بعد 35 عاماً من المحاولات.. «بابل» في قائمة التراث العالمي

أَسَّس شعب ناطق باللغة الأكادية في جنوب بلاد ما بين النهرين مدينة بابل حوالي عام 2300 قبل الميلاد، وأطلقوا عليها اسم بابل، وتعني في اللغة الأكادية «بوابة الإله»

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/06 الساعة 13:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/06 الساعة 14:17 بتوقيت غرينتش
دخول بابل التراث العالمي لليونسكو

أضيفت لقائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، الجمعة الخامس من يوليو/تموز لعام 2019، مدينة بابل القديمة، وذلك خلال اجتماع المنظمة في باكو عاصمة أذربيجان.

وكانت المدينة ضمن المواقع المرشحة للانضمام لقائمة التراث العالمي منذ عام 1985، ولكن استبعدتها اليونسكو من القائمة، بسبب التلاعب بمعالم المدينة الأثرية، وتغيير بعضها عبر إعادة بناء بعض الأجزاء دون الالتزام بالأسلوب العلمي؛ برغم محاولات العراق المستمرة منذ 35 عاماً لضمها للمؤسسة التراثية.

ومنذ 1983، قدَّمت السلطات العراقية جهوداً كبيرة لإعادة الموقع إلى القائمة مرة أخرى، وطرحت الملف خمس مرات، حتى كُللت تلك الجهود بالنجاح في النهاية.

ولنتعرف الآن على تاريخ مدينة بابل وآثارها العظيمة

تقع مدينة بابل العراقية على نهر الفرات، على بُعد 100 كيلومتر جنوب بغداد، على مساحة 10 كيلومترات مربعة. وكانت عاصمة الإمبراطورية البابلية أثناء حكم بلاد ما بين النهرين. 

بداية بابل وأعظم ملوكها

أَسَّس شعب ناطق باللغة الأكادية في جنوب بلاد ما بين النهرين مدينة بابل حوالي عام 2300 قبل الميلاد، وأطلقوا عليها اسم بابل، وتعني في اللغة الأكادية "بوابة الإله"، حتى إن ملوكها قد ادعوا أن الآلهة هي من اختارتهم للبقاء في الحكم.

وأصبحت قوة عسكرية كبرى في عهد الملك حمورابي (1792-1750 ق.م.) من السلالة العمورية. غزا حمورابي العديد من المدن المجاورة، ووحد بلاد ما بين النهرين تحت حكم الإمبراطورية البابلية.

بابل

أسس حمورابي مجموعة من القوانين التي عُرفت بشريعة حمورابي، وسجلها على مسلة ضخمة من حجر الديورانت الأسود، وأصبحت بابل قوة كبيرة مؤثرة، ولكن لم تدُم طويلاً بعد وفاة حمورابي، وأصبحت مملكة صغيرة لعدة قرون، وتوالت عليها الفتوحات الحيثية، والكاسيتية، والآشورية، والعيلامية.

بداية للإمبراطورية الجديدة

بزغت الإمبراطورية البابلية الحديثة إلى النور في عام 626 قبل الميلاد، وأصبحت أقوى بعد هزيمة دولة الآشوريين الحديثة في عام 612 قبل الميلاد. استخدم الملك الكلداني نبوبولاسر الدبلوماسية والتحالفات لبناء الإمبراطورية البابلية الجديدة من بقايا الإمبراطورية الآشورية الساقطة.

كانت الإمبراطورية البابلية الجديدة (الكلدانية) فترة من النهضة الثقافية في الشرق الأدنى. بنى البابليون العديد من المباني الجميلة والفخمة، وحافظوا على التماثيل والأعمال الفنية من الإمبراطورية البابلية السابقة، ومن أبرز ملوك تلك الحقبة الملك نبوخذ نصر الثاني ابن الملك نبوبولاسر.

فقد أعاد نبوخذ نصر الثاني بناء برج بابل، وبنى بوابة عشتار، كما أنشأ حدائق بابل المعلقة.

ولكن سرعان ما انهارت الإمبراطورية بعد أقل من قرن من الزمان في عام 539 قبل الميلاد على يد الملك الفارسي قورش الكبير، وأصبحت بابل تابعة للسيطرة الفارسية.

بابل تحت حكم الفرس

احتفظت بابل بمعظم مؤسساتها، وأصبحت عاصمة لأغنى ولاية في الإمبراطورية الفارسية، وكانت، وفقاً للمؤرخ اليوناني هيرودوت المدينة الأكثر روعة في العالم في القرن الخامس قبل الميلاد. أدت ثورة ضد زيركسيس الأول (خشايارشا الأول) 482 قبل الميلاد إلى تدمير تحصيناتها ومعابدها.

