8 من أشهر “أقنعة الموت”.. تعرف على قصصها الخاصة

كان صُنع قوالب من الجص لوجوه الأشخاص المتوفّين عادة منتشرة في القرون الماضية، كوسيلة للاحتفاظ بملامح شخص محبب أو موقّر للأجيال القادمة، قبل أن يمحوها التعفّن. وحظيت بعض تلك الأقنعة بحياة غنية خاصة بها، إما أعيد صنعها وبيعت، أو استُخدمت لرسم بورتريهات بعد الموت، أو وُظفت للأبحاث العلمية، أو حتى تحوّلت لأجهزة إنقاذ حياة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/05 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/05 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش

كان صُنع قوالب من الجص لوجوه الأشخاص المتوفّين عادة منتشرة في القرون الماضية، كوسيلة للاحتفاظ بملامح شخص محبب أو موقّر للأجيال القادمة، قبل أن يمحوها التعفّن.

وحظيت بعض تلك الأقنعة بحياة غنية خاصة بها، إما أعيد صنعها وبيعت، أو استُخدمت لرسم بورتريهات بعد الموت، أو وُظفت للأبحاث العلمية، أو حتى تحوّلت لأجهزة إنقاذ حياة.

فيما يلي 7 أقنعة موت كانت لها قصص بعد رحيل أصحابها، نقلاً عن تقرير لموقع Mental Floss.

1- الملك هنري الرابع ملك فرنسا: توفي عام 1610



تُصب أقنعة الجص في أسرع وقت بمجرد موت الشخص، قبل أن يشوّه ملامحه التحلل ويجعل عملية الصب ذاتها زلقة. لكن في هذه الحالة، كان هنري الرابع ميتاً منذ مائتي عام عندما صُنع هذا القناع.

كان هذا في شهر يوليو/تموز من عام 1793 عندما أقر المؤتمر القومي -قبيل الذكرى السنوية الأولى بإلغاء النظام الملكي وإنشاء أول جمهورية فرنسية- مرسوماً بتدمير جميع الأضرحة الملكية.

وكانت كاتدرائية سانت ديني الهدف الأساسي، فقد كانت الكنيسة مقراً لاجتماع ملكي بعد الوفاة لملوك فرنسا، بدءاً من كلوفيس الأول (465-511) وحتى لويس الخامس عشر، إما أنهم دُفنوا فيها أو تم نقل رفاتهم إليها لاحقاً.

وعندما فُتحت قبور الملوك، كان أقدمها قد تحوّل إلى رماد وبقايا عظام. وكانت معظم عائلة بوربون الملكية، ما عدا أحدث ملوكها، جثثاً متعفنة تنبعث منها أبخرة بغيضة. وهو ما ظنه الثوريون تعبيراً جسدياً عن خطيئة وفساد النظام القديم.

ومع ذلك، كانت جثة الملك هنري الرابع، وهو أول ملوك فرنسا من عائلة بوربون، محفوظة جيداً بشكل مدهش. بخلاف الملوك من بعده، أجرى طبيب هنري الرابع بيير بيغراي تحنيطاً للملك "على طريقة الإيطاليين" (بإجراء حد أدنى من الشقوق الجراحية وعدم إزالة المخ). وظل رأسه في حال جيدة، احتفظت ملامحه بشكلها حتى آخر رمش، وكانت لحيته وشاربه لا يزالان طريين.

لتوثيق نجاته المدهشة من أثر الموت، صُنع قالب من الجص لوجه هنري الرابع في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1793. وأُقيم جسده في شرفه منشدي الكنيسة لمدة أسبوع كمعجزة يراها الزوار، ثم بُترت أطراف جثة الملك المعجزة ورُميت في قبر جماعي مع بقية ملوك وملكات فرنسا، بالإضافة إلى تغطيتهم بالجير الحي، حتى أمر لويس الثامن عشر، عند عودة الملكية مجدداً، بنبش البقية القليلة من الرفات الملكي وإعادة دفنها في كاتدرائية سانت ديني في عام 1817.

ومع ذلك، يُحتمَل أن يكون رأس هنري الخارق نجا من هذا أيضاً. ففي عام 2010 تمت مطابقة ملامح وجه هنري الثامن مع رأس محنطة من مجموعة خاصة أشيع أنها تعود له. لكن طُعِن في صحة هذا الاكتشاف عندما لم تتطابق عينة الحمض النووي المأخوذة من الرأس مع الحمض النووي لسلالة بوربون المعاصرة.

