الغجر أصولهم غير مصرية والعثمانيون احتضنوا اليهود المطرودين من إسبانيا.. أقدم قصص اللجوء في التاريخ

لا يعتبر اللجوء والهجرة الجماعية لشعبٍ ما شيئاً حديثاً، فقد شاهدنا عبر التاريخ عشرات الأمثلة لأسباب مختلفة، بعضها سياسية أو دينية، أو بسبب الأمراض، أو لحدوث تغيُّرات في طبيعة الأرض التي يعيش عليها السكان.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/01 الساعة 09:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/01 الساعة 09:14 بتوقيت غرينتش

لا يعتبر اللجوء والهجرة الجماعية لشعبٍ ما شيئاً حديثاً، فقد شاهدنا عبر التاريخ عشرات الأمثلة لأسباب مختلفة، بعضها سياسية أو دينية، أو بسبب الأمراض، أو لحدوث تغيُّرات في طبيعة الأرض التي يعيش عليها السكان.

وفي هذا التقرير سنتحدث عن حالات لجوء حدثت قديماً، مستعرضين معاً قصصها وأسبابها.

1- اليهود الإسبان يلجأون إلى الإمبراطورية العثمانية


أصدر الملك فريناند والملكة إيزابيلا، ملكا إسبانيا، في عام 1492، مرسوماً يُدعى المرسوم الأحمر، الذي بموجبه طُرد كل اليهود الإسبان من البلاد، وبدأت محاكم التفتيش، وفي ذات العام رحب السلطان العثماني بايزيد الثاني باللاجئين اليهود في بلاده.

واستقر حوالي 250 ألف يهودي في الإمبراطورية العثمانية، وعاش هؤلاء اليهود "السفارديم" عصرهم الذهبي، خاصة بعدما نقلوا الطباعة للدولة العثمانية، وبدأوا في استثمار أموالهم في البلاد، وعرض عليهم السلطان مدينة طبريا الواقعة شمالي فلسطين ليستقروا بها، وبالفعل قبل اللاجئون اليهود أن يعيشوا في هذه المدينة، ورُممت منازلها ونُظفت، وفي حوالي منتصف القرن السادس عشر أصبح كل سكان المدينة من اليهود.

2- حجاج "بليموث" من الأرثودكس


تعد من أشهر حالات الهجرة، واللجوء الديني في التاريخ، إذ كان هؤلاء الحجاج هم الرواد المهاجرين من الانفصاليين الذين انفصلوا عن الكنيسة الإنكليزية، وبالتالي ألقت الحكومة الإنكليزية القبض على بعضهم وقدمتهم للمحاكم، وأعدم بعضهم، لتقرر مجموعة منهم الرحيل والهجرة إلى هولندا عام 1608، وظلوا بها لسنوات قليلة، ولكنهم شعروا بعدم الرضا التام هناك، وقرروا أن يبحثوا عن وطن في القارة الجديدة المكتشفة حديثاً.

وباستخدام مساعدات مالية حصلوا عليها من إنكلترا، أبحرت بهم سفينة صغيرة من هولندا عام 1920، ورست في البداية في إنكلترا لينضم إليهم انفصاليون آخرون، وتوزع المهاجرون على سفينتين، الأولى تُدعى "سبيدول" والثانية "مايفلاور"، وأبحرتا من ميناء "بليموث" البريطاني، في سبتمبر/أيلول 1920.

ووصلت السفن شواطئ أميركا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1920، واجتمع 41 رجلاً كانوا على ظهر السفينتين، ونظموا حكومة لهم في بلدهم الجديدة، واختاروا رجلاً يُدعى كارفر، ليكون حاكم هذه المجموعة.

وانتهى المطاف بهم بعد ذلك في ولاية بليموث الأميركية، وجذبهم إليها وجود نهر صغير عذب المياه، ليقرروا أن تكون هذه المدينة وطنهم الجديد، وكان عامهم الأول صعباً للغاية؛ لقلة الطعام، والعمل الشاق، والطقس المتغير، وتسبب ذلك في موت نصفهم نتيجة تفشي الأمراض بينهم.

3- القوط والجرمان هرباً من قوات الهون


واجهت الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع الميلادي أزمة لجوء كبيرة، إذ غزت قوات الهون البلاد من الجهة الشرقية، واجتاحت القبائل الجرمانية والقوطية الذين فروا باتجاه الإمبراطورية، وخلال سنوات قليلة احتل 200 ألف قوطي ضفاف نهر الدانوب شمالي روما، يتوسلون للحصول على ملجأ، وقبلهم الإمبراطور الروماني الشهير فالنس القوط في إقليمه؛ ليساعدوه على قتال الفرنسيين.

وبعدما قبلت الإمبراطورية الرومانية الغربية القوط على أرضها، جعلتهم يقيمون في خيام، أصبحت فيما بعد فخاخا للموت؛ لقلة الطعام والعوامل الجوية السيئة، ولم يجد اللاجئون وسيلة للمعيشة سوى ببيع أطفالهم.

وثار القوط لاحقاً على هذا الوضع، بينما قرر الجيرمان من البداية الانضمام للغزاة من الهون، ودارت عام 378 ميلادياً معركة بين جيش الإمبراطورية والقوط وقُتل أغلب الجيش الروماني في هذه المعركة، وفي عام 410م دخل القوط روما نفسها.

4- هجرة البروتستانت الفرنسيين


ألغى الملك لويس الرابع عشر في عام 1685م مرسوم نانت، الذي كان يحمي الحرية الدينية في فرنسا، وأعطى البروتستانت أسبوعين مهلة يتحولوا بعدها إلى الكاثوليكية أو يغادروا البلاد، وهاجرت مجموعات من "الهوغونوت" أو المسيحيين الكلفانيين البروتستانت من فرنسا لهولندا والسويد، وأيرلندا، وإنكلترا، وروسيا.

وطبقًا لدراسات حديثة فإن واحداً من كل ستة إنكليز يحمل أصولا فرنسية بروتستانتية، وفي بدايات القرن الثامن عشر كان 5% من سكان لندن من الهوغونوت، إذ مثلت إنكلترا الملجأ لـ650 ألف لاجئ فرنسي.

وكان لهؤلاء اللاجئين دور مؤثر في تنشيط الاقتصاد البريطاني، بعدما أدخلوا على المجتمع العديد من الأشياء الجديدة مثل الطباعة، وصناعة الساعات والصناعات المعدنية، واخترع الفرنسي المهاجر دينيس بابين طنجرة الضغط التي كانت البداية الحقيقية لمحركات البخار.

5- الغجر والهجرة من الهند لأوروبا


أتت كلمة "Gypsy"، أي غجري، من فكرة خاطئة حول أن الغجر ترجع أصولهم لمصر، ولكن الأبحاث والتحليلات رجحت أن أصولهم ترجع لشمال غربي الهند، وبدأوا عام 1300 ميلادياً في هجرة هائلة للغرب، واعتبروا غرباء في البلاد التي عاشوا بها، إذ أُطلقت عليهم ألقاب مثل الغرباء، والذين لا يجب لمسهم Astingani، وارتبطت هذه السمعة بهم في كل بلاد أوروبا التي عاشوا بها.

ويعتقد اللغوي الإيطالي إيان هانكوك، أن أسلافه غادروا الهند في القرن الحادي عشر بعد غزو محمد الغزاني، إذ حشد الحكام الهندوس جيوشهم لمواجهته، وبعد هزيمتهم بدأت حملات الهجرة لأوروبا.

وحُصر الغجر لسنوات في أعمال بسيطة، مثل الحدادة وعزف الموسيقى، وفي عام 1308 ميلادياً هزم العثمانيون الغزاني وقواته، لذلك انضم لهم الكثير من الغجر بعدما تغيرت هويتهم ولغتهم كثيراً، وانتشروا مع العثمانيين على طول أوروبا وعرضها.