريطانية، بالنسبة إلى أوليفيا ثريلكيلد، أحد أمناء المعرض، فإنَّ "الاستشراق كان أحد العناصر المُحدِّدة للقرنين التاسع عشر والعشرين، وذلك مقارنةً بالمذاهب الأخرى مثل السريالية والانطباعية".
يُنظم المعرض بالتعاون مع متحف الفنون الإسلامية في ماليزيا، في كوالالمبور، الذي يساهم بنحو نصف معروضاته التي يُعرض كثير منها للمرة الأولى خارج ماليزيا.
والمعرض هو بمثابة اعتراف بأن بعض أعمال المستشرقين في القرن التاسع عشر قد خلطت بين الخيال والواقع، إذ أظهرت صورة نمطية عن الشرق، سواء كان ذلك بتمثيل سلوكيات بربرية أو مشهد لأناسٍ يجلسون لشرب القهوة دون أن يؤرقهم القلق أو العمل.
إلا أن هناك تاريخاً أكثر طولاً وغِنى لاستكشافه، حسب قول أمناء المعرض.
يقتفي المعرض أصول الاستشراق في القرن السادس عشر، ويعرض لوحات رسمها فنانون غربيون للسلاطين العثمانيين. أيضاً، ستكون هناك أعمال مهمة لبعض أبرز الرسّامين المستشرقين؛ مثل: أوجين ديلاكروا، وجون فريدريك لويس، وفريدريك آرثر بريدجمان.
وتأثير العالم الإسلامي على الفن الغربي
وتضم الأعمال التي ستظهر لاحقاً في المعرض رسومات أصلية للفنان البريطاني إدموند دولاك لنسخة من "ألف ليلة وليلة" ترجع إلى عام 1907.
لكن لا يتوقف الأمر عند الفنون البصرية فحسب، فيَعِدُ الأمناء بمعروضات تستكشف فنون التصوير الفوتوغرافي، والمسرح، والزجاج، والمجوهرات، والموسيقى، والملابس، والخزف.
قال هارتويج فيتشر، مدير المتحف البريطاني، إنَّ العلاقة الفنية عبر القرون الخمسة المنصرمة قد "أحدثت تنوعاً مذهلاً في الثقافة المادية. وهذا المعرض المهم سيُلقي الضوء على مدى عمق التبادل الثقافي الموجود بين الغرب والعالم الإسلامي".
يُختتم المعرض بأربعة أعمال، تُمثِّل ردود فعل معاصرة لصور الاستشراق، وهي لفنانات من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تتضمن عملاً ينتمي لفن الفيديو، بعنوان "حريم"، للفنانة أنسي إيفينر، أُنتج في عام 2009.
قالت ثريلكيلد إنَّ الاستشراق قد أُغفل إلى حدٍّ كبيرٍ، وظُلم خارج السياق الأكاديمي في هذه الآونة، مضيفة: "تُعتبَّر تلك فرصة نادرة في الممكلة المتحدة لمشاهدة أعمال فنية مهمة من أكبر متحف فنون إسلامية في جنوب شرق آسيا، وللتفكر في تأثير الاستشراق في تاريخ الفن وإرثه في يومنا هذا".