قصص صراع الآلهة والتاسوع المقدس و”أم الشعور”.. كيف خلد التاريخ أشهر الأساطير الفرعونية؟

لكل حضارة أساطيرها، عن كيفية نشأة الكون، وحول الآلهة، وعن خلق البشر، أساطير شكلت وجدان كل من عاشوا في ظل هذه الحضارة. وكما يدل اسمها عليه، فإن الأساطير قصص غير منطقية أو واقعية، لكن من آمنوا بها لم يهتموا بالمنطق وراءها، بل انصب كل اهتمامهم على الحكمة والعبرة التي يكتسبونها منها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/08 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/08 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش

لكل حضارة أساطيرها، عن كيفية نشأة الكون، وحول الآلهة، وعن خلق البشر، أساطير شكلت وجدان كل من عاشوا في ظل هذه الحضارة.

وكما يدل اسمها عليه، فإن الأساطير قصص غير منطقية أو واقعية، لكن من آمنوا بها لم يهتموا بالمنطق وراءها، بل انصب كل اهتمامهم على الحكمة والعبرة التي يكتسبونها منها.

وتُعدّ الحضارة الفرعونية واحدة من أثرى الحضارات بالأساطير على مر التاريخ، وصلت إلينا عبر النقوش والرسوم التي تمتلئ بها جدران المعابد وقبور الملوك ولفائف البردي القديمة، وتناقلت الأجيال المختلفة في مصر هذه الأساطير عبر القرون، كما أن هناك الكثير من المصطلحات التي يستخدمها المصريون في لغتهم العامية، مُستمده من الأساطير الفرعونية القديمة.

ويمتلئ التراث الفرعوني بالعديد من الأساطير الرائعة في تفاصيلها، ولكن هناك أساطير بعينها كانت استثناء لاهميتها لدى الفراعنة، مقارنةً بغيرها، إلى جانب نهايتها المحلمية، والعبرة الأخلاقية وراءها.. وإليكم بعض هذه الأساطير:

إيزيس وأوزوريس



إنها الملحمة التي كان لأغلب آلهة المصريين القدماء دور فيها، وعرفت الوفاء والانتقام والعدل والحب والصراع الأزلي بين الخير والشر.. إنها ملحمة إيزيس وأوزوريس.

بعد زواج إله الأرض جب بإلهة السماء نوت، أنجبا 4 أبناء، وهم: أوزوريس، وست، وإيزيس، ونفتيس.. ارتبطت إيزيس وأوزوريس، بينما كانت نفتيس من نصيب ست.

حكم أوزوريس مصر، وعُرف عنه العدل والحكمة، بينما عُعرف أخوه ست بالشر والظلم. وتقول الأسطورة إن ست حسد أخاه أوزوريس؛ حيث كان يطمع في حكم مصر بدلاً من أخيه، فقرر التآمر عليه وقتله.

وفي رواية أخرى للأسطورة، يقال إن ست قرر التخلص من أوزوريس لأنه أقام علاقة مع زوجته نفتيس، إلا أن الرواية الأشهر والأكثر انتشاراً هي غدر ست بأخيه أوزوريس؛ طمعاً في عرش مصر.
أعد ست خطة محكمة للتخلص من أخيه، فجهّز لوليمة عشاء كبيرة، ودعا إليها كل المشتركين معه في المؤامرة، بالإضافة لأوزوريس.

جهز ست تابوتاً، واقترح أن يقوم كل فرد في الحضور بالاستلقاء داخله، فمن يجده مناسباً يكون من حقه أخذه، وقد كان قبلها أعد تابوتاً ليناسب مقياس أوزوريس الذي بمجرد أن استلقى داخله حتى أسرع ست وباقي شركائه في المؤامرة لإغلاقه بإحكام قبل أن يلقوا به في النيل.

عندما علمت إيزيس بالأمر، بحثت كثيراً عن أوزوريس في شتى بقاع الأرض، حتى وجدت جثته في منطقة الجبيل بلبنان، فأعادتها إلى مصر، إلا أن ست أعاد سرقة الجثة مرة أُخرى، وقطعها إلى 42 قطعة، هي عدد أقاليم مصر وقتها، ووضع كل قطعة من جسده في إقليم، فقامت إيزيس بتجميع الأشلاء مرة أُخرى، ثم عادت الروح في الجسد، بعد أن طلبت إيزيس مساعدة الآلهة.

وكانت عودة أوزوريس للحياة مُؤقتة، لمعاشرة زوجته وإنجاب حورس، قبل أن يعود مرة أُخرى للموت، لكنه نُصَّب قاضي محكمة الموتى، كما تُصوّره النقوش الفرعونية.

حورس وصراعه مع ست


لا تكتمل ملحمة إيزيس وأوزوريس بدون ذكر أسطورة الصراع الملحمي، بين حورس وعمه ست.

قامت إيزيس بإخفاء حورس في الدلتا، خوفاً من بطش ست إذا علم بأمره. وفي طفولته، يُلدغ حورس من ثعبان، وكان المصريون يعتقدون أن الثعابين من أعوان الإله ست باعتباره رمزاً للشر والظلام، ولكن إيزيس استخدمت السحر لعلاج ابنها.

يكبر حورس، وتكبر معه الرغبة في الانتقام لأبيه من ست، ويدخل معه في صراع دامٍ استمر لأكثر من 80 عاماً سعى خلالها حورس لاستعادة عرش أبيه الذي اغتصبه عمه بغير وجه حق.

وفي سبيل ذلك، استخدم حورس كل الوسائل الممكنة للتخلص من ست، وتدخلت كافة الآلهه في الصراع، إما لمحاباة ونصرة طرف على حساب الآخر، أو لفض النزاع.

وفي قمة اشتعال الصراع بين حورس وست، يقوم حورس بسرقة خصيتي ست، فيقوم ست بالاعتداء على حورس، ما أدى لإتلاف عينه اليسرى.

وعلى اعتبار أنّ حورس هو حارس السماء، وعيناه تمثلان الشمس (العين اليمنى)، والقمر (العين اليسرى)، فإن فقدانه لعينه اليسرى مثّل كارثة، كما أن فقدان ست لخصيتيه يعني فقدان فحولته.

هناك روايتان لنهاية الصراع الدامي بين الاثنين، الأولى تصف انتصار حورس الساحق على ست، ونجاحه في استعادة ملك أبيه وقتل عمه. أمّا الرواية الثانية، فتقول إن الصراع انتهى بما يشبه معاهدة سلام بين الاثنين بفضل تدخل الآلهة، فقسم حكم مصر بينهما، بحيث حكم حورس الشمال، وست الجنوب، كما استعاد الأول عينه، والثاني خصيتيه.

أسطورة خلق الكون


تعددت الأساطير المتعلقة بخلق الكون لدى المصريين القدماء، ومن أشهرها تلك التي تقول إنه قبل الخليقة لم يكن هناك سوى "نون"، والنون مقصود به الخواء أو الفراغ المطلق، ولم يكن هناك سوى بيضة ذهبية في هذا الفراغ المطلق.

عندما انفجرت هذه البيضة، خرج الإله أتوم إلى الوجود، وهو الذي كان يعتبر كبير آلهة عند قدماء المصريين. وعندما عطس أتوم خرج الإله تشو الذي يعتبر إله الهواء، ومن رزاز العطس، خرجت تفنوت إلهة الندى.

وقسّم الفراعنة الآلهة إلى 4 أجيال، الأول هو الإله أتوم أو رع، والجيل الثاني ضم تشو وتفنوت، والجيل الثالث ضم جب إله الأرض، ونوت إلهة السماء، وكلاهما ظهرا نتاج تزاوج تشو وتفنوت.

وتزوج جب من نوت، فأنجبا أربعة آلهة، يمثلون الجيل الرابع من الآلهة، وهم إيزيس وأوزوريس ونفتيس وست.

وبعد إنجاب الأبناء الأربعة، تدخل الإله تشو، وفصل بين جب إله الأرض، ونوت إلهة السماء. بعد ذلك تكوّن ما يُسمّى بالتاسوع الإلهي، أو مجمع الآلهة التسعة في الـ4 أجيال. وكان أتوم (ويُسمّى رع) كبير هذا المجمع، وهذا المجمع هو الذي حكم الكون وفقاً للتصور الفرعوني.

أسطورة دمار البشر


تقول هذه الأسطورة إنه في البداية لم يكن هناك فصل بين البشر والآلهة، فعاشوا معاً على الأرض، وعندما تقدّم السن بكبير الآلهة، قرر البشر التآمر عليه وعلى بقية الآلهة، إلا أنهم علموا بالمخطط قبل تنفيذه فقرروا الانتقام.

اقترحت الآلهة تدمير كل من تآمر عليها من البشر، بدءاً بالعذاب، ثم التدمير النهائي، لكن في النهاية شعر كبير الآلهة بالشفقة فقرر مساعدة البشر.

كانت خطة كبير الآلهة قائمة على جعل باقي الآلهة سكارى لينسوا قضية تدمير البشر، وهو ما نجح في القيام به، عندما سقاهم الخمر.

وتقول الأسطورة أيضاً، إنه رغم تدخل كبير الآلهة لإنقاذ البشر من غضب الآلهة، إلا أن البشر ظلوا يرتكبون المعاصي، فغضب عليهم كبير الآلهة هذه المرة بنفسه، وقرر ترك الأرض والانتقال إلى السماء مع باقي الآلهة، وبذلك انفصل البشر عنهم إلى الأبد، وأصبح ملوك قدماء المصريين يحكمون الأرض بموجب حق إلهي مُقدس.

"أم الشعور" وعروس النيل



وهي واحدة من أشهر أساطير الرعب عند المصريين، وهي أسطورة أم الشعور، بعبع الخوف لدى قدماء المصريين. وأم الشعور هي امرأة شديدة القبح، لديها شعر طويل غير مصفف، وأظافر طويلة جداً، وتسكن شواطئ النيل، وفي الترع.

تقول الأسطورة إن من يسير وحده ليلاً على أحد شواطئ نهر النيل، تسحبه أم الشعور إلى قاع المياه، ثم تظهر الجثة طافية على ظهر المياه، وعليها آثار الخنق.

وتعود شخصية أم الشعور إلى أسطورة أخرى، وهي "عروس النيل"، حيث كان الفراعنة يقدسون النيل لدرجة أنهم اعتبروه إلهاً وأسموه "حابي".

وفي إحدى السنوات، لم يحدث الفيضان السنوي المعتاد، ففسر الكهنة ذلك بأن النيل في حاجة إلى قربان، فقرروا أن يتقربوا إلى نهر النيل، بإلقاء فتاة حسناء مُزيّنة في النهر، بعد جو من الاحتفالات.

الأسطورة التي تربط بين أم الشعور، وبين "عروس النيل"، تقول إن أم الشعور هي أرواح الفتيات اللواتي أُلقين في نهر النيل كل عام.

علامات:
تحميل المزيد