لوحة ذكاء اصطناعي تباع بقرابة نصف مليون دولار.. تهدد الفنانين وتضع مستقبل الإبداع في أيدي الآلة!

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/26 الساعة 15:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/26 الساعة 15:05 بتوقيت غرينتش
A woman looks at a work of art created by an algorithm by French collective named OBVIOUS which produces art using artificial intelligence, titled "Portrait of Edmond de Belamy" (estimate: $7,000-10,000) at Christies in New York on October 22, 2018. - The work of art will be included in the Prints & Multiples auction in New York October 23-25, 2018. (Photo by TIMOTHY A. CLARY / AFP) / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY MENTION OF THE ARTIST UPON PUBLICATION - TO ILLUSTRATE THE EVENT AS SPECIFIED IN THE CAPTION (Photo credit should read TIMOTHY A. CLARY/AFP/Getty Images)

لوحة بورتريه من مدرسة الفن التجريدي، لكنها مرسومة بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي بيعت في مزاد ومعرض كريستي في نيويورك بمبلغ 432 ألفاً و500 دولار أميركي، أي ما يقرب من 45 ضعف أعلى تقدير لقيمتها!

تم إنتاج لوحة "إدموند بيلامي"، – وهي لوحة ضمن مجموعة لوحات أنتجت بنفس الطريقة وأشرف على تنفيذها مجموعة "أوبيدين" الفنية في باريس -، باستخدام خوارزمية ومجموعة بيانات مؤلفة من 15 ألف لوحة رُسمت بين القرنين الـ 14 والـ 20.

بيعت اللوحة في الفترة ما بين 23 و 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018 في معرض كريستي، ما جعلها أول قطعة فنية للفن المرسوم بالذكاء الاصطناعي تدخل ضمن مزادات فنية كبرى، على حد تعبير معرض كريستي.

لوحة ذكاء اصطناعي تزاوج الفن البشري والآلي

تحاول اللوحات استكشاف تقاطع الفن البشري والذكاء الاصطناعي، وفي المكان المخصص لتوقيع الفنان، يتم وضع المعادلة المستخدمة في الرسم. وتضمنت عملية رسم اللوحة تغذية الخوارزمية بمجموعة من اللوحات القديمة، لحثها على توليد لوحة جديدة هي مزيج من الرسم باليد والرسم بالآلة.

A section of the artwork "Portrait of Edmond de Belamy," created by an algorithm by French collective named OBVIOUS, at Christies in New York on Oct. 22, 2018.

الخوارزميات قادرة على محاكاة الإبداع

"لقد قمنا ببعض العمل بأنفسنا – نحن البشر -، وحاولنا أيضاً تغذية الخوارزميات بأعمال الرسامين المشهورين. لكننا وجدنا أن البورتريه (الصورة الشخصية) هي أفضل طريقة لتأكيد افتراضنا بأن خورازميات الذكاء الاصطناعي قادرة على محاكاة الإبداع "، يقول هوغو كاسيلي-دوبريه الفنان بمجموعة "أوبيدين" الفنية التي أنتجت اللوحات.

مستقبل الفن في أيدي الذكاء الاصطناعي، فماذا عن مستقبل الفنانين؟

جلبت اللوحة قدراً كبيراً من اهتمام وسائل الإعلام مع بعض حول دور الذكاء الاصطناعي لمستقبل الفن.

وقال ريتشارد لويد المشارك في معرض كريستي الذي عرض اللوحة في المزاد"إن الذكاء الاصطناعي واحد من عدة تكنولوجيات سيكون لها تأثير على سوق الفن في المستقبل – رغم أنه من السابق لأوانه التنبؤ بما قد تكون عليه هذه التغييرات".

وتنتج أنماطاً فنية أكثر حداثة وتجريدية

في سياق آخر في عالم الذكاء الاصطناعي، يعمل أحمد الجمال، مدير مختبر الفن والذكاء الاصطناعي في جامعة روتجرز في نيو جيرسي، مع نظام يسميه CAN – شبكة "إبداعية" وليست "توليدية"، لإنتاج فن حداثي "إبداعي" مختلف عن ما يراه في لوحات سابقة مؤرشفة في مجموعة تضم جميع اللوحات من القرن الرابع عشر وحتى الآن.

"أنا مندهش من النتائج في كل مرة أقوم بتشغيل النظام"، يقول الجمال، ويضيف:

"والسؤال المثير الذي أثار استغرابي هو: لماذا يوجد الكثير من الفن التجريدي في CAN؟ أعتقد أن السبب هو أن الخوارزمية قد أدركت أن الفن يتقدم في مسار معين. إذا أرادت أن تصنع شيئاً جديداً، فلا يمكن أن تعود وتنتج أعمالاً مجازية كما كانت موجودة قبل القرن العشرين. يجب أن تتحرك إلى الأمام. لقد تعلمت الشبكة -بنفسها- كونها تجد المزيد من الحلول عندما تميل نحو التجريد: وهذا هو المكان الذي توجد فيه مساحة للتحديث الفني، والتقدم للأمام.

مسار جديد لتشكيل الفن

وهنا فكرة مثيرة للاهتمام تبرز على مسرح الفنون الحديثة، فخوارزميات الذكاء الاصطناعي لا تصنع فقط صوراً، بل إنها تميل أيضاً إلى صناعة مسار جديد في تاريخ الفن – كما لو كان تقدم التحوّل من التصوير/التجسيد إلى التجريد/الترميز وهذا هو ما يشغل اللاوعي الجماعي الحديث للفنانين، إذ كانت ثقافتنا البصرية عبارة عن أسئلة رياضيات مطروحة غير مجاب عليها، الآن يتغير كل ذلك فالآلة تستطيع حل المعادلات الرياضية-الفنية.

هل يستطيع النقاد الفنيون تمييز لوحات الذكاء الاصطناعي؟

لا يدّعي باحثو الذكاء الاصطناعى أن ذلك السؤال قد انتهى، فهم لا يزالون يشكون في كون اللوحات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي تعتبر فناً من الأساس، وإحدى الطرق لاختبار "فنون الذكاء الاصطناعي"، هي إجراء نوع من اختبار بصري، لعرض إنتاج الخوارزميات الفني على نقاد فنيين (من البشر)، وعرض لوحات أخرى للنقاد مرسومة بأيدي فنانين، ثم سؤال النقاد عما إذا كان بإمكانهم معرفة الفرق.

"ما لدينا هو شيء أكثر تشابهاً مع الفن المفاهيمي/التخيلي من الرسم التقليدي"- يقول أحمد الجمال، مدير مختبر الفن والذكاء الاصطناعي في جامعة روتجرز.

مستقبل الفن في أيدي الذكاء الاصطناعي، فماذا عن مستقبل الفنانين؟

"نعم، لقد فعلنا ذلك"، يضيف الجمال. "لقد عرضنا الفن البشري والفن المرسوم بالآلات على النقاد، وطرحنا أسئلة، مثل "هل تعتقد أن هذه اللوحة تم إنتاجها بواسطة آلة أو فنان بشري؟" وأيضاً أسئلة غير مباشرة مثل "كيف يلهمك رؤية على هذا العمل؟ قمنا بقياس الفرق في الردود تجاه الفن البشري والفن الآلي، ووجدنا أن هناك اختلافاً بسيطاً. في الواقع، بعض الناس أكثر إلهاماً بالفن الذي يتم عن طريق الآلة.

هل يمكن أن يشكل هذا الاختبار دليلاً على أن الخوارزمية قادرة على إنتاج أعمال فنية بالفعل؟  ربما يمكن – إذا قمنا بتعريف العمل الفني باعتباره صورة أنتجتها الآلات بقصد جمالي. ولكن إذا عرفنا الفن على بطريقة أشمل كمحاولة لقول شيء ما عن العالم والوجود، وللتعبير عن مشاعر الإنسان وقلقه وعواطفه، فيحتمل أن يكون فنّ الذكاء الاصطناعي ضعيفاً للغاية، لأنه لا يوجد عقل آلي يمكن أن يكون لديه هذا الشغف بالهموم الإنسانية- وربما لن يحدث ذلك أبداً، لكن من يدري!

الفن الصناعي أو الخيال العلمي

واعترف هوجو كاسيلي-دوبريه -من شركة "أوبيدي"الفنية التي انتجت اللوحات- بلا إنسانية الفن الصناعي قائلاً: "بالتأكيد، لم ترغب الآلة في إضافة العواطف إلى اللوحات. لكن من الناحية البحثية، تبدوا فكرة وجود إنسان آلي يستلهم تجربة العالم المفتوح وتاريخ الفن، ويستخدمه لصنع شيء جديد – بمثابة الخيال العلمي الحقيقي في الوقت الراهن.!

التعاون بين الفنان والآلة

ويتحدث الجمال عن تجاربه الخاصة ويقول: "نعم، إذا نظرت فقط إلى الشكل، وتجاهلت الأسئلة التي تدور حول الفن، فإن الخوارزمية تولد أشكالاً مرئية وتتبع المبادئ الجمالية المستوحاة من الفن الحالي. ولكن إذا كنت تفكر في العملية برمتها، فإن ما لديك هو شيء أكثر شبهاً بالفن التصوري/التخيلي من الرسم التقليدي. لكن هناك إنساناً في الحلقة، ويطرح أسئلة، والآلة تعطي الأجوبة. هذه العملية برمتها هي الفن، وليس فقط اللوحة التي تظهر في النهاية. يمكنك القول إننا في هذه المرحلة نشهد تعاوناً بين اثنين من الفنانين أحدهما الفنان البشري والآخر هو الفنان/الآلة. وهذا يقودني إلى التفكير في المستقبل الذي ستصبح فيه الآلات وسيطاً جديداً للفن.

بينما يعتبر لويد الفنان المشارك في معرض كريستي قائلاً أن "الذكاء الاصطناعي هو واحد من عدة تقنيات سيكون لها تأثير على سوق الفن في المستقبل – على الرغم من أنه من السابق لأوانه التنبؤ بما قد تكون عليه هذه التغييرات". وسيكون من المثير أن نرى كيف تنفجر هذه الثورة!

علامات:
تحميل المزيد