يعد زلزال تانغشان – المعروف أيضاً باسم "زلزال تانغشان العظيم" -، أحد أسوأ الكوارث الطبيعية التي حلّت بالصين منذ القدم، إذ راح ضحيته مئات آلاف الأشخاص.
رغم أنّ هذا الرقم كبير فعلاً إلا أنّ العدد كان ليكون أكبر بكثير لولا مساعدة بعض الكلاب البرية الشاردة التي أنقذت حياة الكثيرين، بعد أنّ نبهتهم بأن هناك زلزالاً قادماً.
كلاب بريّة هاجمت المدينة قبل يوم من وقوع الزلزال وأنقذت حياة الكثيرين
في صباح اليوم الذي ضرب به الزلزال مدينة تانغشان الواقعة وسط الصين في 28 يوليو/ تموز 1976، هاجمت مجموعة كبيرة من الكلاب البرية الشاردة شوارع المدينة وبدأت بالنباح بشكل مرعب وهستيري وانتشرت في جميع الأحياء.
أثار هذا الأمر ريبة مسؤولي المدينة الذين تيقنوا بالفعل أن هناك زلزالاً كبيراً سيضرب المدينة فقاموا بنشر الخبر على السكان لإجلائهم.
بالفعل عملت الحكومة على إجلاء عدد كبير من العائلات من منازلها، إلا أنّ الزلزال وقع وأودى بحياة من لم يتمكن من الخروج.
زلزال تانغشان العظيم.. عندما كانت السماء حمراء
عند الساعة 3:42 فجراً بالتوقيت المحلي، وقع الزلزال المدمر وكانت شدته وفق الحكومة الصينية ما بين 7.8 و 8.2 على مقياس ريختر.
بينما راح ضحيته وفق التقديرات المحلية نحو 240 ألف قتيل، إلا أنّ مصادر أخرى قالت إن أعداد القتلى تجاوز 700 ألف شخص.
الزلزال استمر نحو 30 ثانية فقط، إلا أنّ هذه المدة كانت كافية لخراب ما يعادل 90% من مباني المدينة.
وتزامناً مع بداية الكارثة الطبيعية احمرّت سماء المدينة بسبب تساقط أعمدة الكهرباء والانفجارات التي هزت المصانع.
فضلاً عن ذلك عاشت المنطقة على وقع عدد هائل من الهزّات الأرضية الارتدادية حدثت أعنفها في حدود الساعة 6:45 صباحاً بمنطقة تيانجين، وأسفر ذلك عن ارتفاع عدد القتلى.
السبب الأساسي الذي كان وراء هذا الزلزال هو تمزق صدع تانغشان بطول 25 ميلاً، والذي يمر عبر المدينة، بسبب القوى التكتونية الناجمة عن انزلاق صفيحة أخوتسك بما يتجاوز الصفيحة الأوراسية.
ليست الكلاب وحدها من نبهتهم بل الأسماك والفئران أيضاً
قبل وقوع الكارثة بيوم واحد تم الإبلاغ عن ارتفاع مستوى المياه في بئر يوجد في قرية خارج مدينة تانغشان وانخفاضه 3 مرات في اليوم ذاته.
وقد لاحظ سكان المدينة في منطقة "وسط المدينة" ممن لديهم أسماك أنها كانت مضطربة، حيث كانت تقفز للخروج من حوض السمك، كما لو كانت تحاول الهروب.
فضلاً عن ذلك غادرت الجرذان قنوات تصريف المياه المستعملة راكضة بشكل هستيري في كامل أرجاء المدينة، فيما أكّد العديد من الفلاحين عزوف الحيوانات عن الطعام.
هل فعلاً تشعر الحيوانات بالزلازل قبل وقوعها بفترة؟
فمثلاً الأسماكُ تتحرك بعنف كما أنّ الدجاج يتوقف عن وضع البيض والنحل يترك خلاياه في حالة من الذعر.
بينما أكّد عدد من أصحاب الحيوانات الأليفة أنهم شاهدوا قططهم وكلابهم تتصرف بشكل غريب، أو تظهر علامات العصبية والقلق قبل أن تهتز الأرض.
فيما لا يزال الشعور الذي تشعر به تلك الحيوانات لغزاً أمام العلماء.
إحدى النظريات تشير إلى أنّ الحيوانات البرية والمنزلية تشعر أن الأرض تهتز أمام البشر بسبب شعورها بالتغييرات الكهربائية في الهواء أو الغاز المنبعث من الأرض.
ويكمن السر في أن الشحنات الكهربائية عند الحيوانات لها تأثير كبير في هرمون الأعصاب ما يؤدي إلى هيجان الحيوان وتغيير عاداته قبل حدوث الزلازل حيث ترتطم تلك الشحنات بذرات (الإيروسول) في الهواء ما يؤدي إلى التنبؤ بالزلازل.
وتأتي هذه الشحنات نتيجة الضغط الهائل المخزون تحت الأرض والذي يولد التيارات الكهربائية ولايزال البعض يناقض تلك النظرية والبعض الآخر يصدقها.
أسباب منطقية أخرى
العديد من الحيوانات تتمتع بقدرات محددة أو وراثية للدفاع عن نفسها إزاء خطر ما حتى وإن كانت تجهله، فالوطواط مثلاً يعتمد على نظام شبيه بالرادار الصوتي حيث يطلق صرخات ويلتقط صداها عندما تعود إليه بعد اصطدامها بحاجز، وهذا النظام يسمح له برصد أي تغيير في الذبذبات.
أما بعض الحيوانات ذات الأربعة قوائم كالأرانب فإنها تتوقع المخاطر بناء على ارتجاجات الأرض.
من جانبها أوضحت آن كلود غوتييه مديرة إحدى حدائق الحيوان بباريس أن الحيوانات طورت حاسة الشم والحساسية للتغييرات في الضغط الجوي بواسطة أجهزة استشعار أو لواقط خاصة متخصصة لرصد تغييرات الحقل المغناطيسي كالطيور أو النحل.
كما تلجأ الحيوانات إلى "نظام إنذار" عبر إطلاق صرخات إنذار عند اقتراب الخطر كالفيلة التي تعبر عن عصبيتها بصرخات خاصة بالخطر كما تستطيع تدبر أمرها في أي وضع مائي حرج عبر السباحة وإن كانت لا تجيدها وهو ما حدث للفيلة والنمور في آسيا.
ويعد زلزال مدينة تانغشان واحداً من أسوأ الزلازل التي وقعت في العالم، إذ قالت الحكومة إن شدته وصلت إلى 7.8 درجة على مقياس ريختر بينما سبقته زلازل في دول أخرى أقساها كان زلزال 1960 في تشيلي إذ بلغت قوته 9.5 على مقياس ريختر وأثار تسونامي بارتفاع 10 أمتار ما ادى لتدمير قرى بأكملها.