في اليوم الحادي عشر من رمضان، ظهرت الدعوة العباسية عام 129 هـ، وأرسل هولاكو قائد المغول رسالة يطلب فيها من خليفة بغداد العباسي تسليم المدينة عام 655 هـ، ودخل السلطان العثماني سليم الأول دمشق عام 911 هـ، ووُلد الفقيه الثائر سعيد بن جبير.
ظهور الدعوة العباسية في خراسان
في 11 رمضان 129هـ، بدأ ظهور دعوة بني العباس في خراسان، بقيادة أبي مسلم الخراساني.
كان أبو مسلم الخراساني في نهاية العشرينيات من عمره، حينما بدأ الدعوة لخلافة العباسيين، وكان قبلها غلاماً سراجاً يعمل في سرج الخيول، حتى اتَّصل بإبراهيم بن الأحمد الإمام من بني العباس وكان في خدمته.
وأعجب الرجل بذكاء أبو مسلم وحماسته رغم حداثة سنه، فأرسله داعيةً للعباسيين في خراسان، فذهب إليها أبو مسلم واستمال أهلها للدعوة العباسية الناشئة، وهجم على والي نيسابور وقتله واستولى عليها، وأرسل نصر بن سيار والي خراسان الأموي رسالته الشهيرة للخليفة الأموي، يقول فيها:
أرى تحت الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له ضرام
فإنَّ النار بالعودين تذكى وإن الشرّ مبدؤُهُ كلام
فإن لم يُطفِها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
وقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظٌ أميّة أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاء ملك وإن رقدت فإني لا ألام
فإن يك أصبحوا وثووا نياما فقل قوموا فقد حان القيام
كانت الدولة الأموية في مراحل هبوطها وضعفها بعد هشام بن عبدالملك، وتميَّزت فترات الخلفاء الذين بعده بالانقسام والخلافات، حتى ظهرت الدعوة العباسية، مستغلة الخلاف بين الفرس والعرب في الضرائب والمناصب والجيش، والقول بأحقية العباس بن عبدالمطلب عم النبي محمد بالخلافة.
ويعتبر محمد بن عبدالله بن عباس وابنه إبراهيم الإمام مؤسسي الدعوة، لكن بعد سجنهما في عهد الخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد تولَّى أبو العباس شؤون الحركة العباسية، وكان أبو مسلم الخراساني الرجل الأقوى فيها.
لاحقاً قام أبو مسلم بإعلان قيام الدولة العباسية في خراسان، وحارب نصر بن سيار الوالي الأموي عليها وانتصر عليه، ثم احتلَّ مدينة مرو، ومنها انتقل أبو العباس إلى الكوفة بشكل سري، وظل مختفياً حتى 12 ربيع الأول سنة 132هـ 750م حين بايعه أهل الكوفة بالخلافة.
وبذلك أصبحت الدولة العباسية واقعاً على الأرض، حتى المواجهة الأخيرة بين الجيشين الأموي والعباسي، قرب نهر الزاب شمالي العراق، وانتصر العباسيون، وسيطروا على العراق، ثم الشام ومصر، التي قتل الخليفة الأموي الأخير فيها، وبعد ذلك خضعت لهم بقية الأمصار والولايات التي كانت تتبع الأمويين.
وبويع أبو العباس بالخلافة ولقب بالسفّاح، لكثرة سفكه الدماء، خاصة بعد دخوله دمشق حاضرة الأمويين، الذين لم ينج منهم سوى عبدالرحمن بن معاوية الداخل الذي انتقل إلى المغرب، ثم دخل الأندلس فاستقلَّ بها وأسس حكماً أموياً فيها.
رسالة هولاكو لخليفة بغداد
في 11 رمضان 655هـ، بعث هولاكو خان حاكم المغول برسالة إلى الخليفة العباسي المستعصم بالله، يدعوه للاستسلام والخضوع والحضور لحضرته وتسليم العاصمة العباسية بغداد.
لكن الخليفة العباسي الأخير رفض الانصياع إلى تحذير هولاكو، وسار هولاكو على رأس جيش ضخم بأمر من إمبراطور المغول منكو خان، الذي أمر أن يخرج معه كل ذكر قادر على حمل السلاح في الإمبراطورية المغولية الكبيرة، ثم انضم للجيش قبائل أرمنية وجورجية وتركية وفارسية.
وسرعان ما ضرب المغول حصارهم على بغداد، التي كانت تعاني ضعف الدولة العباسية وقوادها واختلافهم، فدخل المغول بغداد عاصمة الخلافة العباسية سنة (656هـ – 1258م).
وقتلوا الخليفة ودمروا مكتبتها الضخمة، وقتلوا مئات الآلاف من سكانها ونهبوا المساجد والقصور والمستشفيات والمكتبات ثم حرقوها، وظلت بغداد خالية، مدينة أشباح لعدة سنوات بعدها.
دخول العثمانيين دمشق
في 11 رمضان 922هـ، دخل السلطان العثماني سليم الأول مدينة دمشق دون مقاومة تذكر، بعد أن فرض عليها الحصار لمدة اثني عشر يوماً، ثم استسلمت في الحادي عشر من رمضان.
وكان السلطان سليم الأول بدأ بحرب المماليك، ورفض الصلح معهم في البداية وطرد سفيرهم وأهانه، وكان سلطان المماليك قنصوة الغوري وجيشه بالقرب في الطريق إلى مدينة حلب التي كانت تابعة للدولة المملوكية وعاصمتها القاهرة، وصارت الحرب متوقعةً بعد أن رفض السلطان الغوري طلب التفاوض وطرد سفير السلطان سليم وأهانه أيضاً.
في 25 رجب عام 922هـ، تقابل جيش العثمانيين مع جيوش المماليك من مصر ولبنان وسوريا وباقي بلاد الشام عند مدينة حلب، في وادي "مرج دابق"، الذي سميت باسمه المعركة الحاسمة التي حسمت مصير بلاد الشام، بعد أن انتصر العثمانيون فيها بصعوبة بالغة، بعد انضمام والي دمشق الغزالي إليهم، رغم أنه خرج في جيش المماليك، وأيضاً كان لسلاح المدفعية العثماني أثر كبير في نتائج المعركة، وقد أهمل المماليك استخدامه.
وبعد هذه المعركة احتل السلطان سليم بكل سهولة مدن حماة وحمص ودمشق التي دخلها في الحادي عشر من رمضان، وعيّن عليها الغزالي تقديراً لانحيازه للعثمانيين في مرج دابق.
وقابل السلطان سليم علماء دمشق وأحسن إليهم ورمَّم الجامع الأموي، ولُقب "بخادم الحرمين الشريفين"، وهو اللقب الذي توارثه العثمانيون ثم السعوديون من بعده، واستخدمه من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي زار السلطان سليم قبره أيضاً وقبر المتصوف الكبير محيي الدين بن عربي.
مولد سعيد بن جبير
في 11 رمضان 95هـ، ولد المفسّر والقارئ العالم الكوفي سعيد بن جبير.
وكان ابن جبير عالماً بالدين، درس العلم عن عبدالله بن عباس، وعن عبدالله بن عمر، وعن السيدة عائشة أم المؤمنين في المدينة المنورة، وسكن الكوفة ونشر العِلم فيها، وكان من علماء التابعين، وله تلاميذ كثيرون، وأصبح إماماً ومعلماً لأهل الكوفة، حتى قتله الحجاج بن يوسف الثقفي، بسبب خروجه مع عبدالرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية.
ثورة القراء حينما كاد التمرد أن ينجح
كان العراق يغلي خاصة مع حكم الحجاج الذي عرف بظلمه وبطشه، وتعدَّدت الثورات الفاشلة على حكم الأمويين، بينها ثورة ابن الزبير، التي انتهت بقتله في مكة عام 73هـ، وثورة أهل المدينة التي انتهت بوقعة الحرة الدموية 63هـ.
وكان انفجار العراق متوقعاً، خاصة أن العراقيين عرفوا بمشاركتهم الكبيرة في فتوحات وسط آسيا وشرق العالم الإسلامي، ولما خرج عبدالرحمن بن الأشعث أحد قادة الفتوحات الشرقية على الحجاج، ورفض تنفيذ أوامره بغزو بلاد الترك بدون استعداد كاف.
تصاعدت ثورة مسلحة هائلة بدأت بتوجه جيش ابن الأشعث وجنوده لخلع الحجاج وعزل الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، الذي أرسل بدوره دعماً من جيوش الشام للحجاج والي العراق، لمساعدته في مكافحة التمرد ووأد الثورة الوليدة.
كان سعيد بن جبير أحد قادة جيش ابن الأشعث، وكان مؤتمناً على خزائن الجيش، وشارك معه في التمرد ضد الحجاج.
هزمت طلائع جيش الحجاج في البداية ودخل الثوار البصرة منتصرين، وانضم لهم أغلب أهلها، وفي العام التالي 82هـ استولى الثوار على الكوفة عاصمة العراق.
حتى وقعت معركة دير الجماجم الهائلة بين الثوار وجيش عبدالملك بن مروان، واستمرت لأسابيع من السجال بين الطرفين، حتى كان النصر في النهاية لجيش الحجاج، الذي تتبع الثوار في مختلف البلاد، حتى قبض على سعيد بن جبير في المدينة المنورة، بعد أن تنحَّى عمر بن عبدالعزيز عن ولايتها، وكان يؤوي الكثير من معارضي الحجاج والهاربين منه.