ظلَّت صامدةً رغم اندثار الحضارات التي بنتها.. جولةٌ في أجمل 8 قلاع أثرية.. نصفها في دول عربية

إذا كنت ممن يهتمون بالتاريخ، ويحبون أخذ جولات في المعالم الأثرية والمتاحف، فلا شك سيثير هذا الموضوع اهتمامك، إذ نتحدث هنا عن أشمخ القلاع حول العالم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/19 الساعة 00:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/19 الساعة 00:48 بتوقيت غرينتش

إذا كنت ممن يهتمون بالتاريخ، ويحبون أخذ جولات في المعالم الأثرية والمتاحف، فلا شك سيثير هذا الموضوع اهتمامك، إذ نتحدث هنا عن أشمخ القلاع حول العالم.

تلك القلاع التي بنيت لأسباب عديدة جاء على رأسها التحصن من الأعداء، استخدمت أيضاً لأغراض أخرى مثل كونها سجوناً، أو بيوتاً للمال، ومستودعاتٍ للأسلحة، ومقرات للحكم، وقد ظلت هذه الأبنية الضخمة إرثاً حضارياً شامخاً، ومن أهم معالم البلدان السياحية.

لذلك، سنصطحبكم في هذا التقرير في جولة ممتعة نخبركم فيها عن تاريخ ونشأة أجمل القلاع الخالدة، وأكثرها سحراً في العالم:

1- قلعة حلب – سوريا




كما نعرف جميعاً، فقد مرت على مدينة حلب العديد من الحضارات المتتابعة بدايةً من الحثيين والآشوريين والأكاديين، مروراً بالإغريق والرومان والأمويين، والأيوبيين، وانتهاءً بالمماليك والعثمانيين. وتركت هذه الحضارات بصماتها على قلعة حلب، إذ كانت الدول المتوالية تتولى ترميم وتطوير تلك القلعة التاريخية.

ثم جاء العصر الحديث الذي أصبحت فيه القلعة من أهم المزارات السياحية في سوريا، إذ يمكن الاستمتاع بمشاهدة العديد من المعالم داخل القلعة منها الجامع الكبير الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثاني عشر، ومسجد إبراهيم الخليل، وثكنة إبراهيم باشا (ابن محمد علي باشا الكبير) العسكرية، والقصر الملكي وقاعة العرش، بالإضافة إلى المدارس التاريخية والحمامات العامة الموجودة بداخلها.

يعتبر نور الدين زنكي (حكم في عهد الدولة الزنكية بين عامي 1118-1174) من الحكام الذين أضافوا كثيراً إلى بناء القلعة بإعادته بناء الجزء الداخليّ الخاص بها، وتحصينه دفاعات القلعة، وإضافة مقام إبراهيم، وهو مزار ديني يرتبط بالنبي إبراهيم.

أما بقية الأقسام الموجودة في القلعة اليوم فتعود إلى فترة حكم الملك الظاهر غازي أحد أبناء صلاح الدين الأيوبي (حكم حلب في عهد الدولة الأيوبية في الفترة 1193– 1216)، الذي أمر بحفر خندق القلعة حتى عمق 22 متر، وبناء الجسر الموصل إليها، إلى جانب المنحدرات المحيطة بها من الحجر الناعم الذي يعيق وصول الأعداء، وتوج هذه الإضافات ببوابة منيعة تصد الهجمات الحربية التي كانت كثيراً ما تتعرض لها حلب من الفرنجة.

من اللمسات المؤثرة التي تركها الظاهر على القلعة العناصر الزخرفية التي تظهر حول البوابات، وفي مقدمتها بوابة السباع، وبوابة الأفاعي اللتان زينتا بالنقوش الحجرية التصويرية، وتظهر بها السباع كرمز للقوة والملكية، إلى جانب الأفاعي والتنانين التي تلتف لتعضّ نفسها، ما يدل على كون الحدود آمنة ومحروسة.

لكن الآن، تعاني القلعة التي أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1986 -آثار الحرب، إذ خلفت المعارك هناك دماراً في تلك المنطقة الأثرية التي بقيت صامدة لقرون.

2- قلعة أربيل – كردستان العراق




تقع هذه القلعة التي يتجاوز عمرها الـ 3 آلاف عام، وسط مدينة أربيل بكردستان العراق، إذ يرجع تاريخها إلى الألف الأول قبل الميلاد.

كانت القلعة تضم في البداية المدينة بأكملها، وأُنشأت بهدف الحماية من الأعداء، يبلغ ارتفاع القلعة 431 متراً عن مستوى سطح البحر، و28 متراً عن مستوى سطح المدينة، أما مساحتها فتبلغ 110 ألف متر مربع.

عاصرت القلعة العديد من الحضارات التي اختفت فيما بقيت القلعة صامدةً حتى عصرنا الحالي، ومن تلك الحضارات الآشورية، الأكدية، البابلية، الفارسية، واليونانية.

عام 2007، جرى إبرام مذكرة تفاهم بين حكومة الإقليم ومنظمة اليونسكو لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع إعادة التأهيل وترميم قلعة إربيل، ورغم ذلك، فلا تزال القلعة تفتح أبوابها للزوار يومياً.

3- قلعة أراغونيس – إيطاليا




يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إذ بناها "هيرو الأول" في العام 474 قبل الميلاد، في خليج نابولي على صخرة بركانية بالقرب من جزيرة "أراغونيس" الإيطالية، والتي اتصلت بها في عهد الملك "ألفونسو" الخامس ملك الراغون.

إذ أنشأ "ألفونسو" جسراً حجرياً يصل القلعة بالجزيرة بدلاً من ذلك الجسر الخشبي الذي كان يمتد بينهما، ما ساعد على حماية سكان الجزيرة من القراصنة، فيما عاش على الجزيرة ما يزيد عن 2000 أسرة حاكمة.

تعد القلعة من أهم مناطق الجذب السياحي في جزيرة "إيشيا" الإيطالية؛ لما تتمتع به من هندسة معمارية مميزة، ويمنحك الصعود إلى القلعة فرصة مشاهدة أجمل المناظر الطبيعية الخلابة لما تضمه الجزيرة من كنائس وجدران قديمة، كما أن الطيور المحلقة في سماء الجزيرة تزيد المنظر جمالاً وحياة.

ولكن المشهد ليس رومانسياً بشكل كامل؛ إذ يوجد داخل القلعة متحف التعذيب الذي يحتوي على بعض الأدوات البشعة التي اُستخدمت لانتزاع الاعترافات من السجناء، إذ استخدمت القلعة كسجن في أوقات الحروب، وبالأخص في فترة محاكم التفتيش، ولذلك لا ينصح بزيارته لأصحاب القلوب الضعيفة.

4- قلعة هوهنتسولرن – ألمانيا




تعد من أجمل القلاع الألمانية وأكثرها تحصيناً، يعود تاريخ بنائها إلى عام 1061، وكان يمكن اعتبارها من أقدم التحف المعمارية في ألمانيا، لكنها دُمرت تماماً عام 1423، وشُيدت للمرة الثانية عام 1454، وقد استخدمت كحصن خلال حرب الثلاثين عاماً (سلسلة صراعات وقعت في أوروبا بين عامي 1618 – 1648) كما تغير سكانها مراراً وتكراراً حتى اُهملت وتهالكت مبانيها.

لكن عام 1819، قرر الملك "فريدريك ويليام" ملك بروسيا (مقاطعة ألمانية حملت اسم بروسيا الشرقية في وقتٍ لاحق) أن يعود إلى بيت أسلافه فأعاد بناء القلعة من جديد التي كانت تمثل "غاية عزيزة" بالنسبة إليه، وانتهى تحقيق حلمه عام 1850، عندما أصبحت القلعة أجمل التحف المعمارية العسكرية في القرن التاسع عشر، إذ بنيت على الطراز القوطي وزُينت بالعديد من الأبراج والتحصينات التي جعلتها أكثر جاذبية للزوار.

وفي عام 1952، اهتمّ الأمير "لويس فريدناند" بتزويد القلعة بالتحف الفنية وكل ما يتعلق بتاريخ بروسيا وملوكها، كما أضاف اللوحات التي تحمل توقيعات أشهر فناني ذلك العصر، وعلى الرغم من تعرض القلعة لأضرار بالغة بفعل الزلازل في عام 1970، و1978، إلا أن ألمانيا تحرص على ترميمها وصيانتها من عوائد رسوم الدخول للقلعة لتظل مقصداً سياحياً هاماً.

إذ أصبحت مركز جذب الكثير من السياح، وحظيت بشعبية كبيرة. ويفضل زيارة القلعة في فصل الشتاء؛ لأن درجة الحرارة المتوسطة ستساعدك على الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة حول القلعة.

5- قلعة الكرك – الأردن




تعد من أقدم وأهم القلاع في بلاد الشام، ويبلغ ارتفاعها ما يقارب من 1000 متر فوق سطح البحر، إذ بُنيت في الجانب الجنوبي من الهضبة المثلثة التي تقع فوقها مدينة الكرك والتي ترتفع 900 متر فوق سطح البحر، فيما يبلغ طول القلعة نفسها 220 متراً.

قلعة الكرك بنيت بعد سيطرة الصليبيين على المدينة في القرن الثاني عشر الميلادي، بهدف السيطرة على الطرق التجارية واستغلال الأراضي الزراعية، واستخدمت أيضاً كنقطة انطلاق للحملات العسكرية في العام 1177 في عهد الحاكم "رونو دو شاتيون".

وبذلك أصبح للقلعة أهمية استراتيجية كبيرة، خاصةً على الطريق الواصل بين مكة المكرمة ومصر باتجاه سوريا، وكان هذا السبب وراء قيام صلاح الدين الأيوبي بمحاصرتها ثلاث مرات الأولى لثلاثة أشهر عام 1183، لكنه لم يتمكن من السيطرة عليها، فعاود محاصرتها عام 1184 ولكن دون أي فائدة، وكانت المحاولة الثالثة والأخيرة هي الناجحة بانتصاره في معركة حطين عام 1187 بعد حصار القلعة سبعة أشهر.

وقد اعتمد الصليبيون في بنائهم القلعة على الحجر الكلسي المستخرج من محاجر المنطقة، ويتميز بأنه كبير الحجم وغير مشذب، أما الحجارة التي استخدمت في عهد الدولة العثمانية تميزت بأحجامها المتوسطة وكونها منطبقة على بعضها البعض نتيجة تشذيبها الجيد وصقلها. ويسهل على الزائر العادي التمييز بينهما.

فيما يقع على امتداد سور القلعة مباني عديدة، وقاعات وغرف لسكن الجنود، بعضها يتألف من عدة طوابق تربطها ممرات مزودة بنوافذ للتهوية والإنارة، أما تصميم القلعة فيشمل فناء مكشوفاً وكنيسة وحماماً ومدرسة ومسجداً، إلى جانب عدة قاعات وشرفات مكشوفة وثكنة للجنود وسراديب وسجن، فيما تتزين القلعة بتصميم زخرفي بسيط ، وزخارف كتابية متفرقة بخط الثلث المملوكي.

6- قلعة روملي حصار




بُنيت بأمر من السلطان محمد الفاتح عام 1452، وذلك قبل فتحه للقسطنطينية، واكتمل بناؤها في حوالي أربعة أشهر فقط، إذ أشرف السلطان بنفسه على البناء، وكانت تعد معجزة معمارية تحدّت التضاريس، ويمثل الهدف من بنائها إحكام الحصار حول القسطنطينية تمهيداً لفتحها.

تقع قلعة "روملي حصار" في الطرف الأوروبي من إسطنبول، وتطل على مضيق البوسفور، ويبلغ ارتفاع أسوارها 82 متراً، وتعد من أهم معالم مدينة إسطنبول التاريخية، وتتميز بأسوارها وأبراجها العالية.

7- قلعة قايتباي – مصر




بناها السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي، بموقع منارة الإسكندرية القديمة التي تهدمت بفعل الزلزال عام 1302، وبدأ بناؤها عام 1477، وكان الهدف منها التصدي للهجمات العثمانية.

شُيدت القلعة على مساحة 17,550 متراً مربعاً، فيما تتكون من أربعة طوابق مربعة الشكل وأهم ما يميزها تلك الأسوار الحجرية التي تلتف حول القلعة بهدف زيادة تحصينها، فالسور الداخلي يشمل ثكنات الجند ومخازن السلاح، أما السور الخارجي للقلعة فيضم في الجهات الأربعة أبراجاً دفاعية ترتفع إلى مستوى السور باستثناء الجدار الشرقي الذي يشتمل على فتحات دفاعية للجنود.

فيما يتخذ البرج الرئيسي في الفناء الداخلي شكل قلعة كبيرة مربعة الشكل، كما يوجد في الطابق الأرضي منه المسجد الذي بُني على نظام المدارس المملوكية، بينما يظهر الرخام الملون جمال الأرضية، ويربط الطابق الأرضي بالثاني سلم حجري، ونشاهد في الطابق الثاني مجموعة من القاعات الكبرى والحجرات الملتفة حول المنور الأوسط المطل على سطح المسجد، وأخيراً إذا ما تجولنا في الطابق الثالث سنجده يتكون من ممرات جانبية ومخازن، وتأخذ جميع أسقف هذا الطابق شكل الأقبية.

أما الأسوار الخارجية فتحيط بالقلعة من الجهات الأربع، ومؤخراً أعيد ترميم الضلع الشرقي للسور المطل على البحر بعد تهدمه، فيما يعد الضلع الغربي أقدم وأضخم أجزاء السور وتتخلل مبانيه كتل الخشب، فيما يطل الضلع الجنوبي على الميناء الشرقي ويضم ثلاثة أبراج، أما الضلع الشمالي فيطل على البحر مباشرة، وينقسم إلى عدة حجرات في كل حجرة منها فتحة معدة للمدافع.

وعند تجاوزنا للأسوار الخارجية، سنرى أمامنا الأسوار الداخلية المبنية من الحجر، التي تحيط بالبرج الرئيسي من ثلاث جهات فقط، هي الشرق والغرب والجنوب، ويحول بينها وبين الأسوار الخارجية 34 حجرة كانت تستخدم ثكنات للجنود.

8- قلعة أمبير- الهند




يمكنك أن تستمتع بركوب الفيل الهندي لإيصالك إلى باب هذه القلعة الرائعة، التي تعبر عن روعة الهندسة المعمارية في العصور القديمة للهند، إذ بناها الملك "مان سينج" الأول عام 1592، بالحجر الرملي الأحمر وزُينت جدرانها بالرخام.

تقع القلعة على مسافة 11 كم من مدينة "جايبور" الهندية، وسط الطبيعة والأشجار والصخور، ولها بوابة رئيسية تسمى بوابة الشمس لكونها مواجهة لشروق الشمس.

وتتكون القلعة من أربعة أقسام لكل قسم بوابته الخاصة، أحدها خاص بالحراس وأماكن إقامتهم، وآخر خاص بالعائلة الملكية والديوان الملكي، والثالث خاص بالفنون المعمارية والنقوش والزخرفة على الزجاج والمرايا، وأخيراً القسم الرابع الذي يشمل بناء تاريخياً قديماً، ولذلك هي من أجمل القلاع التي لها طابع أسطوري مميز.

في هذه القلعة، يمكن الاستمتاع بزيارة قاعة مقابلة الجمهور والمفتوحة من ثلاث جهات، حيث كان الملك يجلس ويستمع إلى استفسارات الشعب، فيما تشتهر بأعمال الفسيفساء الزجاجية، بالإضافة إلى قاعة المعبد المصنوع من خشب الصندل والعاج، بها قناة تحمل الماء البارد إلى الداخل من أجل تلطيف الهواء، وكان الملوك يستخدمون هذه القاعة أحياناً للاسترخاء.

ومن الأماكن الجاذبة للزوار أيضاً القصر الزجاجي والذي ظهر في العديد من الأفلام الهندية، ونُحتت جدرانه وسقوفه على شكل زهور ولوحات فنية رائعة مصنوعة من الزجاج.

ولهذا القصر قصة خاصة فقد كانت زوجة ملك القلعة تحب أن تنام فيه، إذ أشارت الروايات القديمة إلى أن الأعراف كانت لا تسمح للنساء بالنوم في الهواء الطلق، مما دعا الملك لاستدعاء أفضل المهندسين المعماريين لحل هذه المشكلة، فبنوا هذا القصر الذي إذا ما أُضيئت به الشموع تظهر الآلاف من النجوم المتلألئة في السقف، مما يعطي منظراً محاكياً للنوم في العراء.

علامات:
تحميل المزيد