لطالما كانت الفلسفة من أهم الأنشطة الفكرية المرتبطة بالإنسان، وبقيت تساؤلاتها حاضرة منذ الأزل، إلا أن الكثير من التيارات الفلسفية تلاشت أو ضعف تأثيرها، في حين أن البعض منها ما زال حاضراً ومؤثراً.
وعرفت البشرية أفكاراً وتياراتٍ فلسفية من الصعب تصديقها أو استيعابها، بوصفها تقدم رؤى مختلفة عما اعتدناه. "عربي بوست" تقدم لكم قائمة بأغرب الأفكار والتيارات الفلسفية الموجودة حالياً وبعض جوانبها المثيرة للاهتمام.
1- الحيوانيّة
ترتبط هذه الفلسفة بالنقلة الأنطولوجية المرتبطة بالدراسات الألسنيّة وما بعد الكولونياليّة والتطور التكنولوجيّ، وترى هذه الفلسفة أن الأرواح ليست حكراً على البشر أو الحيوانات، بل هي موجودة حتى في الصخور والنباتات، فكل ما هو موجود على سطح الأرض يرى نفسه "إنساناً"، أي ذو سلوك ومميزات ثقافية تجعله مختلفاً عن الآخر.
وتننشر هذه الفلسفات في الأماكن التي يمتلك فيها الدين والمعتقدات الخرافيّة سطوة وحضوراً كبيرين، حيث يمتلك فيها المشعوذون والسحرة مكانة قانونيّة محميّة مثلاً بوصفهم مؤثرين في المجتمع لا بوصفهم عنصراً ثقافياً فقط بل يحضرون ضمن النصوص القانونيّة.
2- البجعة السوداء
تم تطوير هذه النظرية من قبل أستاذ الاقتصاد نسيم نيكولاس طالب، وتنص النظرية أن البجعة السوداء عبارة عن حدث من المستحيل أن يتم التنبؤ به ومن المستحيل أن يحصل، فمثلاً يكمن اعتبار أحداث الـ11 من سبتمبر بجعة سوداء، إذ بعد دراسة تفاصيل الحادث وجد المحققون مئات الاحتمالات التي كان من الممكن عبرها أن يتم تفادي هذه الأحداث، مع ذلك تم اختطاف الطائرتين.
النظرية تقوم على أساس احتمال حدوث الأسوأ بالرغم من أن كل المؤشرات تنبئ بالعكس، كحالة فوز دونالد ترامب، فالبجعة السوداء هي الاحتمال الأسوأ الناتج عن سلسلة من الأخطاء.
3- عقدة البطاطا
هذه المشكلة الفلسفية تدفع الشخص لإعادة التفكير بكل ما يؤمن به، إذ فلنفترض أننا نمتلك 100 كيلو من البطاطا، وهي تحوي 99% من الماء، وبعد تركها لتجف ليصبح مقدار المياه فيها 98%، نرى أنها لا تخسر مقدار 1% من وزنها أي كيلو واحد، بل تفقد 50% من وزنها، وهذا يعني أن 1% فقط تحوي نصف الكتلة.
المعادلة الرياضيّة تثبت ذلك، إلا أن التفكير العميق في هذه المعضلة يدفع الشخص للتشكيك بأن هناك 1% من الخواص ضمن كل الموجودات من الممكن لها أن تغير الوزن أو أي خاصيّة أخرى في حال تم التأثير عليها.
4- المصطنع والاصطناعي
تنتمي هذه النظرية إلى تصورات ما بعد الحداثة للتاريخ والعالم، وهي مشروحة في كتاب الفيلسوف الفرنسي جان بودريارد، المعنون بـ"المصطنع والصناعي"، وقد ألهمت الكثير من أفلام السينما كـ"Matrix"، وترى النظرية أن العالم الذي نعيش فيه كله مزيف وليس إلا صوراً فائقة الواقعية توهمنا بأننا أحياء، فالوعي ليس إلا صورّة تشكّلها الآلات أمامنا.
فالنظرية تقول أيضاً إن التاريخ سلسلة من الصور، وكل إدراكنا له هو وهم بحقيقة هذه الصور، التي لا يمكن لنا إيجاد مرجعية لها في الواقع، بل مجرد أجزاء مشرذمة لا تحوي أي تماسك، بالتالي لا يوجد أمامنا سوى الصور بوصفها الحقيقيّة فقط.
5- الباتافيزيقيا
أو ما يعرف بعلم الحلول الخيالية، الذي يعالج القوانين التي تضبط الاستثناءات، هذا التعريف ظهر للمرة الأولى في المسرحيّة التي كتبها الفرنسي ألفريد جاري على لسان شخصية "أوبو" عام 1893 فجاري (1873-1907).
"جاري" أو المعتوه كما كان يوصف، أسس للعبث والمسرح الحديث ورؤية متفردة للكون، وقد طرح المصطلح السابق وحاول التنظير له حتى وفاته، وبقي الأمر كذلك حتى عام 1949 حين قام المسرحي أوجين أونيسكو (1909-1994) وغيره من كتاب العبث والسورياليين بتأسيس كلية الباتافيزيقيا في باريس، لتكون أول تجمّع لدراسة الظواهر الباتافيزيقيّة وتحليلها.
وفي عام 2000 تأسست في لندن كلية الباتافيزيقيا مرة أخرى، وكأن التاريخ يؤمن بأهميّة هذا العلم، ومن أهم قوانين الباتافيزيقيا ضبط الشذوذ، وهو الجزء المفصلي الذي يحدد بنية العلاقات التي تجعل القواعد غير قابلة للتطبيق، بحيث تحوي عنصراً يمنع القاعدة أن تطبق، لأن تطبيقها سينتج استثناءها، أوضح الأمثلة على هذه القاعدة هي محاولة فهم عمل السياسيين، نتيجة كمية الكذب والرياء التي يتفوهون بها.
6- المورمون
بالرغم من أن المورمون طائفة دينيّة فإن أفكارهم تثير الغرابة، فهم يؤمنون بجوزف سميث، الذي شاهد ملاكاً في الغابة أعطاه نسخة من الإنجيل، مكتوبة بلغة سريّة لا يمكن إلا لسميث أن يقرأها.
هذه النسخة من الديانة المسيحيّة ترى أن يسوع المسيح أميركي، وأن أرض الخلاص موجودة في أميركا، المورمون لهم عادات غريبة كثيرة، إلا أن معتقداتهم ما زالت إلى الآن محل جدل لدى الكثيرين من كل الأديان.
7- النقد الهذياني
يعود تأسيس هذه الفكرة الفلسفية للفنان السوريالي الشهير سيلفادور دالي، فالأخير يرى أن الوعي يقف بوجه حقيقة الإنسان المتمثلة باللاوعي، ويرى دالي فيه وسيلة للإدراك اللاعقلاني للواقع، عبر تشويش آليات التلقي، وهذا ما نراه بوضوح في الأعمال الفنيّة المختلفة، أو لدى مرضى الذهان أو حين تناول المهلوسات، إذ تختلف طريقة إدراك الواقع والعلاقات بين الأشياء.
ويرى دالي أن الفنان وبعد عودته إلى الوعي التقليدي عليه نقل رؤاه هذه إلى الآخرين عبر الرسم والشعر.