تاريخ التحقيق الصحفي العربي

وحسب البحث والتدقيق، وجدت أن أول ظهور للتحقيق الصحفي كان في مصر من خلال الجرائد التي أصدرها نابليون والتي كانت تصدر باللغة الفرنسية، والتي وحسب التاريخ كان فيها أول ملامح التحقيق. واهتمت صحيفة الوقائع المصرية، بعد تولي رفاعة الطهطاوي رئاستها، بالتحقيق الصحفي ليقال إن الطهطاوي عرف التحقيق الصحفي أثناء تواجده في فرنسا فاعتنى بنقله إلى صحيفته.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/26 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/26 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش

قبل التعمُّق كثيراً في تاريخ تطور التحقيق الصحفي في عدد من الدول العربية على مدار القرون، وصولاً إلى عصرنا هذا، أعتقد أنه علينا أن نعرف أولاً ونتيقّن من ماهية التحقيق وما معنى كلمة التحقيق الصحفي.

كلمة تحقيق عُرفت في معاجم اللغة العربية على أنها اشتقت من كلمة حق، وحقّ أي بمعنى صح وثبت وصدق وتيقن، ومن هذه الكلمات جاءت كلمة حقيقة التي تدل على الصدق وثبوت الأدلة والبراهين.

وعن التعريف الاصطلاحي للكلمة، فلها معانٍ عديدة وتعريفات كثيرة، ولم يتم تحديد معنى التحقيق الصحفي اصطلاحاً، فكل من عمل في التحقيق الصحفي أو قرأ عنه سيجد أنه كون لنفسه تعريفاً شبيهاً لتعريفات الآخرين، ولكن بأسلوبه الخاص، وبطريقته الخاصة في تحليل الأمور.

فمثلاً يرى كرم شلبي، مؤلف كتب الخبر الصحفي، الإنتاج التلفزيوني، والمذيع وفن تقديم البرامج، أن التحقيق الصحفي هو أحد الفنون الصحفية التي تقوم على أساس تناول قضية بنوع من الشرح والتفصيل، وأما محمود أدهم من كتب (جريدة الأهرام والتحقيق الصحفي) فيرى أن التحقيق الصحفي عبارة عن تغطية مصورة تضيف مزيداً إلى خبر جديد أو تتناول موضوعاً قديماً أو مشكلة مهمة، وتكون أكثر من مجرد قصة أو تقرير عنه، ويرى فاروق أبو زيد، عميد كلية الإعلام الراحل في مصر، أن التحقيق الصحفي يقوم على خبر أو فكرة أو مشكلة يلتقطها الصحفي من المجتمع الذي يعيش فيه، ثم يقوم بجمع مادة الموضوع بما يتضمنه من بيانات أو معلومات أو آراء تتعلق بالموضوع، ثم يزاوج بينها للوصول إلى الحل الذي يراه صالحاً لعلاج المشكلة أو القضية.

مما تم ذكره، فإن التحقيق الصحفي متنوع التعاريف والمعاني، ولكنه يقوم أساساً على عرض مشكلة أو قضية ثم جمع الأدلة والبراهين لإيجاد حل مناسب أو إيجاد حقيقة هذه القضية، هذا ما أعتقده.

وبالعودة إلى تاريخ العصر القديم نجد أن التحقيق الصحفي بدأ في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بسبب التطور الكبير الذي شهدته المنطقة العربية من ناحية فنون الاتصال الهاتفي والبرقي، ومما ساعد أيضاً على إيجاد هذا الفن هو النهضة التعليمية التي شهدتها معظم البلدان آنذاك، وحب الناس الذي دفعهم للبحث وإيجاد الحقيقة، وتكوين صورة واضحة في أذهانهم مبنية على أساس معطيات وافتراضات مدعومة بالأدلة والبراهين.

وحسب البحث والتدقيق، وجدت أن أول ظهور للتحقيق الصحفي كان في مصر من خلال الجرائد التي أصدرها نابليون والتي كانت تصدر باللغة الفرنسية، والتي وحسب التاريخ كان فيها أول ملامح التحقيق. واهتمت صحيفة الوقائع المصرية، بعد تولي رفاعة الطهطاوي رئاستها، بالتحقيق الصحفي ليقال إن الطهطاوي عرف التحقيق الصحفي أثناء تواجده في فرنسا فاعتنى بنقله إلى صحيفته.

وبعيداً عن مصر، فإن أغلب الدول العربية كدول الشام لم تعتنِ وتتطرق للتحقيق الصحفي؛ بل ركزت على الأخبار المحلية والثورات العربية آنذاك في المنطقة العربية. أما عن دول الخليج العربي فبدأ التركيز على التحقيق الصحفي ونشر مقالات عنه في الصحف الخليجية في السبعينات.

غالبا لم يتخذ التحقيق الصحفي شكلاً معيناً في الزمان القديم، ولكنه أخذ شكلاً أدبياً متعارفاً عليه لكثرة الأدباء آنذاك، ومع تطور الزمن والوسائل والإمكانيات البشرية والموارد أخذ التحقيق الصحفي شكله المتعارف عليه الآن، وأصبح من السهل التمييز بينه وبين الأنواع الأدبية الكتابية والمقالات، وخلال هذا التطور، شهدت المنطقة العربية ثورات وأحداثاً دفعت الناس إلى التفكير ملياً لإيجاد حل لكيف حصل هذا ومن فعل ذاك؟ وهكذا كبر التحقيق الصحفي، وأصبح لا غنى عنه ومادة يجب على طلاب الصحافة والإعلام الأخذ بها، والتعرّف عليها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد