وسط هضاب مدينة خمين الواقعة وسط إيران، اكتشف عالم آثار إيراني بقايا لرسوم صخرية ومطبوعات تعود لآلاف السنين. وأثار هذا الاكتشاف فضول علماء الآثار الذين لا يملكون الوسائل الكافية لمواصلة عملية البحث.
ويُرجّح أن تكون الرسوم هي الأقدم في العالم، وقد طلب عالم الآثار محمد ناصيرفرد من حكومته توفير الإمكانات اللازمة ليواصل البحث عن الحفريات غرب البلاد أيضاً.
وكان ناصيرفرد قد صعد إحدى الهضاب المطلة على منظر صحراوي خلاب وسط مدينة خمين، ليكتشف صورة وعْل بقرون طويلة مرسومة على صخرة. ويعود عمر هذه الصورة، وفقاً لإيريك ربندولف، وهو صحفي في الوكالة الفرنسية للصحافة، إلى 4 آلاف سنة.
وقد واصل العالم بحثه في هذا المجال ليكتشف عشرات الرسوم الأخرى والنقوش لصيادين وحيوانات ورقصات قبلية ورسوم أخرى شعائرية.
واكتشف باحثون من هولندا، خلال سنة 2008، في المدينة الإيرانية نفسها بعض المطبوعات التي تعود -حسب رأيهم- لـ4 ألف سنة وقد أدرجوها في خانة أقدم الحفريات على كوكب الأرض. ولهذا السبب، لا يمكن تحديد عمر المطبوعات والنقوش التي اكتشفها ناصيرفرد دون العودة إلى التكنولوجيا الحديثة.
وتمنى ناصيرفرد أن تتحسن الوضعية في إيران، وأن يمتلك علماء الآثار بها، في القريب العاجل، وسائل متطورة تساعدهم على اكتشاف معلومات أكثر علمية عن هذه المطبوعات.
ويشار إلى أن العقوبات الدولية التي فُرضت على إيران، رداً على برنامجها النووي، قد حرمت العلماء الإيرانيين من التواصل مع زملائهم الأجانب وعطلت اقتناءهم معدات علمية متطورة تساعدهم في البحث والاستكشاف.
ورغم تواضع معداته، اكتشف العالم ناصيرفرد على مر السنين، نحو 50 ألفاً من الصور والرسوم والحفريات بعد أن قطع قرابة 700 ألف كم داخل البلاد، مع العلم أن الفن الصخري لم يكن يحتل أهمية كبرى في تاريخ ما قبل انتشار الإسلام في إيران.
وتمت فهرسة وتسجيل هذا الاكتشاف من قِبل مؤسسة "براد شاو" السويسرية المختصة في الفن الصخري؛ بهدف جلب انتباه باقي العلماء المختصين في هذا المجال.
وفي السياق نفسه، يمكن أن يدفع هذا الاكتشاف علماء الآثار إلى التنقيب والبحث عن الحفريات الصخرية لأول مرة خارج القارة الإفريقية. ويعتقد هؤلاء الباحثون أن النقوش والرسوم التي وقع اكتشافها سابقاً في كل من القارة السمراء والولايات المتحدة (تحديداً في ولاية كاليفورنيا) وإسبانيا تعتبر متشابهة فيما بينها، مما يؤكد انتشار تقاليد هذا الفن في كل بقاع الأرض سابقاً.
وقال الباحث جونيفياف فون بتزنغر إن "إيران يمكن أن تكون إحدى أهم المناطق المليئة بالألغاز؛ نظراً لموقعها الاستراتيجي ولشساعة مساحتها؛ أي يمكن للباحث أن يفقد وزنه وهو يطارد هذه الحفريات بين شرق وغرب البلاد".
وتعتبر هضاب مدينة خمين الإيرانية نموذجاً لباقي المناطق الغنية ببقايا الفن الصخري في العالم.
ويعود ذلك إلى أن الإنسان القديم كان يفضل العيش بالقرب من الأنهار والوديان، أما في إيران فقد فضل البشر العيش والصيد داخل الصحراء وبين الهضاب، والدليل على ذلك أن المطبوعات الصخرية التي اكتشفها ناصيرفرد تعود لحيوان الوعل أو الظبي الذي يعيش في الأوساط القاسية.
ولقد اكتشف سابقاً في جنوب إفريقيا رسوم وصور صخرية لخرفان بقرون ضخمة تشبه إلى حد ما تلك الموجودة في إيران، مما أثار فضول الباحث في مؤسسة "براد شاو" السويسرية المختصة في الفن الصخري، بيتر روبنسون، الذي قال: " لاحظنا وجود الإلهام نفسه في التصوير (وهي الحيوانات البرية) ضمن منطقتين ودولتين مختلفتين كلياً".
وأكثر ما شدّ انتباه الباحث روبنسون، هو مدى قوة رغبة الإنسان القديم في ترك بصمته من خلال الرسوم الصخرية.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Le Figaro الفرنسية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.