شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مراسم ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى، ووصفها "بأنها كانت نقطة تحول هامة في تاريخ اليهود".
أغادر البلاد إلى باريس للمشاركة في مراسم مهمة جدا من شأنها إحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى التي كانت حربا دامية أودت بحياة ملايين كثيرة من البشر. كانت للحرب أهمية كبير أيضا بالنسبة لتاريخ شعبنا حيث شارك فيها مئات الألوف من المقاتلين اليهود.
— بنيامين نتنياهو (@Israelipm_ar) November 11, 2018
وذكر نتنياهو في تغريداته أنه سيلتقي، الأحد، في باريس مع العشرات من الزعماء من كل أنحاء العالم، مشيراً إلى أنه سيعقد أيضاً لقاءً منفرداً مع الرئيس الفرنسي ماكرون، معتبراً حضوره هذه المراسم "أمراً مهماً".
هذا كان يؤشر للتحول القادم الذي حصل في قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا. وبطبيعة الحال أنهت الحرب الإمبراطورية العثمانية التي سيطرت على بلادنا وهذا مهد الطريق أمام صعود الحركة الصهيونية.
— بنيامين نتنياهو (@Israelipm_ar) November 11, 2018
ماذا قصد نتنياهو على وجه التحديد؟
قبل 100 عام بالضبط، في الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر من عام 1918، أُطلقت آلاف الأبواق إيذاناً بوقف إطلاق نار الحرب العالمية الأولى.
عندما أعلن السلطان محمد الخامس "الجهاد" ضد فرنسا وبريطانيا وروسيا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1914، كانت السلطنة خسرت معظم الأراضي الخاضعة لها في أوروبا.
وانتهت هزيمة السلطنة العثمانية عام 1918 بتقطيعها. وتم رفض أول معاهدة وقعت في سيفر عام 1920، من قبل الأتراك الذين تجمَّعوا حول مصطفى كمال "أتاتورك" الذي واصل القتال ضد الأرمن واليونانيين والفرنسيين، وأطاح بالسلطان.
وأصبحت تركيا جمهورية وفرضت معاهدة جديدة على الحلفاء وقعت في لوزان عام 1923، تحتفظ بموجبها بمنطقة الأناضول والمضائق، لكنها فقدت كل المناطق العربية التي كانت تحت سيطرتها.
لكن العرب خسروا كثيراً بسبب اتفاقات المنتصرين السرية
في بلاد ما بين النهرين وفلسطين، تمكّن البريطانيون من إلحاق الهزيمة بالعثمانيين بمساعدة انتفاضة القبائل العربية التي وعدوها بالاستقلال. وكان تحرّك لورنس العرب، عالم الآثار البريطاني الذي أصبح ضابط ارتباط، حاسماً في هذا الصدد.
لكن البريطانيين اتفقوا سراً مع الفرنسيين في وقت مبكر من أيار/مايو 1916 لاقتسام الشرق الأوسط بموجب اتفاقات سايكس بيكو: لبنان وسوريا لفرنسا، والأردن والعراق لبريطانيا. وأدى هذا التقسيم إلى إصابة العرب بالإحباط.
وقد زاد "إعلان بلفور" الشهير عام 1917 من حالة الارتباك. فمن خلال دعم "إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين بعد الحرب"، وضع وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور الأساس لقيام دولة إسرائيل بعد 30 عاماً غارساً بذلك بذور نزاع لا يزال يواصل تمزيق المنطقة حتى اليوم.
عندما تبنت بريطانيا المنتصرة المشروع الصهيوني
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 تبنت بريطانيا بشكل جدي المشروع الصهيوني، وأصدرت وعد بلفور، الذي أعلنت من خلاله إنشاء وطن قومي لليهود في أرض فلسطين.
وفي العام الذي يليه تمكنت لندن من إحكام وإتمام احتلالها لفلسطين، ثم جعلت من وعدها لليهود وثيقة دولية بدمجه في صكّ الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم، في تموز/يوليو 1922.
ومنذ لك الحين، تضاعفت أعداد اليهود في فلسطين، من 55 ألفاً عام 1918، إلى 646 ألفاً عام 1948، أي من 8% إلى 31.7% من السكان، ومنحوا أسباب القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، مقابل اضطهاد الفلسطينيين وإخماد ثوراتهم المتتالية بالقوة، حتى تشكلت عصابات صهيونية تولت تلك المسؤولية عن القوات البريطانية.
فماذا نعرف عن النكبة؟
لم يكن يوم 15 أيار/مايو 1948، الذي يعرف باسم يوم "النكبة" لدى الفلسطينيين، سوى ذروة أحداث امتدت لسنوات طويلة قبله وبعده، عنوانها الأساسي طردهم، وإقامة دولة اليهودية على أراضيهم، بدعوى "الحق الديني والتاريخي".
فقد تعرَّض الفلسطينيون على مدار سنوات طويلة تسبق ذلك اليوم للاضطهاد والقتل والتهجير، على يد الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية المسلحة، علاوةً على توطين المهاجرين اليهود من أصقاع الأرض في بلادهم، بتخطيط من "الحركة الصهيونية العالمية"، وبمساعدة من لندن، التي وعدت بإقامة دولة يهودية هناك.
ويقول محسن صالح، الأستاذ المتخصص في الدراسات الفلسطينية، إن تخطيط الدول الاستعمارية آنذاك، وبخاصة بريطانيا، لإنشاء دولة إسرائيل يرجع لعدة أسباب، أهمها تبنيها لفكرة "الدولة الحاجزة"، التي نادى بها "الصهاينة"، والقائمة على "شطر" جناحي العالم الإسلامي في آسيا وإفريقيا، ما يؤدي إلى إضعافه، وإبقائه مفككاً، ومنع ظهور قوة إسلامية كبرى، تحل مكان الدولة العثمانية التي كانت في طور الانهيار.
ومن الأسباب الأخرى، بحسب صالح، "فشل اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها"، خاصة في الغرب، ما تسبب بزيادة أعداد اليهود المؤمنين بضرورة إنشاء كيان خاص بهم.