دائماً ما يفاجئنا عالم الموضة، إذ نستيقظ يومياً على ظهور تقاليد جديدة ومُختلفة بعضها يثير إعجابنا، والآخر يكون غريباً علينا، فنحتفظ بالتقاليد التي ترضي أذواقنا وتلائم مجتمعنا، وباقي التقاليد غالباً ما يكون عمرها قصيراً.
تاريخ الموضة
وبما أنّ الكثير من التقاليد الشائعة ليست حديثة؛ نستعرض لكم في هذا الموضوع تاريخ هذه التقاليد منذ البداية.
الأحذية ذات الكعب العالي كانت للرجال فقط
بحسب ما ذكرته إليزابيث سيميلهاك، أمينة متحف أحذية "باتا" في مدينة تورونتو بكندا، فإن الرجال في بلاد فارس كانوا يرتدون الأحذية ذات الكعب العالي التي كان استخدامها مرتبطاً بالفروسية، فالجندي الفارسي كان يرتديها؛ لتساعده على رمي الرمح بدقة وكي يحافظ على ثباته وتوازنه.
اندمجت الثقافة الفارسية بالثقافة الأوروبية في القرن الـ 15، فانتقل ارتداء الرجال للأحذية ذات الكعب العالي إلى الرجال الأرستقراطيين في أوروبا، بعد أن كانوا ينتقون ملابس غير عملية لإظهار مدى رفاهيتهم وتميزهم.
ومن المثير للعجب أن النساء لم يرتدين الكعب العالي إلا منذ منتصف القرن الـ 16، عندما بدأت موضة النساء تتجه نحو قص الشعر وتدخين الغليون وارتداء الكعب أسوة بالرجال.
البلوزات.. زي رجالي أحدث ثورة في عالم الموضة النسائية!
بدأت القِصة في منتصف القرن الـ 19 عندما قاد المحارب الإيطالي جوزيبي غاريبالدي جيشاً صغيراً، وقام بسلسلة من الحملات من أجل توحيد إيطاليا، ولم يكن لقواته وقتها زي موحد، فارتدى المحاربون قمصاناً فضفاضة قرمزية اللون في أثناء إحدى المعارك، وكان يُطلق عليهم اسم "ذو القمصان الحمراء".
بعدما ذاع صيت غاريبالدي عالمياً عام 1862، ارتدت النساء قمصاناً كتاناً حمراء على غرار قمصان جنود غاريبالدي، حتى إن مجلة "جودي" الأمريكية توقعت أن يُحدث هذا القميص ثورة في عالم الموضة النسائية، وهو ما حدث بالفعل في وقتنا الحالي.
البابليون أول من عرفوا طلاء الأظافر
أُنتجت أول مجموعة لطلاء الأظافر على يد البابليين القدماء عام 3200 قبل الميلاد، والذين عُرف عنهم حبهم واهتمامهم بجمال أظافرهم، وكان طلاء الأظافر يُصنع من الذهب الصلب، وانتقل بعد ذلك إلى نساء المصريين القدماء فقُمن بطلاء أظافرهن، ومن أشهرهن: الملكة كليوباترا والملكة نفرتاري، وكان ذلك يتم عن طريق مسح الأظافر بالزيوت والبخور والأعشاب المقوية، ثم تلوينها باستخدام الحناء.
هناك أيضاً أسرة "مينغ الصينية" التي كانت تستخدم خليطاً غريباً من بياض البيض والجيلاتين والمطاط؛ لصبغ أظافرهم باللونين القرمزي والأسود، وفي إنجلترا أحبت أيقونة الموضة حينها الملكة إليزابيث الأولى طلاء أظافرها والاهتمام بجمال يديها.
الشعر الطويل كان يدل على أرستقراطية المرأة
من الممكن الشعر أن يكون موضعاً لوجود الحشرات الصغيرة وملجأً للبكتيريا، وسبباً لانتشار بعض الأمراض؛ لذلك يحتاج إلى عناية خاصة واهتمام، ما يتطلب وجود وقت فراغ للقيام بذلك، والنساء منذ زمن بعيد اعتدن التباهي بجمال شعرهن وصحته ونظافته.
ارتبط الشعر منذ القدم بالمستوى الاجتماعي، فكانت المرأة العاملة حينها تُعرف بأظافرها الحادة والمتكسرة وشعرها القصير وجلدها الخشن، وعلى العكس كانت المرأة الأرستقراطية تُعرف من جمال أظافرها المطلية وشعرها الطويل المُضفر، وبشرتها الناعمة الصافية.
بنطال الجينز ظهر في القرن السابع عشر
يعد البنطال الجينز الزي العملي الأكثر راحة للرجال والنساء، وتظهر كل عام تقاليد لارتدائه؛ فمن الجينز الواسع بشدة (الشارلستون) إلى الجينز الضيق بشدة أيضاً أو "السكيني"، انتهاء بالجينز المُقطع والجينز ذي الوسط المرتفع أو المنخفض.
يرجع ظهور البنطال الجينز الأزرق إلى القرن السابع عشر في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما اشترى خياط من ولاية نيفادا يُدعى جاكوب ديفيس قماش جينز وصنع منه مجموعة سراويل، ولكنه أضاف إليها جيوباً، وبدلاً من حياكتها في البنطال بخيوط استخدم المسامير المعدنية الصغيرة، فأنتج أول بنطال "جينز" في شكله المعروف حالياً.
لكن، لأن جاكوب ديفيس لم يكن يملك المال حينها، اتصل بالتاجر الشهير وصانع السراويل الألماني ليفي شتراوس صاحب العلامة التجارية "ليفايز-Levi's" وأخبره بطريقته الجديدة، واقترح عليه دفع المال اللازم لاستخراج براءة اختراع وإدراج اسمه معه، وبالفعل حصلت شركة "ليفي شتراوس وشركاه" على براءة اختراع سراويل ذات جيوب مثبتة بمسامير معدنية.
ربطة العنق للرجال ليست قطعة مريحة.. فلماذا يرتديها الرجال؟!
على الرغم من تحذير الجمعية الطبية البريطانية للأطباء من ارتداء رابطة العنق؛ لخطورتها الصحية، فإن الرجال لا يزالون يصرون على ارتدائها حتى اليوم، ويرجح علماء النفس أن تأثير رابطة العنق نفسي بالمقام الأول؛ لارتباطها بأماكن العمل.
فربطها يعني أن هذا الوقت لعميلك، وخلعها يعني أن هذا الوقت لك، لذلك عندما يخلعها الموظفون عقب أوقات العمل الرسمية، أو عند الوصول للمنزل يشعرون بالراحة والهدوء نفسياً وعقلياً.
في الواقع، بداية ارتداء رابطة العنق موضع نقاش حتى الآن؛ هناك من يدّعي أن الفكرة جاءت من ارتداء القوات الصينية والرومانية قديماً منديلاً ملوناً ومزركشاً حول رقبتهم، كوسيلة لإعلان ولائهم لزعيمهم.
وهناك قول آخر هو أن الفكرة جاءت من حرب الـ30 عاماً، التي اندلعت بين عامي 1618م و1648م بين دول شمال ووسط أوروبا، وارتدى خلالها المرتزقة الكرواتيون الذين استعان بهم لويس الثالث عشر، ملك فرنسا، رابطات عنق.
اعتُمدت رابطة العنق بعد ذلك كرداء إلزامي لتزين الرجال في أثناء الاجتماعات الرسمية، وأطلق عليها اسم "كرافات- Cravate"، وهذا الاسم مشتق من اللفظ كروات في الأصل، ويحتفل الكرواتيون بالعيد الرسمي لرابطة العنق يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
اختلاف أماكن أزرار النساء والرجال
إذا تفحصت ملابسك فستجد أزرار القميص الرجالي على الجهة اليمنى، بينما توجد أزرار القميص النسائي على جهة اليسار، والسبب يعود للقرن الثالث عشر عندما كان تركيب الأزرار تكنولوجيا حديثة باهظة الثمن حينها، فكانت النساء الثريات يرتدين ملابسهن بمساعدة الخدم، بينما كان الرجال بسبب ظروف حياتهم العسكرية يميلون إلى ارتداء ملابسهم بأنفسهم.