بوذا القائل: لا تقتل ولا تقنع الآخرين بالقتل، خانه أتباعه عندما تبنوا العنف ضد الأقليات الدينية… مجازر الروهينجا واعتداءات سريلانكا تشهد بذلك.
بوذا داعية للسلام
دعوة بوذا إلى السلام والمودة والرحمة جذبت إليه آلاف المريدين الذين حملوا تعاليمه جيلاً بعد جيل ليصل عددهم اليوم إلى حوالي 520 مليون نسمة.
حيث تعتبر البوذية، التي تأسست منذ حوالي 2400 عام، أكثر الديانات السلمية في العالم.
سيدهارثا غوتاما، الذي وصل إلى التنوير وأصبح بوذا، لا يدعو فقط إلى اللاعنف تجاه البشر الآخرين، وإنما يدعو أيضاً إلى عدم إلحاق الضرر بكل الكائنات الحية.
لكن وعلى الرغم من ذلك، نرى البوذيين اليوم يخالفون تعاليم بوذا الدينية، بل ويخالفون المعايير الإنسانية في التعامل مع الأقليات الدينية الأخرى.
الاضطهاد الديني في ميانمار
لا عجب أن الأمم المتحدة وصفت مسلمي الروهينغا بأنهم الطائفة الأكثر اضطهاداً في العالم.
فقد تعرض المسلمون في ميانمار لأشد أنواع التعذيب وللإبادة الجماعية الممنهجة من قبل الجماعات البوذية.
عشرات الآلاف من المسلمين قتلوا من قبل جيش ميانمار والميليشيات البوذية التي يقودها رهبان متطرفون.
كما أحرقت منازل المسلمين ومساجدهم، مما اضطر المحظوظين الباقين على قيد الحياة إلى الهجرة إلى بنغلاديش.
وبالرغم من أن الإعلام قد بدأ بتسليط الضوء على معاناة المسلمين في تلك المناطق، إلا أن معاناتهم هذه ليست حديثة العهد كما نعتقد.
فالمسلمون في بورما يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان منذ العام 1978.
هتلر بورما.. وجه الإرهاب البوذي
في حين أن بوذا مشهور في كل أنحاء العالم بأنه الراهب الزاهد النابذ للعنف والداعي إلى السلام، تبنى أتباعه في يومنا هذا نهجاً مختلفاً تماماً.
أحد أبر الميليشيات التي تساهم في إبادة المسلمين في ميانمار وتعذيبهم هي جماعة بوذية متطرفة أطلقت على نفسها اسم حركة "969".
سميت الحركة بهذا الاسم لما لهذه الأرقام الثلاثة من دلالات في الديانة البوذية.
قائدها هو الراهب المتطرف آشين ويراثو، الذي سبق له أن قضى عقوبة بالسجن، بعد إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، قبل أن يفرج عنه في العام 2012.
يصف آشين نفسه بأنه "بن لادن بورما"، حيث لا يخفي إعجابه بشخصية بن لادن على الرغم من الاختلاف العقائدي بينهما.
بينما وصفته مجلة التايم الأمريكية بأنه "وجه الإرهاب البوذي"، "وهتلر بورما".
حركة "969" من أبرز المساهمين في عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا.
الاضطهاد الديني في سريلانكا
في سريلانكا أيضاً، اتبع البوذيون نهجاً أبعد ما يكون عن تعاليم بوذا الداعي إلى المودة والسلام.
فقد تنامت أعمال العنف في سريلانكا ضد الأقليات الدينية من قبل البوذيين بدعوى أن أولئك يشكلون تهديداً للهوية البوذية.
وبالرغم من أن وضع مسلمي سريلانكا يبقى أفضل حالاً من وضع مسلمي ميانمار، إلا أنهم عانوا بدورهم من التمييز والاضطهاد والكراهية.
فمنذ انتهاء الحرب بين حركة نمور التاميل والجيش السيرلانكي في العام 2009، بدأت أعمال العنف ضد الأقليات الدينية بالتزايد بشكل ملحوظ.
حيث شكل الرهبان البوذيون المتطرفون مجموعة تسمى القوة البوذية، أو BBS ، التي أثارت أعمال عنف ضد السكان التاميل الهندوس في شمال سريلانكا، وضد المهاجرين المسلمين، وأيضاً ضد البوذيين المعتدلين الذين تحدثوا عن عنف.
لم يتوانَ أتباع القوة البوذية عن تدمير المساجد والاعتداء على الكنائس، ومهاجمة المسلمين والمسيحيين والتضييق عليهم.
ومما زاد الوضع سوءاً، عدم تدخل السلطات لحل الأزمة بل وانحياز الشرطة في بعض الحالات للمعتدين.
كيف استطاع الرهبان إقناع أتباعهم بتبني العنف
في كل من الأمثلة السريلانكية والبورمية، يرى الرهبان أن البوذية هي عنصر رئيسي في هويتهم الوطنية.
وبناء على ذلك، تعتبر الأقليات الدينية تهديداً لوحدة أمتهم وقوتها، لاسيما وأنهم يعتقدون أن المسلمين والمسيحيين يعمدون إلى تحويل الناس عن طريق البوذية القويم بالمكر والخداع.
ومن هذا المنطلق استطاع الرهبان البوذيين اللعب على أوتار العاطفة الدينية والقومية لدى البوذيين ودعوهم إلى تبني العنف في مواجهة خطر طمس الهوية البوذية من قبل الأقليات الدينية الأخرى.