بابل القديمة

وفي عام 331 قبل الميلاد، سيطر الإسكندر الأكبر على مدينة بابل، فأمر بإعادة بناء المعابد، وبعد وفاته 323 قبل الميلاد، انتقلت بابل إلى حكم الأسرة السلوقية في عام 312 قبل الميلاد، وتقلَّصت بعد ذلك أهمية بابل شيئاً فشيئاً، فقد بنى السلوقيون عاصمتهم الجديدة على نهر دجلة.

ولنتعرف على أهم الآثار والمعالم التاريخية في بابل

في حين أن بابل لها تاريخ مبهر بالقصور والمعابد، إلا أن هناك القليل مما يمكن رؤيته من أقدم عصورها، وما تبقى قد تعرض لأضرار جسيمة. فقد تعرضت المنطقة للتدمير على مراحل، فقد دمرها الآشوريون في الماضي، كما سحقت القوات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة خلال حرب العراق الأرصفة القديمة بمركباتها، وحملوا معهم ما يمكن حمله من البقايا الأثرية.

– برج بابل

ذُكرت بابل كثيراً في الكتاب المقدس، ووفقاً للعهد القديم، فقد حاول البشر الوصول إلى السماء، فبنوا البرج لذلك الغرض، ولكن عندما رأى الله ما حدث، دمر البرج وتناثرت البشرية في جميع أنحاء الأرض، فأصبحوا يتحدثون لغات عديدة، ولم يتمكنوا من فهم بعضهم البعض.

ويعتقد بعض الدارسين أن برج بابل الأسطوري ربما كان مستوحى من معبد حقيقي يسمى المعبد البابلي شمال معبد مردوخ، وأطلق عليه البابليون اسم بوابة الله.

– جدران بابل

ازدهر الفن والعمارة في جميع أنحاء الإمبراطورية البابلية، وخاصة في العاصمة بابل، التي تشتهر بجدرانها التي لا يمكن اختراقها.

طوَّق الملك حمورابي المدينة بالجدران، ثم حصنها نبوخذ نصر الثاني بثلاث حلقات من الجدران يبلغ طولها 40 قدماً.

كما بنى نبوخذ نصر الثاني أيضاً ثلاثة قصور رئيسية، كل منها مزين ببذخ بالبلاط المزجج الأزرق والأصفر. وبنى كذلك عدداً من الأضرحة، كان أكبرها مخصصاً للإله مردوخ، ويبلغ ارتفاع الضريح حوالي 85 متراً.

بابل القديمة

– حدائق بابل المعلقة

تعد حدائق بابل المعلقة، وهي متاهة هائلة من الأشجار المتدرجة والشجيرات والزهور والشلالات الاصطناعية، واحدة من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. لكن للأسف لم يعد هناك أي أثر لوجود تلك الحدائق.

هناك العديد من النظريات المحيطة بالحدائق، من موقعها بالضبط إلى هويات بنّائيها. يقترح البعض أن الحدائق شكَّلت جزءاً من القصر الملكي في بابل نفسها، بينما يعتقد آخرون أنها بُنيت في مدينة أخرى تماماً (نينوى الآشورية). تدعي إحدى قصص الأصل أن نبوخذ نصر قد صنعها لزوجته أميتيس.

– بوابة عشتار

كانت المدخل الرئيسي للمدينة، بُنيت في عام 575 قبل الميلاد تقريباً، ويبلغ ارتفاعها أكثر من 12 متراً، وزُينت بالطوب المزجج الأزرق اللامع، مع نقوش الثيران والتنانين.

كانت البوابة نفسها مزدوجة، وعلى جانبها الجنوبي كانت هناك غرفة انتظار كبيرة. من خلال البوابة، كان هناك طريق مرصوف بالحجارة والطوب، وهو ممر مزين يستخدم في الطقوس الدينية للاحتفال بالعام الجديد.

كانت جوانب الطريق مزينة بتماثيل الأسود والتيران والتنانين متراصة في 13 صفاً.

اكتشف علماء الآثار الألمان بقايا البوابة في أوائل القرن العشرين، وأعادوا بناءها في متحف بيرغامون في برلين باستخدام الطوب الأصلي.

أعاد العراق بناء الطريق، ويسعى منذ التسعينيات بنشاط لإعادة البوابة الأصلية والتحف المرتبطة بها.

تحميل المزيد