ولكن قد يُفسر هذا شكوكاً سرية بعدم شرعية عدة فروع من نسل عائلة بوربون الملكية على مدار 400 عام. وقد يلعب قناع الموت دوراً محورياً في حل الجدل الدائر: إذا يرجع الرأس فعلاً للقناع، سيقدّم لنا هذا دليلاً أن رأس أحد أعظم ملوك فرنسا نجا أيضاً من قبر الجير الحي.

2- اوليفر كرومويل: توفي عام 1658



عندما تُوفي اوليفر كرومويل، اللورد القائد لنظام الكومونويلث الإنكليزي الحاكم لإنكلترا آنذاك، اسكتلندا، وآيرلندا في الثالث من سبتمبر/أيلول من عام 1658، انهمرت على جثته مظاهر الطبقة الملكية التي رفضها طوال حياته. أقيمت له جنازة ملكية، وانهمك توماس سايمون، صانع الأوسمة والنقَّاش الأبرز في دار صك العملة الملكية، على تكريم ملامحه وجهه مثل الملوك السابقين.

استخدم سايمون قالب رأس كرومويل لصنع نسخة مطابقة من الشمع تبدو أكثر حيوية لوجه اللورد القائد وثبّتها على تمثال خشبي. وألبس التمثال ثياباً من المخمل المزيّن بالذهب والفرو، بالإضافة إلى المجوهرات الملكية المعتادة -التاج وجوهرة الكرة الأرضية والصليب والصولجان- وعُرضت في القاعة العامة من دار سومرسِت بلندن لمدة شهرين، ودُفن كرومويل في جنازة عسكرية رسمية بكنيسة ويستمينستر آبي.

استخدام قناع الموت الشمع الأصلي الذي صنعه توماس سايمون لاحقاً لصناعة ستة قوالب أخرى من الجص، واستمر نسخ الأقنعة لمئات الأنواع. بعض النسخ الأحدث تم تعديلها بطريقة تشبه تعديلات "الفوتوشوب" في عصرنا الحالي، تمت تسوية النتوءات والعيوب لتصبح أصغر حجماً أو تختفي كلياً.

وغالباً لم يكن كرومويل ليحب هذا أيضاً. وبحسب قصة متناقلة عبر مصدرين وردت في كتاب "قصص اللوحات في إنكلترا" لهوراس والبول لعام 1764، كان تقدير كرومويل الراسخ لذاته هو الملهم وراء المثل الشعبي "أظهر البثور وكل شيء"، واقتُبست من محادثة دارت بينه وبين الفنان بيتر ليلي بينما كان يجلس لرسم بورتريه.

قال كرومويل: "سيّد ليلي، أرغب أن تستخدم مهاراتك كلها لرسم صورة تشبهني حقاً، ولا تجمّل من مظهري مطلقاً، أظهر الجلد الخشن، والبثور، والنتوءات، وكل شيء تراه عندما تراني. وإلا لن أدفع لك بنساً في مقابلها".

والآن تمثّل النتوءات البارزة تحت شفّة كرومويل السفلية وحول عينه اليمنى دليلاً لتأريخ أقنعته، كلما ازدادت العيوب، عنى ذلك أنها نسخة أقدم.

3- بيتر العظيم: توفي عام 1725



بعد موت بيتر العظيم في الثامن من فبراير/شباط عام 1725، أمرت زوجته والإمبراطورة من بعده كاثرين الأولى نحّات البلاط كارلو بارتولوميو راستيللي بصنع قناع موت، بالإضافة إلى قوالب ليديه وقدميه.

اعتنى راستيلي بأخذ مقاسات جسد الإمبراطور الراحل ليخلق تمثالاً من الشمع والخشب يطابق تفاصيله تماماً. وارتدى التمثال ثياب بيتر الخاصة، التي اختارتها كاثرين ووصيفاتها وألبسنها للتمثال بأنفسهن.

وبشكل ما، نجا تمثال الشمع والخشب كاملاً مع ثيابه الأصلية من غضب الثورة البلشفية، ولا يزال حتى الآن في متحف هيرميتاج، وتذكّر عيناه المفتوحتان على اتساعهما زوار المتحف أن واكسن بيتر، مثل شخصية قرصان الرهبة روبرت.

وتوجد نسخة أقل إفزاعاً صُنعت من البرونز باستخدام قناع راستيللي الأصلي أيضاً في متحف هيرميتاج.

4- جان- بول مارا: توفي عام 1793



كان جان- بول مارا طبيباً وصحافياً وإحدى الشعل المتقدة خلال الثورة الفرنسية، وكان يعاني من مرض جلدي مزمن وحاد اضطره تجاه آخر حياته لقضاء معظم وقته في حوض الاستحمام، مغطى بمناشف دافئة موضوعة على الجروح والتمزّقات المؤلمة في جلده.

وهكذا أيضاً كان مارا عندما استطاعت شارلوت كورداي الدخول إليه في الثالث عشر من يوليو/تموز عام 1793، بحجة حيازة معلومات عن أعدائه من حركة جاكوبين. وطعنت كورداي مارا في صدره، وقتله هذا في الحال.

ولأن الثورة الفرنسية جعلت السلطات متمرسة في شؤون الميتات العنيفة حتى ذلك الوقت، طُلِب حضور ماري توسو، التي كانت فنانة مختصة بصنع بورتريهات من الشمع للمشاهير والأرستقراط، لصنع قناع لوجه مارا. ووصفت ماري هذا الحدث في مذكراتها قائلة:

"حضر رجلان لأخذي إلى بيت مارا، كان هذا بعد مقتله على يد شارلوت كورداي مباشرة، حتى أصنع قالباً لوجهه. كان جسد مارات لا يزال دافئاً، وجسده النازف، وملامحه الميتة التي تقترب من الشيطانية، كان مظهراً ينبض بالرعب، ونفّذت مهمتي وأنا مثقلة بالألم".

لاحقاً، ستأخذ توسو التمثال الشمعي الذي صنعته باستخدام القالب معها إلى لندن عام 1802، حيث كان جزءاً من عروضها الجوّالة بجانب نجوم آخرين من الثورة الفرنسية كانت قد صنعت لهم أيضاً أقنعة موت، مثل الملك لويس السادس عشر، وماري أنطوانيت، وروبسبيير.

وعندما أنشأت متحفاً دائماً لها في لندن 1835 (متحف مدام توسو Madame Tussauds الشهير)، عُرض تمثال مارا في حجرة الرعب المشهورة، وبينما وضعت رؤوس ثوريين فرنسيين مكروهين زعمت توسو أنها صنعت أقنعة موتهم (مثل روبسبيير Robespierre، وهيبير Hébert، وفوكييه-تينفيل Fouquier-Tinville) في غرفة بجانب رؤوس لويس السادس عشر وماري أنطوانيت المحببين لها.

قالت ماري إن وجه مارا القبيح كان مميزاً لأنه، بحسب مذكراتها، كان "أكثر الوحوش التي أطلقتهم الثورة الفرنسية ضراوة".

5- نابليون بونابارت: توفي عام 1821



يحيط الغموض بظروف صنع قالب لقناع موت نابليون بونابارت، وهذه أخفّ الطرق لوصف الأمر. مات الإمبراطور السابق على جزيرة سانت هيلينا المنعزلة في الخامس من مايو/أيار من عام 1821، تحت رعاية أطبائه الفرنسيين والإنكليز.

وفي البداية بدا أن صناعة قناع موت ستكون مهمة مستحيلة -كان من الصعب إيجاد جبس في جزيرة سانت هيلينا- لكن في السابع من مايو/أيار صُنع القالب على يد جراح إنكليزي يدعى فرانسيس برتون، وفي رواية أخرى طبيب بونابارت الفرنسي من جزيرة كورسيكا -ومسقط رأس نابليون- فرانشيسكو أنتومارشي، ولم تسر العملية ذاتها بسلاسة، وفي النهاية أُخذ القالب على جزأين على الأقل: الوجه، ومؤخر الرأس، والأذنين، وأعلى الرأس.

هربت خادمة نابليون بقالب الوجه، وتركت لبرتون قالب مؤخر الرأس، الذي لا يصبح ذا أهمية بلا وجه يصاحبه، وحاول مقاضاتها لاسترداده بلا جدوى. عادت الخادمة إلى فرنسا وبدأت بصناعة نسخ عن القالب، وأعطت إحداها إلى أنتومارشي. وبدأ هو بدوره بصناعة نسخ أخرى، سافر أنتومارشي كثيراً، وبعد فترة وجيزة انتشرت نسخ لوجه نابليون فاقد الأذنين من نيو أورلينز إلى لندن. حيث كانت تباع كالحلوى.

وبحلول القرن العشرين، أصبح وجه نابليون الهادئ أيقونياً، حتى لونّه السوريالي رينيه ماغريت بلون الأزرق السماوي ورسم عليه سحباً منفوشة، في رمز إلى "مستقبل التماثيل". وفي هذه الأثناء، لا يعرف أحد أي هذه القوالب أقرب للأصل.

وتأخذ المتاحف مواقف دنيئة فيما يتعلق بأقنعة موت نابليون، فكل منها يزعم أن نسخته هي الأصلية. وقد عُرضت نسخة من مجموعة شخصية للمزاد منذ ثلاثة سنوات وبيعت بسعر 240 ألف دولار، رغم الشكوك حول قصتها التاريخية.

6- آرون بور: توفي عام 1836



كان الأخوان لورينزو نايلز فاولر وأورسون سكواير فاولر عالمين مختصين بفراسة الدماغ، ومؤسسي المجلة العلمية لفراسة الدماغ، كما كانا المسؤولين عن انتشار هذا العلم في أميركا في منتصف القرن التاسع عشر.

وفي عام 1836، في بداية حياتهما المهنية، فتح لورينزو مقراً له في نيويورك، حيث كان يقدّم قراءات استطلاعية للزبائن، ويشرف على تدريب طلاب، ويكتب بشكل مكثّف عن الكيفية التي تؤثر بها قياسات الرأس والنتوءات في تصرفات الأشخاص.

أبدى لورينزو فاولر اهتماماً خاصاً بجمع التماثيل النصفية الخاصة بعلم فراسة الدماغ، التي تصف رؤوس مرضاهم بأكملها في قوالب من الجص، ويبدو أنه لم يكن دقيقاً تماماً في كيفية الحصول على هذه القوالب، وهنا تأتي قصة آرون بول.

في الخامس عشر من سبتمبر/أيلول عام 1836، وبعد يوم من موت آرون بول، صنع أحد مساعدي لورينز قالباً لقناع موت لبور. ونفّذ ذلك على طريقة علم فراسة الدماغ، بتغطية الرأس والعنق بالكامل بالجص من أجل تحليل أفضل للنتوءات. وبحسب مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" يعود لعام 1985، أمر فاولر مساعده بمراقبة بور في الأيام السابقة لوفاته:

"راقب رجل غريب البيت كالشبح لعدة أيام وليالٍ قبل موت بور. ولم يدخل الرجل الغريب لزيارته أبداً، لكنه دائماً ما أبدى ملاحظات حول صحته، وظن الآخرون أنه قريب له أو صديق مهتم ببور، الذي كان مسؤولاً حكومياً. لكن كان الرجل مخلصاً لغرض اعتزم عليه، فقد ظهر مباشرة بعد موت آرون بور، وبدون استئذان فتح حقيبته وبدأ بالعمل، كما لو كان ذلك حقاً مشروعاً له، أن يأخذ قالباً من الجص لرأس رجل ميت".

ووضع قالب الرأس، والمشكوك في طريقة الحصول عليه، في متحف علم الفراسة، وهو متحف ودار نشر في نيويورك، أطلق عليه العامة اسم "غولغوثا (وتعني الجمجمة)" وبمرور السنوات اتَّسع غولغوثا ليضم مجموعة هائلة من قوالب جماجم القتلة سيئي السمعة وأبطال مواعظ أخرى متنوعة، بالإضافة إلى شخصيات مشهورة تمتعت جماجمها بتضاريس مثالية.

وفي بداية خمسينيات القرن التاسع عشر، رُوج للمتحف باحتوائه على "تماثيل نصفية وقوالب من رؤوس بعض أبرز الرجال الذين عاشوا يوماً"، وكان آرون بور ضمن هذه المجموعة.

7- ويليام تيكومسيه: توفي عام 1891



ويليام تيكومسيه شيرمان، جنرال جيش الاتحاد أثناء الحرب الأهلية الأميركية وبلاء ولايات جورجيا وكارولاينا الشمالية والجنوبية الكونفدرالية، والذي أدت حملته للقضاء على الموارد في أعماق الجنوب الأميركي (سياسة حرق الأرض) إلى إصابة قدرة جيش الولايات الكونفدرالية على دخول حرب بالشلل التام.

مات شيرمان في نيويورك في يوم عيد الحب (الفالانتين)، عام 1891. وبعد يومين، حضر نحّات الفنون الجميلة المشهور أوغستوس سانت-غودينز إلى بيت شيرمان للإشراف على عملية صب قالب قناع الموت.

كان سانت-غودينز يعرف ملامح شيرمان جيداً، بعد أن نحت مسبقاً تمثالاً نصفياً للجنرال في عام 1888 واستغرق 18 جلسة لإكماله. أحضر سانت-غودينز معه النحّات دانيل تشيستر فرينش، الذي سيصمم تمثال أبراهام لينكون القائم في نصب أبراهام لينكون التذكاري بعد ثلاثين عاماً من ذلك التاريخ، وكان فرينش مَن صنع قناع موت شيرمان باستخدام القالب.

وبعد عام واحد من موت شيرمان، بدأ أوغستوس سانت-غودينز بالعمل على نصب شيرمان التذكاري، وهو تمثال من البرونز المطلي بالذهب يصّور الجنرال راكبًا خيله ويقوده للنصر، ولا يزال النصب قائماً حتى الآن في ساحة جراند آرمي بمدينة مانهاتن. واستخدم سانت-غودينز التمثال الذي نحته عام 1888 كمرجع لصناعة النصب.

8- مجهولة نهر السين: أواخر القرن التاسع عشر



يعود كل قناع موت ورد في هذه القائمة لشخص مشهور سجّل التاريخ اسمه ووجهه، لكن مجهولة نهر السين لا تملك اسمًا، عرف التاريخ وجهها فقط.

تقول الحكاية إن جثة امرأة شابة مجهولة -زعم أنها انتحرت غرقاً- انتُشلت من نهر السين في أواخر القرن التاسع عشر، ووُضعت الجثة في غرفة العرض بمشرحة باريس على أمل التعرف عليها. (وقد كانت زيارة المشرحة للتحديق بجثث الأموات مزاراً شائعاً يقضي فيه الباريسيون أوقاتهم منذ افتتاح المشرحة عام 1804).

ويقال إن جمالها الهادئ وابتسامتها الشبيهة بالموناليزا استحوذا على أحد أخصائي علم الأمراض في المشرحة، ما دفعه لصنع قالب لوجهها، وسرعان ما صُنعت نسخ عديدة للقالب، وأصبحت تُباع في المتاجر وتزيّن غرف معيشة البرجوازيين والبوهيميين على حد سواء. وألهم وجهها العديد من الكتاب، بدايةً من ألبير كامو وحتى نابوكوف، فكانت جمالاً مثالياً، ملهمة.

تبقى المشكلة الوحيدة هي احتمال أن تكون قصة المرأة المجهولة خدعة. فابتسامتها تحتاج تحكماً عضلياً نراه في أقنعة الحياة وليس أقنعة الموت، كما تكون ملامح ضحايا الغرق منتفخة ومشوّهة. وبالتالي، الوجه المسالم الشبيه بلوحة أوفيليا شكسبير في عصر ما قبل الرافائيلية ليس أكثر من وهم، فحقيقة الجثث الغارقة التي بقيت في المشرحة لثلاثة أيام مختلفة كلياً.

ومع ذلك، حية أو ميتة، فتاة غارقة بشكل مأساوي أو عارضة ممتازة، كان لقناعها الأثر الأبرز بين سابقيها في هذه القائمة. فقد ألهمت شعبية "المرأة المجهولة" صانع الألعاب النرويجي آزموند لايردال Asmund Laerdal باستخدام وجهها ليكون نموذج "أنقذ آن". وهي دمية تدريب التنفس الاصطناعي التي قبَّلها الملايين ليتعلموا كيفية إنقاذ حياة.

هذا الموضوع مترجم عن موقع Mental Floss. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد