تحقيق العدل الكوني كيف؟

إن هدف الدين أي دين ومبدأ إصلاحي هو ثلاث فردي واجتماعي وعالمي، فأما الفردي فهو تركيب البوصلة الأخلاقية عند الفرد، فالإنسان بدون سلم قيم في الحياة يتحول إلى وحش كاسر.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/13 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/13 الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش

حين كان يوسف عليه السلام يودع صديقه الذي أفرج عنه من محبسه بقوله: اذكرني عند ربك، لم يكن يقصد بكلمة ربك أكثر من الملك.. إبراهيم عليه السلام في مواجهته النمرود بالحجة تبجح الآخر أن آتاه الله الملك فقال أنا من يمنح الحياة ويسحبها. قال أنا أحيي وأميت؟ هنا لو ذهب إبراهيم يحاججه إلى المساء لما نفع فعمد إلى حجة عجيبة فبهت لا يملك جوابا؟ قال له إن الله يحرك الكواكب ويطلق الشمس من المشرق هات فأطلقها من المغرب؟

من الملفت للنظر أيضا أن سورة يوسف تزدحم بكلمة ملك وليس فرعون ( قال الملك إني أرى ..) وهي تحتاج إلى تحقيق تاريخي مفصل، ويبدو أن يوسف جاء في فترة انقطع فيها حكم الفراعنة إلى قطعتين. الحقبة الأولى حكم فيها الفراعنة، ثم اقتحم مصر لون من الغزاة هم (الهكسوس) وحكموا مصر فترة من الزمن قد تكون أكثر من قرن، وفي هذه الفترة دخل يوسف مصر ورفعه الملك إلى منصب خطير جدا، بعد قراءة المستقبل المهدد للشعب الفرعوني. حين قال للملك أن ماينتظر مصر وفق المنام أن هناك سبع سنوات من القحط والمجاعة في مصر، ولذا يجب تخزين الطعام لتلك السنوات العصيبات الممثلة في بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان. بالطبع إن تأويل المنام على هذه الطريقة من قراءة المستقبل جدا خطيرة، فلولم يتحقق هذا فرأس يوسف أصبح في الميزان؟ ولكنها رؤية النبوة وهي تدخل حسب الفيزياء الحديثة بوابة المستحيل والذي يكسر قانون السببية.

يقول (ميشيو كاكو) في كتابه فيزياء المستحيل أن ثمة عشرة استحالات في الفيزياء الحالية المعروفة، منها خمسة كسرت أو قاربت مثل استخدامات (مضاد المادة = Antimatter)، و(التليباثي(Telepathy) أي التخاطر من بعد، و(تحريك الأشياء من بعد = Psychokenesis) بواسطة موجات الدماغ، ثم النقل الفوري العيد لأشياء (Teleportation) وأخيرا القدرة على الاختفاء(Invisibility)، والسبب في التمكن منها ولو قريبا أنها لاتخرق في مجموعها قوانين الفيزياء المعروفة. ومنها ثلاثة من الصنف الثاني أيضا لاتتعارض مع قوانين الفيزياء المعهودة ولكنها تتطلب وقتا لتحقيقها قد يأخذ قرونا وهي ماهو أسرع من الضوء؟ والدخول في أحشاء الكون من خلال الثقوب الدودية فنكسر المسافات الرهيبة، وأخيرا الدخول إلى عالم الأكوان الموازية. ليصل في النهاية إلى أمرين تتكسر على عتبتها قوانين الفيزياء التي نعرفها فلا يمكن الوصول لها بأي سبيل وهي اثنان: الآلات دائمة الحركة، واستبصار المستقبل، وهو مافعله يوسف وكثير من الأنبياء كما في النبي دانييل مع الملك الآشوري نبوخذ نصر وكان الاختبار أفظع من رؤية يوسف، حين قال له الملك أخبرني بما رأيت أنا قبل أن تفسر أنت المنام، فأخبره النبي دانيال بالرؤية وتأويلها، ومن هذا القبيل أيضا المغامرة القرآنية في استبصار المستقبل بهزيمة الفرس خلال سنوات أمام جيوش بيزنطة؟ لنتصور لو أظهرت الأحداث كذب نبي الرحمة ص حين غامر بمستقبله الفكري كله حين قال في افتتاحية سورة الروم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين؟ إنها مغامرة رهيبة بكل مصداقية النبوة؟ أليس كذلك؟

إن هدف الدين أي دين ومبدأ إصلاحي هو ثلاث فردي واجتماعي وعالمي، فأما الفردي فهو تركيب البوصلة الأخلاقية عند الفرد، فالإنسان بدون سلم قيم في الحياة يتحول إلى وحش كاسر. لذا كانت تعليمات النبوة في كلمات أولها لا تقتل (تذكروا مجرمي داعش؟) وأما الوظيفة الاجتماعية فهي تحقيق مجتمع العدل. ومنه يجب حذف كلمة دولة إسلامية من قاموس كلماتنا، فلم يمارس الظلم بأشد من ممارسته تحت مظلة الشعارات، وفي السودان علق محمود طه المفكر الإسلامي بتهمة الردة تحت تطبيق الشريعة الإسلامية أيام جعفر النميري.

أما المهمة العالمية فهي إرساء السلام بين الأنام وتحقيق التعارف بين الشعوب والأمم والقبائل. وفي هذا الصدد يجب تحرير مفهوم الجهاد بشقه المسلح أي استخدام القوة المسلحة أنها يجب أن تكون تحت تحالف دولي من أجل رفع الظلم عن الإنسان أينما كان ومهما دان، في ظروف التطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن يكون استخدام القوة المسلحة تحت مفهوم الحرب العادلة كآخر خيار، ومازال العالم حتى يومنا الحالي لم يحل هذه المشكلة على نحو سليم وعادل، وهذا سوف يتحقق بأمرين الأول إلغاء مجلس الأمن (المجلس الإجرامي الانتقائي الذي يعرقل ولادة العدل في العالم)، وتحويل جمعية الأمم إلى برلمان عالمي عنده قدرة وأدوات تنفيذ العدل، فيوقف سفك الدماء في رواندا وسوريا، ويلوي ذراع إسرائيل ويفشل مخططات بوطين في اجتياح الشرق الأوسط وهكذا…

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد