اكتشفت ترجمة أيرلندية لكتاب لابن سينا لم تكن معروفة من قبل في مجلد كتاب.
وقد عثر على مخطوط من الجلد يعود للقرن الـ15 للطبيب الفارسي الموقر، ابن سينا، مستخدماً في حزم كتاب متأخر عنه زمناً، ليكشف بذلك للمرة الأولى عن أنَّ كتابه المبتكر "القانون في الطب" قد ترجم إلى اللغة الأيرلندية.
وقد جرى قص المخطوطة وطيها وخياطتها إلى دليلٍ لاتيني بحجم الجيب حول الإدارة المحلية كان قد طبع في لندن في ثلاثينيات القرن الـ16، وكانت المخطوطة مملوكة للعائلة ذاتها في كورنوال منذ القرن الـ16.
وعندما قررت العائلة، العام الماضي، إشباع فضولها حول هذا التغليف غير العادي، استشارت بادريغ أو ماشين، أستاذ اللغة الأيرلندية المعاصرة بجامعة كوليدج كورك، الذي قال إنه "عرف منذ اللحظة الأولى تقريباً" أنَّ هذا اكتشاف مهم.
ترجمة أيرلندية لم تكن معروفة من قبل
حدد البروفيسور أويبين نك دونتشادا، من معهد دبلن للدراسات المتقدمة، والخبير في الطب الأيرلندي في العصور الوسطى، أنَّ هذا النص جزء من كتاب القانون في الطب لابن سينا، من ترجمة أيرلندية لم تكن معروفة من قبل، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.
وقال أو ماشين: "في حين أنَّ ثمة إشارات إلى ابن سينا متناثرة في نصوص طبية أخرى بالأيرلندية، فإننا نعرف الآن، للمرة الأولى، أنَّ كتاب القانون ترجم إلى اللغة الأيرلندية. ولا بد أن يكون هذا الجزء قد جاء من مخطوطة ضخمة الحجم".
وتابع: "لم يكن استخدام الرقوق المقطوعة من مخطوطات قديمة لتكون تغليفاً للكتب المتأخرة أمراً غير معتاد في التقليد الأوروبي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها مثال واضح لهذه الممارسة في السياق الغيلي".
كتاب "القانون في الطب" لابن سينا
A page from Ibn Sina's "The Canon of Medicine", written in 1025. pic.twitter.com/vCpE1xRNc4
— Lost Islamic History (@LostIslamicHist) January 28, 2014
يعتبر الكتاب موسوعة طبية كان ينظر إليها بوصفها النص الطبي المعياري في العالم الإسلامي وأوروبا لأكثر من 6 قرون.
وتشتمل هذه المخطوطة الأيرلندية على أجزاء من الفصول الافتتاحية، التي تعالج فسيولوجيا الفك والأنف والظهر، وكان الجزء المتعلق بالأنف أقلها اهتراءً.
وتفصل المخطوطة على وجه الخصوص "الاستخدامات الثلاثة" لعظام الأنف: "للاحتفاظ بالهواء في تجويفها لتقوية الدماغ باستمرار" وللمساعدة على "نطق صوت كل حرف"، والاستخدام الثالث أنَّ الفضلات التي يطردها الدماغ، جزء منها يغذي الأنف والبقية تطرد منه بوصفها فضلات.
ولهذا السبب فإننا أطلقنا على العظام الموجودة في الأنف.. أداة مساعدة، لأنه من خلالها تطرد الفضلات، مثل النفخ في المنفاخ".
وقال أو ماشين إنَّ المعرفة الطبية في القرون الوسطى في إيرلندا كانت على نفس مستوى المعرفة الممارسة في القارة، وثمة أدلة على سفر العلماء الأيرلنديين إلى المدارس الطبية الأوروبية والعودة بما تعلموه إلى إيرلندا.
متابعاً: "إنَّ سبب ترجمة [هذه القصاصة] أنَّ اللغة الأيرلندية كانت لغة التعلم في أيرلندا في العصور الوسطى، في حين أنَّ اللاتينية كانت تضطلع بهذا الدور في كل مكان آخر".
الكتاب مر بالغزو الإليزابيثي لأيرلندا
فيما رجح أن تكون الرقاقة قد قطعت في أعقاب الغزو الإليزابيثي لأيرلندا، وهو ما أنهى المجتمع الغيلي القديم.
وأضاف أو ماشين: "مع تقدم الغزو الإليزابيثي تقطعت أوصال كل الجامعات المبكرة في أيرلندا، التي كانت مدعومة من الأمراء الغيليين. فدمرت كتب مثل هذا الكتاب، بينما أتلفت كتب أخرى وقطعت، وفي هذا السياق الأعم ينبغي أن نرى أنَّ من كان يمتلك هذا الكتاب قد حاز على بعض من المخطوطات مثل هذه ولم يجد حرجاً في تشذيبها وجعلها غلافاً".
ووافق مالكو الكتاب على إزالة التغليف وفتحه ورقمنته. ويمكن الآن رؤية المخطوطة على موقع Irish Script on Screen.
وقال أوماشين: "كان اكتشاف ورقمنة هذا النص مغامرة علمية. كانت واحدة من هذه المناسبات التي يعمل فيها عدد كبير من الناس، بما في ذلك مالكو الكتاب، نحو هدف مشترك من أجل التعلم المحض. لقد كان من دواعي سروري أن أتمكن من تحقيق ذلك وأن أكون جزءاً منه".
يذكر أن ابن سينا عاش بين عامي 980م و1037م وكان واحداً من علماء العصر الذهبي الإسلامي الأكثر تأثيراً.