ارتكاب جريمة ليس فعلاً يسيراً، أو يمكن القيام به دون تفكير طويل يُصاحبه الشعور بالذنب، وتأنيب الضمير، على الأقل هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود مُجرمين يستسهلون فعل ذلك، لا فرادى، بل معاً، ليُكوّنا معاً ثنائيات اشتهرت بالإجرام.
جرائم القتل الثنائية
نستعرض في هذا التقرير أشهر الثنائيات التي احترفت القتل، والتعذيب، والخطف، والأعمال الإجرامية الأخرى.
1- ريتشارد لوب وناثان ليوبولد
كان الاثنان من أبناء الطبقة الغنية بالولايات المتحدة الأمريكية، حتى إنهما درسا بجامعة شيكاغو، واتسما بالذكاء الشديد، وبينما كان "لوب" عمره 18 عاماً، و"ليوبولد" 19 عاماً، تساءل الاثنان عن ماهية شعور قتل شخص آخر، والغريب في الأمر أيضاً أنهما كانا بعلاقة غرامية سوية.
وهو ما دفعهما لتجربة ذلك بالفعل، من خلال قتل ابن عم "لوب"، "بوبي فرانكس"، الذي كان عمره وقتها 14 عاماً، وحدث ذلك تحديداً في 21 مايو/أيار 1924، إذ قاما باختطافه وقتله، تاركين إياه ينزف حتى الموت بالقرب من منزلهما بشيكاغو، وفقاً لما ذكره موقع Umkc المتخصص بنقل أخبار الحقوق والمحاكمات.
وبالرغم من أن ما مِن شيء كان سيثير الشكوك حولهما، فإن "ليوبولد" نسي نظارته عن طريق الخطأ بمسرح الجريمة، ما أدى إلى اتهامهما والقبض عليهما، ليعترفا بارتكاب الجريمة بعد 10 أيام فقط من وقوعها، وبالطبع لم تجر الأمور في صالحهما، فرغم نجاحهما في الهروب من حُكم الإعدام، فإنه صدر عليهما الحكم بالسجن، ليتم بعد ذلك فصلهما عن بعضهما في سجنين مختلفين.
وقُتِلَ "ليوبولد" في السجن بعد فترة على يد زميل له، أما "لوب" فأصبح حُراً طليقاً عام 1958، بعد أن قضى عقوبته، وذهب للعيش في إقليم "بورتريكو" بالولايات المتحدة الأمريكية، وقدم المخرج ألفريد هيتشكوك عملاً سينمائياً عام 1984، بعنوان Rope، مُستنداً إلى قصتهما.
2- بوني باركر وكلايد برو
يُصنف "بوني"، و"كلايد" على أنهما الثُّنائي الإجرامي الأكثر شهرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ ذلك لأنهما قاما في القرن التاسع عشر، وتحديداً في فترة الكساد الكبير التي كانت تمر بها أمريكا، بالسفر إلى جميع أنحاء الولايات المتحدة، وسرقة عشرات البنوك، والمؤسسات المالية، والمتاجر، ومحطات البنزين، مُدججين بالسلاح بصُحبة أفراد عصابتهما الخاصة.
وهو ما لفت الانتباه نحوهما، فصارا حديث المجتمع، ومَحَلّ بحث مُكثف من الشرطة، وبالرغم من كل تلك الجرائم التي ارتكباها فإنه لا يوجد أي سجل، أو إشارة لقيام "بوني" بأي جريمة قتل، في حين أن "كلايد" وباقي العصابة كانوا قد قتلوا الكثير من المدنيين، إلى جانب 9 من رجال الشرطة.
وظلت العصابة هاربة إلى أن أُوقع بها في 23 مايو/أيار عام 1934، عندما نصبت الشرطة الأمريكية كميناً للخارجين عن القانون على بعض الطرق في المناطق الريفية بمقاطعة "بينفيل"، التابعة لولاية "لويزيانا"، لتجري تصفيتهم على الفور.
وقصة كتلك بالطبع لم يتخلّ عنها صناع السينما والدراما بسهولة، إذ أُنتج الكثير من المسلسلات والأفلام المُقتبسة عن مسيرة "بوني" و"كلايد"، أشهرها كان فيلماً أمريكياً أُنتج عام 1967 بعنوان Bonnie and Clyde، بطولة كل من وارن بيتي وفاي دوناي.
3- ريموند فيرنانديز ومارثا بيك
اعتمد الثنائي أسلوباً جديداً ومُلهماً في إيقاع ضحاياهما، إذ كانا يبحثان عن النساء العازبات الوحيدات، والثريات، ليقوما بسرقتهنّ، واعتادا لاستقطاب الضحايا أن يقرآ الإعلانات المبوبة التي تنشرها النساء الباحثات عن الحُب والونس، ليقوم "فيرنانديز" بالتواصل معهن، ومُقابلتهن قبل أن يقوم بسرقتهن.
ومن الغريب أن مارثا وفيرنانديز أنفسهما تقابلا بسبب أحد هذه الإعلانات، ولكن لأن لكل منهما ماضياً أسود سُرعان ما انسجما، وكوّنت مارثا ثنائياً مع فيرنانديز، ليقوما بجرائمهما معاً.
إلا أن الأمر لم يلبث أن تطور عندما اشتعلت الغيرة بقلب مارثا، من علاقات فيرنانديز العاطفية بضحاياه، ليُقررا بعد ذلك القيام بقتل الضحية وليس مجرد الاكتفاء بسرقتها، وهو ما كان السبب في الإيقاع بهما، إذ حُكم عليهما بالإعدام بسبب قيامهما بقتل أرملة وطفلها، وتوقعت المحكمة قيامهما بما يقرب من 20 جريمة قتل أخرى بين عامي 1947 و1949.
ونُفذ على الثنائي حُكم الإعدام على الكرسي الكهربائي في عام 1951، وقد وَجدت السينما في قصتهما مادة دسمة يُمكن تقديمها، واستلهمت الكثير من الأفلام منها أعمالاً فنية معروفة، ومن أشهرها: "Deep "Crimson – Alléluia – Lonely Hearts.
4- كاريل فوجيت وتشارلز ستاركويزر
يعود الفضل إلى كاريل وتشارلز في الإيحاء للمخرج المعروف كوينتين تارانتينو بقصة فيلم Natural Born Killers، ليستعرض فيه قصتهما من فرط غرابتها، فـ"تشارلز" فتى وُلِد ببعض التشوهات بقدميه، وهو ما يُعتَقد أنه جعله يشعر بعدم أهمية الحياة، ويصبح لا يهاب تجربة الموت، وعلى ذلك وجد ملاذه في رفقة "كاريل"، ولكن يبدو أنه لم يكن ملاذاً آمناً.
إذ اعتادا أن يقوما معاً بارتكاب الكثير من جرائم القتل في أواخر الخمسينات، رغم صغر سنهما، فقتلا العديد من المراهقين، بالإضافة للكثيرين من أفراد عائلة "كاريل"، ببلدتهما "لينكولن"، التابعة لولاية "نبراسكا" الأمريكية، كما قتلا كذلك 11 شخصاً آخرين بأنحاء البلاد المتفرقة، ولكن في النهاية قُبض عليهما، وحُكم على "تشارلز" بالإعدام، بينما مُنحت "كاريل" حُكماً بالسجن مدى الحياة.
5- كارلا هوملك وبول برناردو
تقابل هذا الثُّنائي الكندي عام 1987، وكان عمر "بول" حينها 27 عاماً، ولم تتجاوز "كارلا" الـ17، وبعد 4 سنوات ارتكبا أول جريمة وحشية لهما، عندما اغتصبا وقتلا شقيقة "كارلا"، التي قدّمتها كقربان لحبيبها، ليرتكبا بعدها جريمة أخرى قبل زواجهما بأسبوعين في 1991، بتعذيب واغتصاب ثم قتل فتاة في الرابعة عشرة من عمرها.
واستمرا بعدها في قتل واغتصاب الكثيرات، قبل أن تُلقي الشرطة أخيراً القبض عليهما، فيُحكم على "بول" بالسجن مدى الحياة، بينما نالت "كارلا" حُكماً مُخففاً بقضاء 12 عاماً بالسجن؛ لاعترافها على "بول".
أما عما حدث لهما بعد ذلك، فقد ألّف "بول" كتاباً في السجن بعنوان A Mad World Order، في حين أن كارلا أصبحت الآن امرأة حرة، وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال.
وقُدم فيلم عنها في عام 2006 بعنوان Karla، ويحكي قصة هذا الثنائي المُصاب بالهوس الجنسي، وحُب الإجرام.
6- إيريك هاريس وديلان كليبولد
عاش "إيريك" و"هاريس" حياتهما كثنائي مراهق مُضطرب عقلياً ونفسياً، وهما المسؤولان عن مجزرة مدرسة "كولومباين العليا"، الموجودة بـ"كولومباين"، وهي منطقة غير مدمجة في مقاطعة "جيفيرسون" بالولايات المتحدة الأمريكية، التي حدثت في 20 أبريل/نيسان 1999، وأطلق فيها الثنائي النار على الجميع، وهو ما نتج عنه مقتل 13 شخصاً، بالإضافة لإصابة 24 آخرين، قبل أن يُطلقا النار على أنفسهما.
علماً أن الطالبين كانا يسعيان في الأساس لتنفيذ هجوم إرهابي مُستخدمين بعض القنابل يدوية الصُّنع، التي من شأنها أن تقتل كل من بالمدرسة، إلا أن فكرة القنابل لم تُفلح، ما جعلهما يُقرران إطلاق النار على الجميع، وتُعَد هذه المذبحة رابع أكثر مذابح المؤسسات التعليمية دموية في تاريخ الولايات المتحدة.
وبالبحث بعد سنوات من الحادث، اكتشف أن "إيريك"، و"هاريس" لم يكونا يتعرضان للمضايقات ممن حولهما، على العكس هما من كانا يُضايقان الآخرين، إلا أنهما كانا أيضاً يُعانيان من مشكلات نفسية جسيمة، من ضمنها الاكتئاب، وجنون الاضطهاد والميول الانتحارية.