فيما مضى كنت لا أبالي إن قرأ الناس أم لم يقرأوا، وكنت لا أهتم لأمرهم إطلاقاً وكنت أحاول أيضاً أن أحتكر معرفتي بعض المعلومات ولا أريد لأحد أن يعرف مصدرها سواي، ولو أن لي من الأمر شيء لأخفيت جميع الكتب في خزانتي ولحرستها من كل يد وعين.
وما أن وقع في يدي كتاب اسمه "المكتبة والليل لـ إلبرتو مانغويل، حتى تغيرت فكرتي تماما وصرت أضحك مما كنت أفعله.
لاحظت حينها أن الكتاب لا يكون جميلاً وممتعاً إلا حين تتشاركه مع غيرك.
قرأت أكثر من 1200 كتاب خلال 11 عاماً وما زلت أشعر بالظمأ إلى الكتب.
منها ما أحزنني ومنها ما أتعسني ومنها ما منحني حياة جديدة ومنها ما جعلني يائسا ألعن شموع الأمل كلما أشعلها المتفائلون.
سافرت كثيرا وأنا لم أتحرك خطوة واحدة بل لا أكاد أتجاوز باب غرفتي الصغيرة على أحد أسطح المباني الشعبية في دمشق.
وحين بدأت السفر فعلياً وجدت ما كنت أبحث عنه فعلاً "مجتمع قارئ" لكنه ليس مجتمعي الذي كنت أحلم أن أراه يوماً يحترم الكتاب والقارئ وعزلته.
تنقلت بين الكثير من المدن الأوروبية وغير الأوربية رأيت الناس يقرأون في القطارات والباصات في الطرقات والمقاهي في الساحات والحدائق العمومية.
كنت أشعر بشيء من السعادة وأفتش في وجوه الناس بكافة أعمارهم علّي أرى واحدا من أفراد مجتمعي، لكنني كنت أعود دوما أجر أذيال الخيبة.
وكلما تذكرت سخرية الناس ممن يقرأ في مجتمعي أشعر بنوع من الحسرة على ما فرطنا فيه.
أتذكر أحد أصدقائي حين كان يقول لي باللهجة العامية "ما رأيت قارئا ولا كاتبا في مجتمعنا إلا منكوش الشعر رث الثياب به مسحة من الجنون كثير القمل"!
بلغ بي اليأس مبلغه عندما كنت أتطرق إلى بعض الأمور التي تتعلق بالكتب والقراءة فيسخر بعض أبناء مجتمعي مما أقوله.
آه لو يعلم المفرط في القراءة ما نحن فيه لجالدنا عليه بالسيوف.
نحن لا ينقصنا شيء أبدا صدقوني فثمن الكتاب زهيد جدا في وطننا العربي.
كما أن هناك الكثير من المبادرات والصفحات المهتمة بالكتب الإلكترونية المجانية.
فقط امنح الكتاب بعضا من وقتك ولو عشر دقائق يوميا، وستتغير حياتك للأفضل حتما..
لن تكون الحياة مملة وأنت تقرأ، وستكتسب الكثير من المعارف، وسيعلو سقف ثقافتك وستشعر بوجودك فعلاً، وستكون لك آفاق لم تعتقد يوما أنك ستصل إليها، سيحترمك أصدقاؤك وأطفالك وشريكة حياتك أيضا، بل وكل من ستتعرف عليه.
صدقني إن صداقة الكتب والقراء تدوم طويلا جداً لأنها متجددة دوما بتجدد الكتب ولا تربطها مصلحة لتحدد نهايتها.
كان جدي يقول دائما عش مع كل شيء بشعور منفرد إلا الكتاب أعطه كل شيء تملكه بل لو تطلب الأمر فأعطه روحك فإن للكتاب روحاً مثلك بل أحياناً عدة أرواح..
من منا لا يملك صديقا من بين الكتب؟
كان هذا الصديق شخصية وردت في رواية أو كاتبا أو حتى شجرة أو حيوان؟
لدي الكثير من أصدقاء الكتب ومن مختلف الأعمار والجنسيات تربطني بهم علاقة وطيدة لأن علاقتنا بُنيت على حب العلم والمعرفة.
جرب ولن تخسر أبدا فهذه دعوة إلى السعادة أعرضها عليك دون ثمن..
هذه بعض الأقوال التي قيلت في القراءة والكتب:
يذكر إلبرتو مانغويل في كتابه "المكتبة والليل"، أن السَّكندريِّين كانوا يَفخرون بهذه المكتبة التي حفظت فيها الذاكرة حيَّة، حيث أصدر "بطليموس" مرسوماً يقضي بالحجز على كل كتاب يدخل إلى ميناء الإسكندرية واستنساخه، ونتيجة لهذا الوعد صارت الكتب التي تجمعت في المكتبة تعرف باسم "مكتبة السفينة"!
وهنا بعض الأقوال عن القراءة والكتب:
"لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمراً في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً".
عباس محمود العقاد
"قارئ الحرف هو المتعلم، وقارئ الكتـب هـو المثقـف".
نجيب محفـوظ
"أنـا من بدّل بالكتب الصحابـا
لم أجـد لي وافياً إلا الكتابـا".
أحمـــــد شوقـي
"جعلـت كتبي أنيساً من دون كل أنيس
لأني لست أرضى إلا بكـل نفيـــــــس".
عبدالله بن المعتـز
"نعم الأنيس إذا خلوت كتاب تلهو به إن خانك الأصحـاب
لا مفشياً سراً إذا استودعته وتُفاد منه حكمـــة وصواب".
العقـد الفريـد لابن عبـد ربـه
"أعـز مكـان في الدنــى سرج سابـح
وخيـر جليس في الأنـام كتاب"
أبو الطيب المتنبي
قيل للمأمون ما ألذ الأشياء؟
قال التنزه في عقول الناس (يعني القراءة في الكتب)
المأمون.
"ومـا رأيت أحداً وفي يده دفـتر، وصاحبـه فـارغ اليـد، إلا اعتقدت أنه أعقل وأفضل من صاحبـه"
أبـو عمرو بن العـلاء
"يذهـب الحكيم وتبقى كتبـه، ويذهب العقل ويبقـى أثــره".
الجاحــــظ
"كــل مصحـوب ذو هفــوات، والكتـاب مأمـون العثـرات".
ابن المقفـــع
"كـان العلم في صـدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتاب، ومفاتحه بأيدي الرجال".
الموافقات للشاطبـي
"أن تقرأ، يعني أن تجـد الصديق الذي لن يخونك أبـداً".
الكاتب الفرنسي مونتين
"القراءة تصنـع الرجـال".
فرانسيس بيكون
"أحيـــاناً تكـون قراءة بعض الكتـب أقوى من أي معركـة".
هنري والاس
"الكتـاب معلمُّ صـامت".
أولوس جاليوس
قيـل لأرسطـو: كيـف تحكم على إنسـان؟
فأجـاب: أسأله كم كتاباً يقرأ وماذا يقـرأ
أرسطـو
"إن الكتاب وهو ملقى على الرف أشبه بالجسم الميت تدب فيه الحياة إذا ما امتدت إليـه يـد القارئ".
جان بول سارتر
"لم أعرف فـي حياتي ساعات أحلى وأسعد من تلك التي قضيتها بين كتبي"
جيمس شيرلـي
"إن من يقـرأ كثيـراً تساوره الرغبـة في أن يكتــب"
جورج كـردب
"صداقة الكتب أفضل من صداقة الناس، فهي لا تتكلم إلا عندما نريد نحن، وتسكت عندما يكون هناك ما يشغلنا. إنها تعطي دائماً ولا تطلب أبداً".
فرايهرفون مونشاهاوزن
"شأن من يملك كتباً كثيرة، ولم يقرأ منها شيئاً، شأن البخيل والكنز الذي جمعـه".
روكــرت
"الكتب ينبغي أن تؤدي إلى واحدة من هذه الغايات الأربع: إلى الحكمة أو التقوى أو المتعة أو الفائدة".
جون دنهـام
"يعز عليّ سوى ترك مكتبتي الخاصـة، فلولا الكتب في هذه الدنيـا لوقعـت منـذ زمـن طويـل فريسة لليـأس".
شوبنهـار
"أنت لا تستطيـع أن تفتـح كتاباً من الكـتب، دون أن تتعلم منه شيئاً".
مقولة صينية
"اقـرأ كتاباً للمـرة الأولى تتعرف إلى صديـق، اقرأه مرة ثانيـة تُصادف صديقاً قديمــاً".
حكمـة صينيـة
سُئل عبدالله بن محمد بن اسماعيـل البخاري عن دواء للحفـظ فقال: إدمـان النظر في الكتـب.
ياليت قومي يعلمون.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.