عقد مكتب المدعي العام لمقاطعة لوس آنجلوس جلسة للتحقيق في اختفاء جون وليندا سوهو في العام 1985، الذي تحتفظ المحكمة بوثيقة إيجار سابقة بخط يده. في المحاكمة، استدعي اثنان من خبراء خط اليد العدلي لتحديد صحة بطاقة بريدية يزعم أن ليندا سوهو أرسلتها من فرنسا بعد أن اختفت، لينظرا إمكانية مطابقة الخط لتحديد صحة نسبتها إليها.
منذ ذلك الحين، يلجأ القضاة في المحاكم لخبراء الخط من أخصائيي الطب الشرعي (العدلي) للإدلاء بآرائهم حول بضعة أسطر مكتوبة، أو لتحديد ما إذا كان شخص معين هو الذي كتب جملة محددة أم لا.
لكن دراسة تجريبية أخيرة نصحت المحاكم بالحذر عند استخدام نسب الاحتمال القائمة على الخط كدليل، لأن نتائج التجربة تشكك في كفاءة الاعتماد على تحليل الخط اليدوي في التثبت من هوية الكاتب.
كيف يتم تمييز الخط من خبراء العدل؟
لا يوجد كاتبان يشتركان في نفس صفات الكتابة اليدوية، ووجود قدر كاف من النصوص المكتوبة يسمح لنا بالمقارنة بينها.
يشكل مبدأ التفرّد لخط اليد، أساس تحليل الخطوط حسب مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي FBI، إذ تتضمن ميزات الكتابة اليدوية التي يقوم الفاحصون بتقييمها حجم الكتابة، وضغط القلم، ورفع القلم، والتباعد بين الكلمات والحروف، ونسب الحروف، وطريقة الربط بين الكلمات والحروف، وموقع الكتابة على خط الأساس (موضع الحرف بالنسبة للخط المحكوم أو الخيالي)، وعلاقات الارتفاع وخطوات البداية والنهاية وجودة الخط.
ولا يمكن تحديد هوية الكاتب من خلال ميزة فردية واحدة في الكتابة، بل يتم تأسيس الهوية من خلال مزيج من السمات الهامة بين الكتابات، من بين 21 سمة مميزة.
تتمثل الخطوة الأولى في اختبار الكتابة اليدوية في جمع المستندات "المعروفة"، أي كتابة العينات بشكل نهائي من قبل الشخص المعني. بعد ذلك، يحدد الفاحص مدى ملاءمة تلك المادة كنموذج خط أساسي. لكن هل هي كافية أو فيها تقلبات؟ أم أن فيها محاولة لمحاكاة شخص آخر؟
على سبيل المثال، سيظهر خط مكتوب بشكل طبيعي تبايناً كبيراً في السُمك لأن الأشخاص يميلون إلى تغيير السرعة أثناء الكتابة. ومن ناحية أخرى، يميل الشخص الذي يحاول تغيير خط يده، إلى الكتابة ببطء أكثر، مما يؤدي إلى خط متساوٍ أكثر. ويقارن الفاحص أيضاً الخط مع الوثائق أو المستندات المتنازع عليها وبمساعدة برامج حديثة تقوم بالتقدير المناسب.
لكن الدراسة الأخيرة المنشورة على موقع Springer الأكاديمي أثارت شكوكاً حول مصداقية نتائج تحليل الخط اليدوي واستخدامه في المحاكمات.
هل الخط اليدوي دليل كاف وجدير بالثقة؟
شرع الباحثون في فحص ما إذا كان خبراء خط اليد أكثر قدرة على تقدير تواتر بعض السمات في الكتابة اليدوية مقارنة بالمبتدئين.
وللقيام بذلك، قاموا بتشغيل 18 متخصصاً في مجال الكتابة اليدوية في المحاكم (ثمانية يتدربون في الولايات المتحدة)، إلى جانب 77 شخصاً (36 من الولايات المتحدة) دون أي تدريب سابق أو خبرة في تحليل خط اليد. كان غير المقيمين في الولايات المتحدة من أستراليا وكندا وهولندا وجنوب إفريقيا أو ألمانيا.
تم إعطاء جميع المشاركين عينات لفحصها من قاعدة بيانات تم جمعها مؤخراً من ميزات الكتابة اليدوية التي لم يتم إصدارها بعد في النطاق العام، وتم تمويلها من قبل المعهد القومي الأميركي للعدالة والتي يتم استخدامها الآن لتقدير تكرارية لتكرار خصائص الكتابة اليدوية في عينة من ممثلي السكان البالغين في الولايات المتحدة.
باستخدام قاعدة البيانات هذه، تمكنوا من مقارنة أداء الخبراء والمبتدئين، وكذلك المشاركين من غير الخبراء سواء في أمريكا أو من مناطق أخرى من العالم.
ووجد الباحثون أن الخبراء أفضل بشكل هامشي من المبتدئين في تقدير مدى تكرار ظهور مميزات الكتابة اليدوية في كتابة عامة السكان، لكنهم غير قادرين على القيام بذلك بدقة تامة. ومع ذلك، تعكس التقديرات المقدمة من قبل خبراء الكتابة مستوى من المعرفة والمهارة. وأظهرت النتائج أن خبراء الولايات المتحدة كانوا أفضل من نظرائهم من أجزاء أخرى من العالم في تقدير تواتر الميزات في عينات الكتابة اليدوية.
"معدل الخطأ الكلي حتى بالنسبة للخبراء هو كبير بما يكفي لطرح أسئلة حول ما إذا كانت تقديراتهم يمكن أن تكون جديرة بالثقة بما يكفي لتقديمها في المحاكم"، تشير الدراسة. "نقترح أن يتم اتباع نهج حذر قبل الموافقة على استخدام نسب الاحتمالية القائمة على الخبرة لأغراض الطب الشرعي في المستقبل".