37 عاماً مرّت على احتجاز رهائن أميركيين في طهران.. كيف أثر الحادث على علاقة البلدين؟

كثيراً ما نسمع عن قيام بعض الجماعات الإرهابية أو الانتحاريين بعمليات خطف الرهائن للابتزاز المادي أو السياسي، إلا أنه من النادر أن نسمع عن حوادث مثل تلك بين الدول. وبمجرد ذكر تلك الجملة الأخيرة، نتذكر واقعة خطف الدبلوماسيين الأميركيين في إيران، التي وقعت قبل 37 عاماً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/04 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/07 الساعة 14:04 بتوقيت غرينتش

كثيراً ما نسمع عن قيام بعض الجماعات الإرهابية أو الانتحاريين بعمليات خطف الرهائن للابتزاز المادي أو السياسي، إلا أنه من النادر أن نسمع عن حوادث مثل تلك بين الدول. وبمجرد ذكر تلك الجملة الأخيرة، نتذكر واقعة خطف الدبلوماسيين الأميركيين في إيران، التي وقعت قبل 37 عاماً.

ثورة الخميني ضد شاه إيران

بدأت الأحداث في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1977 بعد مقتل ابن الخميني وخروج المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام الديكتاتوري لشاه إيران محمد رضا بهلوي، جراء الظروف الاقتصادية المتردية، والتضييق السياسي، وقد أدى استخدام الشرطة للعنف المفرط تجاه المتظاهرين إلى سقوط الآلاف منهم، وبذلك اشتعلت الأزمة أكثر، حيث عمت المظاهرات والفوضى البلاد.

وفي بداية عام 1979 ومع تزايد أعمال العنف والمظاهرات، هرب الشاه محمد رضا بهلوي متجهاً إلى مصر ناجياً بحياته، بعدها عاد روح الله الموسوي الخميني، رجل الدين الشيعي ذو الشعبية الكبيرة، إلى إيران بعد نفيه من قِبل نظام الشاه 14 عاماً ليسيطر على مقاليد الأمور، حيث أجيز الدستور الجديد، وأُعلنت إيران جمهورية إسلامية، فيما أصبح الخميني قائداً وإماماً لها.

وكان الخميني قد نُفي عام 1964 بعد سجنه من قِبل الشاه؛ لشنه هجوماً على ثورته البيضاء التي أطلقها، حيث نادي الشاه فيها بحقوق المرأة والتعليم اللاديني. وعلى الرغم من إقصاء الخميني عن الساحة السياسية في إيران، لم تتوقف خطاباته وتسجيلاته الصوتية عن الانتشار بين الناس سراً، حيث كان يحرّضهم على العصيان ضد نظام "الشاه العلماني حليف الولايات المتحدة وإسرائيل"، حسب التسجيلات.

في تلك الفترة، كانت التيارات الرافضة للولايات المتحدة وسياساتها تتصاعد في إيران بسبب الدعم الأميركي لشاه إيران – بهلوي، وللانقلاب على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953، حيث كان مصدق يحظى بشعبية كبيرة في إيران حينها، حتى إن الولايات المتحدة كانت توصف في إيران بـ"الشيطان الأكبر".

أزمة الرهائن

في شهر أكتوبر 1979، استضافت الولايات المتحدة الشاه بأراضيها لتلقي العلاج من السرطان، على الرغم من تحذيرات السفارة الأميركية في طهران من أن السفارة ستكون معرضة للخطر في حال استضافته بأميركا.

وبالفعل، بعد وصول الشاه للولايات المتحدة بعدة أيام فقط، قام طلاب إيرانيون بالهجوم على السفارة الأميركية في طهران والقبض على 90 رهينة، وطالبوا – بتأييدِ من الخميني – بتسليم الشاه الإيراني مقابل الإفراج عن الرهائن.

ولحل الأزمة سريعاً، أرسلت حكومة الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، هيئة للتفاوض مع الخميني لإطلاق سراح الرهائن الأميركيين، إلا أن الخميني رفض لقاءهم، لتتلاحق الأحداث بعدها سريعاً.

حيث قامت الولايات المتحدة بتجميد جميع الأصول المالية لإيران في البنوك الأميركية، في محاولة للضغط على إيران.

من جانبها، قامت إيران بالإفراج عن المحتجزين من السيدات والأشخاص ذوي الأصول الإفريقية ليصبح عدد الرهائن 52 رهينة.

فيما تمكن 6 دبلوماسيين أميركيين من الهرب سراً، حيث ظل الستة مختبئين بمنازل العاملين بالسفارة الكندية التي ساعدتهم على الهرب خارج إيران بجوازات سفر كندية مزورة دون أن يكشف الإيرانيون سرهم، وذلك في يناير/كانون الثاني 1980.

وللتخفيف من حدة الأزمة ، غادر الشاه الإيراني الولايات المتحدة إلى بنما ومنها إلى مصر، وما لبث أن توفي بسبب مرض السرطان. من ناحية أخرى، قامت الولايات المتحدة بفرض مزيد من العقوبات والحصار الاقتصادي على إيران وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية معها، إلا أن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً.

كيف انتهت أزمة الرهائن؟

بعد فشل جميع المحاولات للتفاوض والضغط، قامت حكومة كارتر بتجهيز عملية عسكرية سرية سُميت "عملية مخلب النسر" بعد شهور من التدريب على إطلاق سراح المحتجزين.

إلا أنه وبسبب عاصفة كبيرة اصطدمت 3 مروحيات أميركية بعضها ببعض وقًتل جميع أفرادها وهو ما فضح أمر العملية في اليوم التالي. وكما تذكر جريدة الشرق الأوسط، فقد اعتبر الخميني أن ما حدث هو تأييد إلهي لدعم الثورة الإسلامية في إيران.

استمرت أزمة الرهائن أكثر من عام، بعدها أعلن الخميني أنه سيفرج عن الرهائن مقابل استرجاع جميع الأصول المالية الإيرانية المجمدة، بالإضافة إلى ثروة الشاه الإيراني.

وفي ظل الوساطة الجزائرية وبعد رحيل كارتر وتسلم الرئيس الأميركي الجديد رونالد ريغان الحكم في الولايات المتحدة بيوم واحد، توصل الطرفان الأميركي والإيراني أخيراً لاتفاقية تنص على تسليم الأصول البنكية المجمدة لإيران على أن يتم إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين الذين استمر حجزهم مدة 444 يوماً، وهو ما تم بالفعل، إلا أن العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين ظلت منقطعة منذ تلك الفترة.

العلاقات الدبلوماسية بين البلدين

بعد 34 عاماً، وتحديداً في سبتمبر/أيلول 2013، استؤنفت العلاقات الدبلوماسية على استحياء بين حسن روحاني الذي كان قد انتخب حديثاً لرئاسة الجمهورية الإيرانية والرئيس الأميركي باراك أوباما في مكالمة هاتفية لأول مرة منذ قطع العلاقات عام 1979، حيث اعتبرت تلك الخطوة بداية المحادثات حول الاتفاق النووي الأميركي – الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015.

من ناحية أخرى أيضاً، رفضت الولايات المتحدة في أبريل/نيسان 2014 إعطاء تأشيرة دخول للسفير الإيراني حامد أبو طالبي إلى الأمم المتحدة التي تقع مقرها في الأراضي الأميركية، وذلك بدعوى مشاركته في الهجوم على السفارة الأميركية عام1979، إلا أنها في يناير من عام 2015 عينت إيران سفيراً جديداً يدعى غلام علي خوشرو خلفاً له.

وعلى الرغم من التقارب الدبلوماسي الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، فإن أزمة السفارة الأميركية وما سبقها من دعم الولايات المتحدة للانقلاب على حكومة مصدق ما تزال تهمين على العلاقات بين الطرفين وتضفي عليها طابعاً بعدم الثقة والتشكك، هذا بالإضافة إلى اختلاف وجهات النظر الأميركية والإيرانية حول قضايا إقليمية خاصة، مثل قضايا سوريا والعراق.

وعلى المستوى الشعبي، يحتفل الإيرانيون بذكرى الهجوم على السفارة كل عام مرددين هتافات، مثل: "الموت لأميركا"، آخرها كان أمس، حيث جرى إحراق العلم الأميركي وترديد شعارات معادية لأميركا.

فتح السفارة الأميركية بإيران

إيران قامت بتحويل السفارة الأميركية في طهران إلى متحف باسم "وكر الجواسيس" تعرض فيه جميع الأوراق والآلات الكاتبة والمعدات التي كانت مستخدمة بالسفارة، ولم يتم فتحها منذ ذلك الحين.

وكانت الولايات المتحدة قد قامت بفتح "سفارة افتراضية" إلكترونية لتسهيل التواصل مع الإيرانيين في ظل قطع العلاقات مع إيران عام 2011 وهو ما قوبل بغضب من الطرف الإيراني.

في 23 أغسطس/آب 2015، أعادت بريطانيا فتح سفارتها لدى إيران، في خطوة متبادلة بين البلدين عقب الاتفاق النووي، وعلى أثرها صرح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بأنه من السابق لأوانه الحديث عن فتح سفارة أميركية لدى إيران بسبب تصرفات الولايات المتحدة "غير المنطقية"، على الرغم من الاتفاق النووي السالف إبرامه بين البلدين.

علامات:
تحميل المزيد