مدينة اكتشفت في بحر الإسكندرية.. مدن أسطورية تعاود الظهور بعد اختفاء قرون

من اللافت أن اكتشاف الماضي بات أسهل مع التطور التكنولوجي وتوظيفه في علم الآثار والأدوات المستخدمة. وكلما تسارعت خطى البشر نحو المستقبل

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/24 الساعة 12:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/24 الساعة 12:25 بتوقيت غرينتش

كثيرة هي المدن التي ورد ذكرها في النصوص القديمة للحضارات، ظل بعضها كما هو أسطورة لم يعثر على أثر لها مثل أتلانتس وإلدورادو، فيما تمكن الإنسان من العثور على أنقاض بعضها؛ منها ما تم تدميره، ومنها ما ابتلعه البحر.

,من اللافت أن اكتشاف الماضي بات أسهل مع التطور التكنولوجي وتوظيفه في علم الآثار والأدوات المستخدمة. وكلما تسارعت خطى البشر نحو المستقبل، كانت بالتوازي معها تتسارع الرحلة لاستكشاف الماضي.

إليكم أشهر تلك المدن التي عادت للحياة لتروي حقبة حضارية ظلت مخفية لقرون.

هيراكليون.. تحت مياه الإسكندرية



كانت هيراكليون والتي تُعرف أيضاً باسم ثونيس باللغة المصرية أهم مدينة ساحلية في مصر القديمة، كونها مركزاً تجارياً رئيساً في حوض البحر المتوسط وملتقى للمعاملات التجارية عبره، واسمها مشتق من هرقل البطل الشهير في الميثولوجيا الإغريقية.

ويُعتقد أنها المدينة التي هرب إليها باريس شقيق هيكتور ملك طروادة مع عروسه هيلين زوجة مينيالوس ملك أثينا، والذي أدى لنشوب حرب طروادة، ثم غرقت المدينة عام 2200ق.م بسبب زلزال مدمر أعقبته موجات تسونامي.

وفي عام 2001اكتشفها بعض العلماء بالصدفة، حين غاصوا في أعماق البحر الأبيض بحثا عن سفينة حربية فرنسية غارقة من القرن 18، فوجدوا مدينة هيراكليون وبها عديد الآثار والجواهر والتماثيل وأطلال معبد مصري قديم.

وبعد عملية صعبة أزيلت فيها أطنان من طبقات الرمال والطين، أميط اللثام عن المدينة الأثرية التي احتفظت بكنوزها وآثارها، وعلى رأس تلك الكنوز تمثال عملاق للإله حابي؛ إله الخصب والنماء، الذي كان يمثل نهر النيل رمز الحياة فيها.

كما عثر على مئات التماثيل لآلهة قديمة، وتمثال صغير لأبي الهول، و64 سفينة قديمة و700 مرساة، وتوابيت مليئة بالعملات الذهبية.

زيمبابوي الكُبرى.. جنة في قلب أفريقيا



كانت زيمبابوي الكُبرى عاصمة لمملكة كبرى قامت في إفريقيا من 1100م حتى 1450م، بُنيت المدينة على مساحة 1800 فدان لتكون مقراً للسلطة السياسية حينها.

أكثر ما يميز المدينة، والتي جعلتها تُضم للتراث العالمي لليونسكو، هي مبانيها العالية. يعلو بعضها أكثر من ٥ أمتار، وتم إنشاؤها بدون مونة البناء (مادة خاصة للصق أحجار البناء ببعضها)، الأمر الذي أثار دهشة واستغراب كل من تفقد المدينة.

كان اكتشاف المدينة مذهلاً بالنسبة للمستكشفين والرحالة الأوروبيين، فقد وجدوا صعوبة في الربط بين السكان الحاليين للمنطقة وبين تلك المباني الشاهقة الضخمة. يُرجع السكان بناء تلك الآثار إلى الشياطين، الأمر الذي زاد من استبعاد فكرة أن يكون أجدادهم أو السكان الأصليين للمنطقة هما بناة تلك الحضارة.

بعض المستكشفين الأوروبيين مثل الألماني كارل ماوتش تطرف في عنصريته تجاه الأفارقة واستبعد أي احتمالية أن يكونوا هم بناة تلك الآثار، وأرجعها إلى أنها امتداد لحضارة الملك سليمان للتشابه الكبير بين القلعة وهيكل سليمان في جبل مورياه، وأن تلك القلعة كانت مكان إقامة الملكة بلقيس ملكة سبأ.

ظل الجدل محتدماً بين إثبات أحقية الأفارقة القدامى أو انتمائها لحضارة أخرى، حتى عام 1905 حين أثبت البريطاني ديفيد راندل ماكليفر أن المباني تعود للعصور الوسطى، وأن بُناتها أفراد من قبائل البانتو التي سكنت المنطقة، وأيدته عالمة الآثار البريطانية جيرترود كوتون طومبسون عام 1929.

بُنيت أسوار المدينة بالغرانيت، واحتوت على أبراج مراقبة لحماية سكانها الذين جاوزوا 18 ألف نسمة. يُعد المعلم الرئيسي فيها هو الجدار الدائري، الذي يحتوي على حوالي 900 ألف حجر، تم رصها فوق بعضها بطريقة هندسية متقنة بدون استخدام أي مواد بناء أو ملاط.

لم تتعرض زيمبابوي الكُبرى لكارثة طبيعية جعلتها تختفي كما حدث مع مدن أخرى، خاصة أن ما بقي منها ليس به آثار هدم أو دمار، لكن ما جعلها تُنسى هو أن طُرق التجارة تغيرت، ولم تعد موقعاً رئيساً للتجارة، الأمر الذي دفع سكانها للهجرة وتركها فنُسيت تماماً.

زانادو.. ذكريات من عواصف المغول



جاء جزء كبير من تاريخ الإمبراطور المغولي قوبلاي خان من خلال كتابات الرحالة الإيطالي ماركو بولو، الذي عمل لديه مستشاراً لمدة عامين. ومن بين الأشياء المثيرة التي ذكرها بولو، قصر مدينة زانادو الذي كان القصر المفضل للإمبراطور، حيث كانت عاصمة الإمبراطورية قبل أن ينتقل إلى مدينة جونجدو التي أصبحت فيما بعد بكين.

بُنيت المدينة في عصر الإمبراطور المغولي مينجيك في 1256، وأتمها خليفته قوبلاي بعد وفاة مينجيك عام 1259. ووفقاً لوصف بولو كان القصر مبنياً من الرخام على مساحة 9000 متر مربع، وأهم ما احتوى عليه القصر، ١٠ آلاف حصان أبيض، خصص لهم قوبلاي خان قصراً ذهبياً لرعايتهم فيه وجعل تنانين تتولى حراستهم، وفق الرواية.

في عام 1369م دُمر القصر على يد جيش أسرة مينج، وجاء ذلك في وقت مبكر لم يتح لأي أوروبي أن يراه، لتبقى رواية ماركو بولو هي المصدر الوحيد لدينا عن القصر، ليتحول إلى أسطورة مع مرور الزمن.

اكتشفت آثار القصر والمدينة في العصر الحديث، ليتضح أن ماركو بولو لم يكن يبالغ في كلامه ووصفه لهما. فقد عُثر فيه على منحوتات لتنانين وقطع أثرية وطرقات للخيول والعربات. فزانادو كان واحداً من أجمل القصور التي تم بناؤها، والمدينة برمتها كانت جوهرة الإمبراطورية التي تحول اسمها إلى مرادف للسحر والجمال.

هيليك.. الغرق بقرار من الآلهة



كانت هيليك إحدى مدن مقاطعة آخايا شمال غرب شبه جزيرة بيلوبونيز جنوب اليونان، وحتى وقت اختفائها كانت قائدة منضمة إلى حلف يضم 12 مدينة تمثل المقاطعة. كانت حاضرة ثقافية واقتصادية ومركزاً رئيسياً من مراكز اليونان القديم، وكان بوسايدن رب البحار والزلازل في الميثولوجيا الإغريقية هو المعبود الرئيسي لها.

في الأساطير القديمة اختفت المدينة نتيجة لعقاب بوسايدن الذي أغرقها في مياه البحر، لكن ما حدث هو زلزال مدمر كونها تقع على منطقة نشطة للغاية وتشتهر بكثرة حدوث الزلازل فيها.

أعقبته موجات تسونامي عام 373 قبل الميلاد أغرقت المدينة التي اختفت بين عشية وضحاها ولم تفلح محاولات الإنقاذ التي أتت متأخرة.

ظلت المدينة مختفية وأضحت أسطورة يتحاكى بها الناس، حتى اكتشفت في أواخر الثمانينيات، واستغرق اكتشافها بالكامل عقوداً طويلة من الزمن. أُعلن عنها رسمياً العام 2012.

وكان تقرير سابق نشرته "عربي بوست" أشار إلى مدن أخرى فقدت على مر التاريخ، ٤ منها في منطقة الشرق الأوسط مثل قطسيقون في العراق وأفسس في تركيا، وغيرها. لم يتبق منها الآن سوى آثار وأطلال وأنقاض قاومت عوامل الزمن والطبيعة لتبقى شاهدة على موروث البشرية الحضاري والتاريخي.

علامات:
تحميل المزيد