اتفاق أُلغي بعد 24 ساعة.. وآخر مستمر منذ 46 عاماً.. تعرَّف على محاولات الدول العربية للاتحاد

حاولت العديد من الدول العربية الاتحاد لتكوين دولة واحدة، ورغم كثرة المحاولات للاتحاد والاندماج، إلا أن الكثير منها باء بالفشل، إذ لم يستمر بعضها لأكثر من 24 ساعة، بيد أن هناك محاولات نجحت ومازالت مستمرة تحقق أهدافها التي أنشئت من أجلها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/22 الساعة 07:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/22 الساعة 07:23 بتوقيت غرينتش

حاولت العديد من الدول العربية الاتحاد لتكوين دولة واحدة، ورغم كثرة المحاولات للاتحاد والاندماج، إلا أن الكثير منها باء بالفشل، إذ لم يستمر بعضها لأكثر من 24 ساعة، بيد أن هناك محاولات نجحت ومازالت مستمرة تحقق أهدافها التي أنشئت من أجلها.

وهنا، إليك بعض المحاولات العربية للاندماج وتكوين دولة واحدة:

الجمهورية العربية المتحدة


تحل الذكرى التاسعة والخمسون على الإعلان عن إنشاء الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا ومصر والتي استمرت نحو ثلاث سنوات فقط.

إذ جاء الإعلان في 22 فبراير/ِشباط 1958، بعد مفاوضات بين الرئيسين المصري جمال عبد الناصر والسوري شكري القوتلي (أول رئيس لسوريا بعد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي).



وقد بدأت فكرة الوحدة العربية التي كانت حلماً من أحلام جمال عبد الناصر بعدما وصل وفد سوري إلى القاهرة برئاسة وزير الخارجية السوري صلاح الدين البيطار لعرض مشروع الاتحاد على عبد الناصر الذي وافق على المشروع؛ ليعقبه زيارة الرئيس السوري إلى القاهرة في 31 يناير/كانون الثاني 1958.

وفي 5 فبراير/ِشباط من العام ذاته وافق مجلسا النواب السوري والمصري (الأمة المصرية) بإجماع أعضائهما على إعلان الوحدة بين البلدين، وبعد إجراء الاستفتاء أُعلنت الوحدة بين سوريا ومصر في 22 فبراير/ِشباط تحت مسمى "الجمهورية العربية المتحدة".

وتم اختيار جمال عبد الناصر كرئيس "للجمهورية العربية المتحدة"، وكذلك الموافقة على الدستور المؤقت على أن يكون نظامها رئاسياً ديمقراطياً، فيما تم توحيد البرلمانين السوري والمصري، وأصبح للجمهورية العربية المتحدة إقليمان هما مصر وسوريا، بينما أصبحت القاهرة عاصمتها.

وأعلن عبد الناصر فيما بعد السياسة الخارجية الخاصة بالجمهورية العربية المتحدة بأن يكون موقفها محايداً في الشؤون الدولية، وحسّن عبد الناصر علاقة دولته مع الغرب، في حين اتهم الاتحاد السوفيتي بالتدخل في شؤون الجمهورية العربية.

الاتحاد بين كل من سوريا ومصر استمر لأكثر من 3 سنوات، وذلك قبل أن يقوم عدد من الضباط السوريين على رأسهم مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر في دمشق، المقدم "عبد الكريم النحلاوي" في 28 سبتمبر/أيلول 1961 بمحاولات للانفصال عن مصر.

فيما جرى ترحيل الضباط والوزراء المصريين إلى القاهرة، وأُعلنت سوريا دولة مستقلة تحت اسم "الجمهورية العربية السورية"، بينما حملت مصر اسم الجمهورية العربية المتحدة لنحو عشر سنوات حتى عام 1971 ليصبح اسمها "جمهورية مصر العربية" وحتى الآن.

فيما أرجع بعض المؤرخين أسباب ذلك الانقلاب إلى أسباب عديدة، بعضها اقتصادي نتيجة إجراءات عبدالناصر في تأميم البنوك والشركات الخاصة، والنزوح الكبير في العمالة المصرية إلى مدن الإقليم الشمالي، ما سبب اختلال توازن قوى العمل، مع عدم الترابط الإقليمي بين الدولتين.

وأخرى ارتبطت بالتعددية السياسية في سوريا، التي قالت أن القيادة العسكرية المصرية أخذت في تسريح بعض أفضل الضباط السوريين من الجيش، وعزل بعض القوى السورية السياسية من مناصبهم، بينما أرجع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الأسباب إلى رغبة عبدالناصر في تطبيق نظام الحكم المصري بسوريا، حيث كانت تعيش تجربة ديمقراطية وقتها.

فيما حاول عبدالناصر القضاء على الانفصال وإعادة الاتحاد عبر خطط لانقلابات وتدخلات عسكرية إلا أن جميعها لم تنجح.

الاتحاد الفدرالي مع اليمن



بعد أيام قليلة من إعلان الجمهورية العربية المتحدة، تم إنشاء اتحاد فدرالي بين المملكة المتوكلية اليمنية والجمهورية العربية، بعد توقيع عبد الناصر عقد مع الأمير سيف الإسلام البدر، وقد سُمي بـ"الولايات العربية المتحدة" إلا أن اليمن ظلت محتفظة بعلاقتها المستقلة مع الدول الأخرى وبعضويتها في الأمم المتحدة.

واتخذ ذلك الاتحاد من المدينة اليمينة الحديدة مقراً دائماً له، فيما تزامن مع الاتحاد الإعلان عن اتفاقية لاتحاد الدول العربية لكل الدول العربية الراغبة في الاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة، إلا أنه لم يستمر طويلاً فقد تم حله بعد عامين وذلك في ديسمبر/كانون الثاني 1960.

الوحدة الثلاثية


انطلاقاً من المبادئ والتوجهات الاشتراكية لأنظمة البلدان الثلاثة مصر وسوريا والعراق، تم توقيع اتفاقية "الوحدة الثلاثية" في 17 أبريل/نيسان 1963.

إذ بدأت مفاوضات الوحدة بين البلدان العربية الثلاثة بالقاهرة في 6 أبريل/نيسان 1963 بين رئيس الجمهورية العربية جمال عبد الناصر، ولؤي الأتاسي رئيس سوريا (23 مارس/آذار 1963: 27 يوليو/تموز 1963)، والرئيس العراقي أحمد حسن البكر أسفرت عن إنشاء اتحاد بين البلدان الثلاثة.

وقد بدأت المفاوضات عقب الانقلاب العسكري في العراق على عبد ‏الكريم قاسم، وكان هذا الاتحاد أساس لإعادة "الجمهورية العربية المتحدة" وقد حملت الاسم ذاته، وتم على أساس الاتحاد الحر بين كلٍ من مصر وسوريا والعراق، على أن تكون أسماء الأعضاء بالدولة الاتحادية القطر المصري، والقطر السوري، والقطر العراقي"، وتم اختيار القاهرة كعاصمة.

إلا أن الاتحاد لم يدم لأكثر من ثلاثة أشهر، إذ انسحبت مصر من الوحدة الثلاثية وذلك في عام 1963 في ذكرى ثورة 23 يوليو/تموز 1952، بعد خلافات نشبت بين حزب البعث الذي اتهمه عبد الناصر بمحاولة السيطرة على مقاليد الأمور في سوريا، بينما ظل حزب البعث ممسكاً بزمام الأمور في سوريا والعراق رغم تفكك الوحدة بين البلدين.



الإمارات العربية المتحدة



في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971 تم توقيع اتفاق وحدة بين سبع إمارات في شبه الجزيرة العربية، والذي يُعد أقوى اتحاد عربي مستمر حتى الآن، وهي إمارات "عجمان، والشارقة، ودبي، وأبو ظبي، والفجيرة، وأم القبوين"، لتشكل دولة "الإمارات العربية المتحدة "، كما انضمت إمارة "رأس الخيمة" للاتحاد في 10 فبراير/ِشباط 1972 .

وكان حاكم إمارة أبو ظبي زايد بن سلطان آل نهيان، وحاكم إمارة دبي راشد بن سعيد آل مكتوم قاما بدعوة أمراء الإمارات السبعة بالإضافة إلى أميرا قطر والبحرين في فبراير/ِشباط 1968 لبحث فكرة إنشاء دولة موحدة بينهم.

وبعد أن لقي الأمر موافقة جميع الإمارات في البداية انسحبت كل من قطر والبحرين، إلا أن إمارة رأس الخيمة بعدما رفضت الوحدة انضمت مؤخراً إلى الاتحاد بعد إقرار الدستور وإعلان الدولة.

اتفاقية الاتحاد التي تمت بين الإمارات السبع نص دستورها على أن يكون نظام الحكم ملكياً اتحادياً؛ يكون لكل إمارة حاكمها الخاص، كما يوجد مجلس أعلى للإمارات المتحدة من جميع حكام الولايات لكل منهم صوت واحد في المجلس، كما أن لها قيادة واحدة وسياسة خارجية واحدة، وتم اختيار أكبر مدن تلك الإمارات كعاصمة اتحادية وهي مدينة "أبو ظبي"، وتم توزيع الحقائب الوزارية بين تلك الإمارات حسب أهمية كل منهم.

ورغم المحاولة الانقلابية من حاكم إمارة الشارقة السابق صقر بن سلطان القاسمي عام 1973 لكن الحكومة الإماراتية أفشلتها، ومنذ ذلك التاريخ استمر اتحاد الإمارات السبع تحت اسم دولة الإمارات العربية المتحدة.

محاولات القذافي للوحدة


كان للرئيس الليبي السابق معمر القذافي محاولات كثيرة وحثيثة لتكوين الوحدة سواءً على الصعيد العربي أو تعزيزاً لعمقه الأفريقي.

فقد تكللت محاولات القذافي وطموحه لتحويل منظمة الوحدة الأفريقية إلى اتحاد بالنجاح، ففي 9 سبتمبر/أيلول 1999 اجتمع قادة الدول الأفريقية في المدينة الليبية سرت ليعلنوا تحميل منظمة الوحدة الأفريقية وتحويلها إلى "الاتحاد الأفريقي".

وقبل إنشاء الاتحاد الأفريقي، كان للقذافي محاولات عديدة للوحدة بين الدول العربية، بدءاً من عام 1969 لإنشاء اتحاد الجمهوريات العربية تحت اسم ميثاق طرابلس، والذي ضم في بدايته 4 دول (مصر وسوريا وليبيا والسودان) وذلك قبل أن تنسحب السودان بقيادة جعفر النميري.

محاولة الاتحاد بين رؤساء البلدان الثلاثة السوري حافظ الأسد، والمصري محمد أنور السادات، والليبي معمر القذافي نجحت وأبرم اتفاق لكنه لم يُطبق عمليًا بسبب اختلافهم على بنود الاتفاق.


وكان هناك مشروع للوحدة بين مصر وليبيا بحلول عام 1973 إلا أن اندلاع حرب أكتوبر/تشرين الأول بين مصر وإسرائيل، وإسقاط الأخيرة طائرة مدنيين ليبية في سيناء كان له تأثير كبير على إنهاء مشروع الوحدة بين البلدين بعدما طالب القذافي بلهجة شديدة عزل محمد حسني مبارك من منصبه بسبب الإهمال وهو ما رفضه السادات.

بينما لم يدم الاتفاق بين القذافي والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة لإنشاء "الجمهورية العربية الإسلامية" أكثر من 24 ساعة، فالاتفاق الذي تم توقيعه في 12 يناير/كانون الثاني 1974 تم إلغاؤه في اليوم التالي له وأعاد بورقيبة ورقة الاتفاق إلى القذافي، وأعاد الزعيم الليبي هو الآخر وثيقة الاتفاق إلى تونس، بسبب المخاوف التونسية من السيطرة الليبية.

وفي سبتمبر/أيلول 1980 أعلنت طرابلس عن إقامة وحدة اندماجية بين سوريا وليبيا والتي باءت بالفشل هي الأخرى.

اتحاد المغرب العربي


تم الإعلان عن إنشاء اتحاد المغرب العربي منذ 28 عاماً وتحديداً في 17 فبراير/شباط 1989 بالمدينة المغربية مراكش، ضم الاتحاد 5 دول، وهي: "المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا".

ويتكون مجلس الاتحاد المغربي من رؤساء الدول الخمس الأعضاء، وسلطة القرار لإجماع المجلس فقط، كما يتولى رئيس كل دولة رئاسة المجلس بالتناوب.

وقد نصت معاهدة إنشاء الاتحاد، والمستمر حتى الآن، على عدة أهداف منها "توثيق أواصر الأخوة التي تربط الأعضاء وشعوبهم بعضهم ببعض، وتحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم والدفاع عن حقوقها، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، وكذلك العمل تدريجياً على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها".