فاز الأميركي بوب ديلان، الذي اعتُبر بأغانيه المؤثرة صوت جيل بأكمله بدءاً من الستينات فما بعدها، بجائزة نوبل للآداب اليوم الخميس (13 أكتوبر/تشرين الأول) في قرار مفاجئ منح المغني والشاعر أحد أبرز جوائز العالم الثقافية.
وعبرت أغانيه مثل (بلوين إن ذا ويند) و(ماسترز أوف وور) وغيرها عن روح التمرد والمعارضة والاستقلال.
ومنذ أكثر من 50 عاماً لا يزال ديلان يكتب الأغاني ويقوم عادة بجولات.
وقالت سارة دانيوس الأمين العام الدائم لأكاديمية نوبل في مؤتمر صحفي، إن ديلان "خلق تعبيرات شعرية جديدة ضمن التراث الغنائي الأميركي العظيم".
وفرع الآداب هو آخر الفروع المعلنة للجائزة العالمية هذا العام. وتحمل الجائزة اسم ألفريد نوبل مخترع الديناميت وتقدم منذ عام 1901 لأصحاب الإنجازات في فروع العلوم والآداب والسلام.
ويبدو اختيار اللجنة مفاجئاً، لكن إن نظرنا للخلف قليلاً، سنكتشف هوميروس وسافو، ونصوصهم الشعرية التي كُتبت ليُستمع لها، ولتُؤدَّى، ربما بمصاحبة الآلات، والأمر نفسه مع بوب ديلان، فمازلنا نقرأ هوميروس وسافو ونستمتع بقراءتهم، وسنفعل الشئ نفسه مع ديلان، يُمكن أن يُقرأ ولابد من قراءته، فهو شاعر عظيم في الأدب الإنجليزي".
من هو روبرت آلن زيمرمان؟
ولد "روبرت آلن زيمرمان"، وهو الاسم الحقيقي لديلان، في دولوث بولاية مينيسوتا في عام 1941، وحصل على جيتاره الأول حين كان في الرابعة عشرة، وأدى مقطوعاته مع فرق الروك آند رول في المدرسة.
استعار ديلان اسمه من الشاعر ديلان توماس، وتأثر بموسيقى "وودي غوثري"، وبدأ في الاتجاه على إثر ذلك لموسيقى "الفولك". انتقل إلى نيويورك في 1961، حيث غنى في نوادي ومقاهي قرية غرينتش، ثم أصدر ألبومه الأول في عام 1962، وأعقبها بمجموعة من الألبومات الأخرى التي ينظر لها اليوم على أنها من الروائع، بما فيها ألبوم "بلوند أون بلوند" في عام 1966، و"بلود أون ذا تراكس" أو "دماء على الطريق" في عام 1975، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان.
واليوم، ينظر له كواحد من أبرز الأسماء المؤثرة في الموسيقى الشعبية المعاصرة
طبقاً للجنة جائزة نوبل، فإن ألبوماته "تتمحور حول مواضيع مثل الظروف الاجتماعية للإنسان، والدين، والسياسة والحب". وأضافت اللجنة، في محاولة لدرء الانتقادات الموجهة لحقيقة أن ديلان يُرى بشكلٍ كبير كموسيقي أكثر منه مؤلفاً، إن الكلمات "تم نشرها بشكلٍ مستمر في إصدارات جديدة"، وإنه "بجانب إنتاجه الواسع للألبومات، فقد نشر ديلان أعمالاً تجريبية مثل تارانتولا (1971) ومجموعة الكتابات والرسوم (1973)"، بالإضافة إلى "السيرة الذاتية بعنوان مذكرات (2004)، والذي يُصور ذكريات من حياته المبكرة في نيويورك والذي يعرض لمحات من حياته في مركز الثقافة الشعبية".
يقول التصريح، "كفنان، يُعتبر متنوعاً بشكلٍ مذهل: فقد كان نشطاً كرسامٍ، وممثل وكاتب سيناريو. ديلان له مرتبة الرمز. تأثيره على الموسيقى المعاصرة نافذ، وهو موضوع تيارٍ مستمر من الأدب الثانوي".
تم اختيار الفائز بجائزة نوبل للأدب من قِبل 18 عضواً من الأكاديمية السويدية، والذي يبحثون عن "الشخص الذي قد أنتج في مجال الأدب العمل الأبرز في اتجاهٍ مثالي"، وفقاً لوصية ألفريد نوبل.
تعترف هيئة الجائزة على موقعها، بأن "وصفات ألفريد نوبل لجائزة الأدب كانت غامضة إلى حدٍ كبير"، مضيفين أنه "في الواقع، يبدو أن تاريخ جائزة نوبل في الأدب سلسلة من محاولات تفسير وصية لم تُنتقَ كلماتها بدقة".
يتبع اختيار ديلان تكهنات بشأن خلافات بين أعضاء اللجنة. كان من المتوقع أن يتم الإعلان عن النتيجة الأسبوع الماضي، نفس الأسبوع الذي اُعلن فيه عن الجوائز العلمية. قال بير فاتسبرج من الأكاديمية، إن التاريخ المختلف مجرد أمر لوجستي. لكن بيورن فيمن، محرر الصفحات الثقافية بصحيفة داجينز نييتر السويدية، قال لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، "إن سألتني، فإن الأمر بالتأكيد ليس مشكلة في التواريخ. هناك علامة على خلافٍ في عملية اختيار الفائز".
كتّاب كبار يُعتقد أنّهم كانوا مرشحين لنيل الجائزة منهم الكيني "نجوجي وا ثيونجو"، والأميركي "دون دوليو"، والياباني "هاروكي موراكامي". في مراهنات لادبروكس، عندما وصلت نسبة الرهان عليه 16 إلى 1، بعد أن كانت 50 إلى 1، حين تم إيقاف المراهنات، قال المتحدث الرسمي أليكس دوناهو، إن "الكثيرين أبدوا السخرية عندما انخفضت احتمالاته من 100 إلى 1 لتصبح 10 إلى 1 في 2011. يبدو أنّ الأمر كان آتيا لا محالة"، وفق ما جاء في صحيفة الغارديان.
نصحت دانيوس من لا يعرفون أعمال ديلان بالبدء بألبوم 1966 "بلوند أون بلوند". قالت، "إنه مثال غير عادي على طريقته العبقرية في النظم، وتركيب اللازمة، وطريقته الصورية في التفكير". تعترف أنها عندما كانت صغيرة لم تكن حقاً من معجبي ديلان، وكان تفضل أعمال ديفيد باوي. أضافت "أعتقد أن المسألة مسألة أجيال – اليوم أنا من محبي بوب ديلان".
أصبح ديلان الأميركي الأول الذي يربح جائزة نوبل للأدب منذ حصول طوني موريسون على الجائزة في 1993. يأتي انتصاره بعد تعليقات من هوراس إنجدال، السكرتير الدائم للجنة تحكيم جائزة نوبل حينها، إذ قال إن "الولايات المتحدة منعزلة جداً، ومنفصلة جداً. إنهم لا يترجمون بما يكفي، ولا يشاركون حقاً في حوار الأدب الكبير.. ذلك الجهل مقيّد".
من الواضح أن لجنة التحكيم التي يرأسها الآن خليفة إنجدال قد غيرت رأيها.
جوائز سابقة للفنان
وقد فاز بوب ديلان خلال مسيرته الفنية بـ11 جائزة غرامي، فضلاً عن جائزة غولدن غلوب وجائزة أوسكار عام 2001 عن أفضل أغنية أصلية في "ثينغ هاف تشينجد" في فيلم "ووندر بويز".
وقد أصدر في مايو/أيار ألبومه السابع والثلاثين المسجل في الاستوديو بعنوان "فالين إنجيلز"، حيث يؤدي أغنيات أميركية كلاسيكية اشتهرت بصوت فرانك سيناترا.
ويخلف الأميركي وهو أول موسيقي ينال مكافأة الأكاديمية منذ استحداث الجوائز عام 1901، البيلاروسية سفيتلانا اليسكييفيتش.
وتترافق جائزة نوبل للآداب مع مكافأة مالية قدرها 8 ملايين كورونة سويدية
(906 آلاف دولار).
واختتمت جائزة الآداب موسم نوبل لعام 2016.
ويتسلم الفائزون بجوائز نوبل مكافأتهم في مراسم رسمية تقام في ستوكهولم في العاشر من ديسمبر/كانون الأول في ذكرى وفاة ألفرد نوبل الذي استحدثها.
وتقام مراسم منفصلة في أوسلو للفائز بجائزة نوبل للسلام في اليوم نفسه، إذ إن لجنة نوبل النروجية هي التي تمنح هذه الجائزة. وقد فاز هذه السنة بنوبل السلام الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس.