الهند تتجاهل “تاج محل” لأن “الغزاة المسلمين” شيدوه.. سرُّ الكاهن الهندوسي الذي يتآمر عليه

تحلم أي بلد في العالم بأن تمتلك هذه الأعجوبة من عجائب الدنيا السبع التي تشتهر بجمالها الذي يجسد "الحب الأبدي"، ولكن يبدو أن الهند في ظل الحكومة اليمينية الهندوسية تتعمد إهمال هذا الأثر الخالد " تاج محل".

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/04 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/04 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش

تحلم أي بلد في العالم بأن تمتلك هذه الأعجوبة من عجائب الدنيا السبع التي تشتهر بجمالها الذي يجسد "الحب الأبدي"، ولكن يبدو أن الهند في ظل الحكومة اليمينية الهندوسية تتعمد إهمال هذا الأثر الخالد " تاج محل".

خلال السنوات الأخيرة، تراجعت شعبية تاج محل، النصب التذكاري في الهند، الذي يعد واحداً من أهم المزارات السياحية جاذبية في العالم وقد يكون المَعْلم الأكثر جمالاً بين عجائب الدنيا السبع.

وتقلصت أعداد الوافدين على المكان، فضلاً عن أن الهواء الملوث قد حوّل لون الرخام الأبيض الأثري إلى أصفر، حسب تقرير لصحيفة أميركية.

كاهن هندوسي



وما يزيد الأمر سوءاً، في الوقت الراهن، أن بعض الأشخاص في الهند يزعمون أن الحكومة القومية الهندوسية المنتخبة مؤخراً في ولاية أتر برديش الذي يوجد به هذا المَعلم، قد أقدمت على منع أي دعم أو تقديم الأموال للاهتمام بالموقع المشهور عالمياً؛ نظراً إلى أنه قد شُيّد على أيدي "الغزاة المسلمين"، حسب تقرير أفردته Washington Post حول المعلم المشهور.

ولكن الأخطر أن أحد كبار السياسيين المقربين من رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وهو الكاهن الهندوسي، يوغي أديتياناث، الذي ينتمي إلى الحزب الهندوسي اليميني بهاراتيا جاناتا تبنَّى هذا الموقف السلبي تجاه هذا النصب التذكاري.

فقد أعرب أديتياناث أسفه إزاء إهداء النماذج المصغرة من تاج محل للزوار الأجانب، وبدلًا منها ستتوفر نماذج من الآلهة الهندوسية "غيتا" و "رامايانا"، مشيراً إلى أن هذا النصب "لا يعكس الثقافة الهندية".

حُذف من الوجهات السياحية


وحسب تقرير الصحيفة الأميركية، فإن صندوق التراث الثقافي لم يخصص لتاج محل، الذي يعتبر من بين أفضل الوجهات السياحية في البلاد، أي موارد مالية ضمن ميزانية الدولة للسنة القادمة.

كما تم حذف النصب من الكُتيّب السياحي، الذي أدرج فيه المشاريع الهامة كافة التي اضطلعت بها إدارة السياحة في ولاية أتر برديش رسمياً، وقد أثار هذا الأمر موجة من الاحتجاجات في الحزب الرئيسي المعارض بالبلاد (المؤتمر الوطني الهندي).

وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الهندي، أبهيشيك مانو سينغفي، إنه "في حال استبعدنا تاج محل من كتيب السياحة فسيكون ذلك بمثابة خطوة كارثية. في الواقع، يعد هذا الأمر بمثابة تمييز ديني واضح، في غير محله تماماً".

من جانبها، سارعت حكومة أديتياناث بالرد على هذه الاتهامات، مؤكدة أن الدولة خصصت 22 مليون دولار لتجديد بوابات النصب التذكاري، والقيام بأعمال صيانة وإنشاء موقف سيارات متعدد الطوابق.

وقال أوانيش أواسثي السكرتير الأول لرئيس الحكومة الهندية، إن "تاج محل يعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع، ولطالما كان أولوية ليس فقط بالنسبة لأتر برديش ولكن بالنسبة للهند بأسرها".

وأردف قائلاً: "عموماً، سيكون هذا النصب دائماً محور كل سياستنا السياحية، ولكن هناك بعض المشاريع الجديدة الأخرى التي نريد أن نسلط الضوء عليها أيضاً".

قصة أروع نماذج العمارة الهندية الإسلامية


وضريح تاج محل، الذي يعد أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو، قد شُيد في القرن الـ17 من قِبل الإمبراطور المغولي "شاه جاهان" في ذكرى زوجته الراحلة "ممتاز محل".

وفي الوقت الراهن، يعتبر الضريح من أروع نماذج الهندسة المعمارية الهندية الإسلامية.

وقد وصف الشاعر الهندي الشهير، رابيندراناث تاغور، المكان بأنه "دمعة على خد الزمان".

ولطالما كان تاج محل أحد المواقع السياحية الرئيسية الأكثر استقطاباً للسياح الأجانب، خاصة المشاهير، فمن النجوم الذين زاروه الممثلون الأميركيون ليوناردو دي كابريو وتوم كروز وجوليا روبرتس، ومارك زوكربيرغ مؤسس شركة فيسبوك الشهيرة، والرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري وابنتهما تشيلسي.


وهناك صورة شهيرة للأميرة ديانا تزوره وحيدة بعد خيانة الأمير تشارلز لها، تناقلتها الصحف كرمز للمفارقة لقصة امرأة لم يحبها زوجها تجلس إلى ضريح امرأة خلدها حب شريك حياتها للأبد، وذلك حسب تقرير لموقع India Today.

ولكن، أخذت أعداد الزائرين تتراجع منذ سنة 2012، على الرغم من إنشاء طريق سريع، مما ساهم في انخفاض مدة رحلة الحافلات السياحية من العاصمة نيودلهي للموقع إلى أقل من 3 ساعات، حسب "واشنطن بوست".

ووفقاً لوزارة السياحة الهندية، زار قرابة 480 ألف سائح أجنبي الموقع في سنة 2015.

وقد تراجعت أعداد السياح بنسبة 35% مقارنة بنحو 743 ألف سائح زاروا المكان في سنة 2012. كما انخفضت السياحة المحلية بنحو 400.113 ألف سائح في الفترة الممتدة بين سنة 2012 وسنة 2015.

أسباب تراجع السياح


قدّم المسؤولون الهنود في مجال السياحة أسباباً متفاوتة لتبرير هذا الانخفاض.

فقد عزا الكثيرون الأمر إلى الوضع الاقتصادي، وانعدام البنية التحتية، فضلاً عن المخاوف الأمنية، خاصة بعد عملية الاغتصاب الجماعي في نيودلهي، سنة 2012.

عبارات قاسية


أثار لاعب نادي Golden State واريورز، كيفين وينا ديورانت جدلاً كبيراً، عقب التصريحات شديدة اللهجة والعبارات القاسية التي اعتمدها لوصف الظروف السيئة التي تحيط بمَعلم تاج محل، وذلك بعد زيارة قام بها إلى الموقع التاريخي خلال هذا الصيف، في إطار جولة رسمية لكرة السلة الوطنية.

وفي حوار أجراه مع موقع Indian Express، قال كيفين ديورانت إنه "عندما كنت في طريقي إلى تاج محل، كنت أعتقد أن المكان سيكون أشبه بالأرض المقدسة، ومحميّاً ونظيفاً جداً. ولكني، وباتجاه تاج محل، سلكت طرقاً ملتوية، أعادت في ذهني صور بعض الأحياء المتواضعة التي كنت أذهب إليها عندما كنت صغيراً" .



وأضاف ديورانت أن "الشوارع المؤدية إلى تاج محل كانت مليئة بالطين، فضلاً عن المنازل التي لا أبواب لها ولا نوافذ، فضلاً عن الأبقار التي تجول في الشارع، والكلاب الضالة.

في الحقيقة، لم تكن الصورة التي انتظرت رؤيتها عن تاج محل، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم والمكان الأثري الذي بُني قبل 500 سنة والذي يأتي الجميع من مختلف أنحاء العالم ليزوروه".

وفي وقت لاحق، اعتذر ديورانت على تصريحاته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

السياحة الهندوسية


من جانبهم، أعرب مسؤولون محليون في ولاية أغرة عن أسفهم لإهمال الإدارة المبنى وتفضيلها المواقع الدينية الهندوسية.

وقال سكرتير نقابة سياحة أغرة، راجيف ساكسينا، إن "الحكومة الحالية لا تدعم أغرة باعتبارها إحدى الوجهات السياحية بسبب آثارها المغولية"، موضحاً أنه "لم يتم تخصيص أموال لتنمية السياحة بالمنطقة"، وأردف قائلاً: "يبدو أن تركيزهم ينصب على السياحة الدينية الهندوسية".

ويعتقد بعض النقاد أن حكومة أديتياناث ركزت على تعزيز أماكن سياحية أخرى؛ مثل: مدينة فاراناسي القديمة، وموقع الحج الهندوسي، وجوراكبور، حيث يشغل أديتياناث منصب رئيس كهنة معبد كبير.

في الإطار ذاته، قال ساكسينا إن "حكومة الولاية السابقة قد أطلقت خططاً لإقامة متحف المغول والمركز التوجيهي في تاج محل، ولكن من غير الواضح إذا ما كان سيتم تمويلها بالكامل للمضي قدماً في هذه الخطط".

وأضاف المصدر نفسه أن "البرامج الحكومية يجب أن يقع دعمها من خلال الميزانية السنوية. وفي حال لم يتم تخصيص ميزانية لتاج محل، فسوف يتهاوى هذا المَعلم التاريخي وبسرعة".

تحميل المزيد