حلَّت مكتبة في نيوزيلندا لغزاً طال أمده، حول سبب ضياع الكتب وإعادة ظهورها في أماكن غريبة وخفيّة.
وذلك، بحسب ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية، الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017، بعدما كان العاملون بمكتبة أوكلاند في حيرة متزايدة من أمرهم، عندما ظلّت الكتب تظهر في أماكن غير معتادة، كأن تُدس تحت الطاولات والمقاعد، وفي أماكن خفيّة يصعب العثور عليها في أنحاء المكتبة.
تقول راشيل ريفيرا، مديرة مكتبة مدينة أوكلاند النيوزيلندية: "لقد كان الأمر غريباً حقاً، ولم نكن قادرين على حلّه تماماً، فقد كُنّا نعثر على الكتب مدسوسة بدقة أسفل الرفوف دون أي علامات مرجعية بداخلها أو صفحات مطوية أو أي شيء".
وأضافت: "كُنا نعتقد أن شخصاً ما يعبث معنا أو أنهم أطفال يشعرون بالملل".
ولكن تلك الافتراضات لم تكن في محلّها، إذ إن اللغز قد حُلَّ أخيراً عندما دعت المكتبة إلى عقد اجتماع مع المشرَّدين الذين يجدون صعوبة في العثور على مكان لمبيتهم في المدينة، وحينها انكشف أن الكثير من بينهم -ممن لا يتمكنون من الحصول على بطاقات مكتبية حيث إنهم لا يملكون عنوانَ منزلٍ- كانوا يُخبئون كتبهم كي يعودوا إليها في اليوم التالي، دون المخاطرة بفقدان أماكنها.
وبحسب إحصائيات صدرت مؤخراً من مجلس مدينة أوكلاند، هناك أكثر من 23 ألف مُشرّد في المدينة التي تعد أكبر مُدن نيوزيلندا، فضلاً عن أكثر من 700 شخص يجدون صعوبة في العثور على مأوى لمبيتهم كل ليلة.
وقالت راشيل إن بعضاً من أفراد مجتمع المُشرّدين لديهم بالفعل بطاقة، حيث تسمح المكتبة لهم باستخدام عنوان مكتب المهام المحلّية كمحل إقامة لهم، بينما في حالات أخرى تخشى المكتبات من إتلاف أو فقدان الكتب إذا أُخِذت إلى الشوارع.
وأضافت راشيل، التي أشارت إلى أن نحو 50 شخصاً من المُشرّدين يترددون على المكتبة يومياً: "هذا المجتمع بالفعل يُقدِّر الخدمات التي نقدّمها، ويتعامل مع الكتب بقدر كبير من الاحترام".
وتابعت قائلة: "الكثير ممن يأتون إلى هنا هم قارئون جيدون للغاية، ولديهم بعض الأذواق الغريبة والمثيرة للتعجّب في الأدب.. الناس مُشرّدون لأسباب عديدة، وكونهم أذكياء ومُهتمين بالآداب لا يحول دون ذلك".
ومنذ اكتشاف سبب فقدان الكتب، قرَّرت المكتبة تخصيص رفٍّ للمشردين؛ كي يحتفظوا بكتبهم بأمان خلف شباك الموظفين الرئيسي. وتُبدي المكتبة أيضاً "تقديراً للموقف" مع مُرتاديها المُشرّدين، فيما يتعلّق بالغرامات والكتب المتأخرة.
وقالت راشيل: "لقد رأينا زيادة فعلية في عدد الناس الذين يستخدمون المكتبة فقط كمكان لتواجدهم".
وأضافت: "هناك مزيج من الناس الذين ينامون بالشوارع، فضلاً عمن يعيشون في شقق ضيقة في أنحاء أوكلاند. ومن المدهش أننا نعيش في هذا العصر الحديث، ولكننا نشعر بأن هناك المزيد من الأشخاص الذين يأتون إلى هذا المكان أكثر مما مضى، إنه حقّاً أمرٌ نابض بالحياة.