ليس غريباً أن المتعلم كائن له خصوصيته ومتكبر في بعض الوقت مع غير المتعلم، ويعيش تقلبات مزاجية، ويهرب إلى حد لا يتعامل معهم في أغلب الوقت، ويدخل في أي نقاش بحجة أنهم ليسوا من مستواه العلمي، فكم هو الجهل نقمتنا القاسية، وكم هو ثقيل أن تكون متعلماً ديكتاتورياً!
كثيراً ما يتبادر إلى ذهني هذا السؤال: هل ثقافة الإنسان مرتبطة بشهادته العلمية أو بمستوى وعيه وثقافته؟
قد يعارضني الكثير للوهلة الأولى ويقول بأن العلم مهم بلا جدال، ولكني أجد أن حياة المتعلم مليئة بالمصاعب والهموم؛ لأنه لا يرضى بأي شيء، ولأنه في صراع دائم مع نفسه؛ كي يكون الأفضل قدر المستطاع.
من ناحية أخرى، أرى أن حياة الإنسان غير المثقف هي حياة بسيطة لا همّ له فيها سوى أن يعيشها كيفما كانت، وأرى أنه مرتاح البال وقانع بالقليل، فهل يا ترى ثقافة الإنسان وعلمه وشهادته هي مصدر سعادته أم هي مصدر قلق مستمر؟
من هنا بدأت الفجوة
حيث تجد أغلب خريجي المؤهلات العملية العليا والمتوسطة غير ناجحين في الحياة أو العمل، وهذا الأثر السلبى يرجع إلى عدم اهتمام الخريج بالثقافة، والاطلاع على ما كل هو جديد من خلال طرق مختلفة، منها قراءة الكتب، والتواصل مع الآخرين أثناء المرحلة التعليمية، والمشاركة في الندوات والأنشطة الطلابية بالجامعة، وهذا جعل الخريج شخصاً "متعلماً غير مثقف".
وبالمقابل تجد فئة من الناس لم يحالفها الحظ في الحصول على تعليم عالٍ أو متوسط، ولكن تجد لديه فكراً وأسلوباً راقياً في التعامل مع الآخرين، وتكتشف أن لديهم ثقافة علمية وسياسية كبيرة من خلال تجارب الحياة التي مروا بها أو من خلال الأحداث التي عاشوا معها.
تعتبر الثقافة كمقياس لمدى الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد، والمؤسسات، والدول، ولا يقتصر مفهوم الثقافة على الفكر وحسب، بل تتعدى لسلوك الفرد الذي يضمن له حياة أكثر سهولة ويسر وإيجابية.
ومن مميزات الثقافة أنها تسهم إيجابياً في توجيه أفكار الأفراد، والمؤسسات والشعوب، ودفعها نحو التميز والرقي والإبداع والابتكار.
حاول أن تفكر فيمن حولك من شخص متعلم غير مثقف، وشخص مثقف غير متعلم ستجد الكثير، واسأل نفسك هل هو ناجح في الحياة والعمل؟… إلخ.
حاول أيضاً أن تفكر في شخص مَن حولك متعلم ومثقف سوف تجده في الغالب شخصاً ناجحاً ولديه إنجازات متعددة.
ولذلك يجب على المتعلم غير المثقف أن يثقف نفسه بطرق مختلفة في مجاله وغير مجاله؛ حتى ينمو ويتسع فكره، وكذلك المثقف غير المتعلم يجب أن يبدأ في التعلم حتى يمكنه تطبيق ثقافته بطريقة صحيحة، ويكون قادراً على توصيل رأيه لآخرين بإيجابية، ويتمكن أيضاً من تنمية فكره ومعرفته يوماً بعد يوم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.