أصيب الإنسان بالعديد من الأمراض الغريبة القديمة التي لا يتم التطرق إليها وذكرها تقريباً، مقارنة بوباء الكوليرا والطاعون وغيرها من الفيروسات القاتلة التي انتشرت قديماً.
نستعرض في تقريرنا بعض تلك الأمراض الغريبة المنسية التي عانى منها الإنسان في الماضي القريب.
تحول النساء إلى اللون الأخضر
وجد أطباء القرن الثامن عشر أنفسهم في حيرة بسبب مرض جديد يسمى الكلورة، تحولت فيه النساء إلى اللون الأخضر.
كان المرض يشتد عبثه مع الدورة الشهرية ويؤثر على الفتيات، ويحولهن إلى اللون الأخضر.
لأكثر من 200 عام، استهدف مرض الكلورة الفتيات فقط، وفي غضون أيام من بداية الدورة الشهرية تكون الفتيات غير قادرات على الوقوف أو البقاء مستيقظات.
تطورت الحالة إلى تورم المفاصل، وخفقان القلب، وانقطاع الدورة الشهرية، بالإضافة إلى تحول الجلد للون الأخضر.
في ذلك الوقت، ألقى الأطباء باللوم على مرضاهم لعدم حصولهم على ما يكفي من الجماع.
أصبح هذا التشخيص الرئيسي، بعد أن لاحظ الأطباء أن المرض أوقف الدورة الشهرية. كما صنف المرض من بين الأمراض الهستيرية.
تبيّن أن السبب الحقيقي هو نوع من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد في وجباتهن الغذائية، وتم علاجه بسرعة عن طريق المكملات الغذائية المنتظمة للحديد.
ومن المثير للاهتمام أنه تم اقتراح ذلك في بداية تفشي المرض، ولكن لم يتم الالتفات إليه إلا بمرور الزمن.
أجسام من الزجاج
يعرف الوهم الزجاجي بأنه اضطراب نفسي غير عادي يعتقد الناس فيها أنهم مصنوعون من الزجاج، وبالتالي عرضة للتحطيم.
سجل المرض لأول مرة في العصور الوسطى، وأصبح شائعاً للغاية فيما بعد قبل أن يموت فعلياً في أواخر القرن التاسع عشر.
كان المصابون مقتنعين بأنهم مصنوعون من الزجاج حرفياً، وأي حركة ستؤدي إلى تهشيمهم إلى ملايين القطع الصغيرة.
كان الملك الفرنسي شارل السادس في أواخر العصور الوسطى واحداً من أبرز الذين عانوا من الوهم الزجاجي، وورد أنه قد لفَّ نفسه في بطانية لمنع كسر الأرداف، كما كان يظل بلا حراك لساعات طويلة.
هناك إشارات مسجلة عبر العصور الوسطى وحتى القرن السابع عشر من الناس الذين اعتقدوا أنهم يمتلكون قلوباً زجاجية وأقداماً ورؤوساً.
واعتقد آخرون أنهم في الواقع قوارير زجاجية، يبدو أن الرجال كان لديهم ميل معين للأرداف الزجاجية، التي سوف تتحطم إذا جلسوا دون وسادة مربوطة إلى الخلف.
الأسنان المتفجرة
في القرن التاسع عشر، بدأت المجلات الطبية تسجل حالات انفجار أسنان الناس.
وكانت أول حالة سجلت في عام 1817 لأحد الكهنة، كان يعاني من صداع حاد، ثم انفجرت أسنانه، فذهب معها الألم، وأصبح بصحة جيدة.
هكذا كان الحال في كل ضحايا المرض، يعانون من ألم هائل في الأسنان، وصداع حاد، يليه انفجار في الأسنان.
وفقاً لمجموعة من الباحثين، من المحتمل أن يكون انفجار الأسنان ناتجاً عن تفاعل بين غاز الهيدروجين والمعادن المستخدمة في حشوات الزمن القديم.
في تلك الأيام، غالباً ما كانت الحشوات مصنوعة من أي مزيج من الرصاص والقصدير والفضة، ومن المحتمل أن تكون هذه قد خلقت خلية كهروكيميائية منخفضة الجهد.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون الهيدروجين قد تم إنشاؤه بواسطة أي جزء من تجويف الأسنان الناتج عن تسوسها، أو الذي تم تركه عن غير قصد أثناء جراحة الأسنان التي كانت غالباً ما تكون فقيرة في ذلك الوقت.
إذا أحدثت الحشوة شحنة كهربائية في وجود الهيدروجين، فقد يحدث انفجار مصغر، حيث توفر السن غلافاً يشبه القنابل اليدوية.
الفك المصطنع أثناء الثورة الصناعية
في أوائل القرن التاسع عشر، اكتُشف أن إضافة الفوسفور الأبيض لأعواد الثقاب جعلتها أسرع في الاشتعال، ولكن عانى عدد من العاملين في مصنع أعواد الثقاب من حالة مرضية، أطلق عليها الفك المصطنع.
أنتجت تلك الأعواد مستويات جنونية من الأبخرة السامة، وبدأ العاملون يعانون من آلام مزمنة في الأسنان، يليها انفجار في الفك، وتكوّن خراجات.
وقد يضطر المريض إلى استئصال الفك من أجل إنقاذ حياته.
لدى الأصحاء، يطلق الجسم مواد كيميائية تعمل على تكسير العظام غير الصحية، واستبدالها بأخرى جديدة بطريقة سهلة.
أما بالنسبة لمن قضوا العديد من الأيام وهم يستنشقون أبخرة الفسفور، فيتم تعطيل قدرة الجسم على استبدال العظام غير الصحية.
وبحلول عام 1858، بدأت تظهر تقارير طبية مفصلة عن مرض ينطوي على تقدم بطيء في عظم الفك المكشوف.
كما أصيب العمال في مصانع الثقاب بخراجات لا تطاق في أفواههم، مما أدى إلى تشوه الوجه وتلف المخ في بعض الأحيان. كما أصبحت اللثة ذات لون أبيض.
على الرغم من ظهور الحالات في الخمسينات من القرن التاسع عشر، فإن التحول إلى الفسفور الأحمر لم يتم حتى عام 1906، خوفاً من القضاء على صناعة مهمة.
كورو.. الضحك حتى الموت
الضحك حتى الموت، أو مرض كورو كما عرف لاحقاً، أصاب شعب غينيا الجديدة.
تميز المرض بنوبات من الضحك الشديد، مما جعله يتصدر عناوين الصحف في الخمسينات من القرن الماضي، وتوجه إليهم الأطباء من كل مكان.
لاحظ الأطباء الأمريكيون والأستراليون رجالاً ونساءً يقومون بحركات لا إرادية بأطرافهم، والتي تحسنت مع الراحة، ولكن بعد شهر إلى ثلاثة أشهر بدأ المرضى في التمايل والتعثر، وفقدان القدرة على الوقوف، أتبعه فقدان الكلام المتماسك قبل الموت في النهاية.
أفاد المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية أن الاختبارات التي أجريت على الضحايا أظهرت أن الوفاة نجمت عن ظهور ثقوب في المخ.
في النهاية، توصل الطبيب الأمريكي كارلتون جاجدوسك إلى أن العدوى تنتقل عبر عادات القرية المتمثلة في تناول لحوم الأموات.
عندما تم القضاء على أكل لحوم البشر، انتهى الوباء.